صحافة أمريكية تجنبت ذكر السبب الذي دفع آرون بوشنل لإحراق نفسه..
أصبح مشهد العسكري الأمريكي الذي أضرم النار في نفسه أمام مقر سفارة تل أبيب لدى واشنطن "للتنديد بالإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، موضوعا ساخنا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم ذلك، فضلت الصحافة الأمريكية في عناوين أخبارها المتعلقة بالعسكري في القوات الجوية آرون بوشنل (25 عاما)، عدم ذكر السبب الذي دفعه لإحراق نفسه.
والاثنين، توجه بوشنل نحو السفارة الإسرائيلية في واشنطن، ولدى وصوله سكب بنزينا على رأسه وأضرم النار في نفسه وهو يصرخ "الحرية لفلسطين" مرارا وتكرارا حتى توقف عن التنفس، لتعلن شرطة واشنطن لاحقا مفارقته الحياة.
وقبيل إضرامه النار بنفسه، قال بوشنل أمام السفارة: "سأنظم احتجاجا عنيفا للغاية الآن، لكن احتجاجي ليس كبيرا بالمقارنة مع ما يعيشه الفلسطينيون على أيدي محتليهم".
وأظهرت المشاهد أحد أفراد شرطة السفارة وهو يقول لبوشنل "هل يمكنني مساعدتك؟" و"استلق على الأرض"، فيما يقول الشرطي الآخر "نحتاج إلى مطفأة حريق وليس مسدسا".
ومع انتشار مشاهد بوشنل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، صدرت تصريحات من شخصيات عديدة عبر مختلف المنصات بشأن الحادثة.
ونشر رئيس مجلس إدارة منظمة "الرؤية الوطنية" (PVA) وممثلها في الأمم المتحدة، محمد صفا، صورة بوشنل بين ألسنة اللهب، وقال: "هذه الصورة يجب أن تأخذ مكانها في الصفحة الأولى من جميع صحف العالم".
بدورها، لفتت الكاتبة والباحثة في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، آسال راد، إلى عناوين الأخبار التي نشرتها نيويورك تايمز ورويترز وسي إن إن وواشنطن بوست بشأن إضرام بوشنيل النار في نفسه.
وأشارت راد أن عناوين الوسائل الإعلامية المذكورة لم تتطرق إلى سبب قيام العسكري الأمريكي بحرق نفسه.
كما شاركت فيوريلا إيزابيل، الصحفية والخبيرة في الشؤون الجيوسياسية في صحيفة روسيا اليوم، مشهد بوشنيل، لافتة إلى "وقوف الشرطة على أهبة الاستعداد لإطلاق النار على العسكري الذي كانت تأكل جسده النيران".
وقال مراسل الجزيرة رامي عياري: "عندما أنظر إلى صورته، أبكي عندما أفكر في الألم الذي عاناه من أجل الوقوف ضد الإبادة الجماعية في فلسطين".
وشدد عياري على ضرورة "ألا تذهب تضحية بوشنل سدى وأن يسمعها العالم أجمع".
وأفاد الموسيقي البريطاني لوكي أنه "من المحتمل أن تقوم قريبا صحيفة وول ستريت أو نيويورك تايمز بتعيين عميل مخابرات إسرائيلي سابق لكتابة مقال يشوه سمعة بوشنل".
بدورها قالت الكاتبة الأسترالية كايتلين جونستون إن بوشنل "كان على حق في احتجاجه".
وأضافت: "الناس في غزة يُحرقون أحياء، ويختنقون حتى الموت تحت المباني المنهارة، ويخضعون لإجراءات طبية دون تخدير، ويتضورون جوعا، ويموت أحباؤهم أمام أعينهم".
وذكرت جونستون أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يحرق فيها شخص نفسه في الولايات المتحدة، حيث قام متظاهر مجهول بإضرام النار في نفسه بالعلم الفلسطيني أمام القنصلية الإسرائيلية في أتلانتا في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ومن جانبه، قال الناشط البحريني في مجال حقوق الإنسان نبيل رجب إن بوشنل أظهر رفضه موقف الحكومة الأمريكية "التي تدعم الإبادة الجماعية" في غزة.
الصحافة الأمريكية لم تُضمّن رسالة بوشنل في عناوينها
ورغم انتشار مشاهد العسكري الأمريكي وهو يضرم النار في نفسه على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان "الاحتجاج من أجل غزة"، إلا أن المؤسسات الإعلامية الأمريكية الرائدة تجنبت استخدام رسائل بوشنل حول غزة وفلسطين والإبادة الجماعية في عناوينها الرئيسية أثناء تغطيتها للحدث.
ولم تدرج صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست وسي إن إن وفوكس وفوربس وأسوشيتد برس وهافينغتون بوست في عناوينها الرئيسية، ما قاله بوشنل بشأن "الإبادة الجماعية" ودعوته إلى حرية فلسطين .
واكتفت رويترز وذي ميرور وتيليغراف والغارديان وبي بي سي البريطانية بالعناوين الرئيسية حول حادثة بوشنل بعبارة "طيار أمريكي أضرم النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية".
فيما ذكرت صحيفة ذي إندبندنت، في العنوان أن إضرام بوشنل النار في نفسه جاء "احتجاجا على الإبادة الجماعية".
ونشرت لو فيجارو وفرانس 24 ولو باريزيان وفرانس تي في إنفو الفرنسية، خبر حرق بوشنل نفسه تحت عنوان "الحرب بين إسرائيل وحماس وغزة".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء وتسببت بدمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".