انتقد المحلل العسكري بصحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هارئيل "محدودية خيال" إسرائيل واستخفافها بعدوها، وعدم اعتبارها عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 سيناريو واقعيا للحرب الشاملة في حالة نشوبها في قطاع غزة.
وقال هارئيل في مقال يوم الجمعة: "بعد مرور قرابة نصف عام، بدأت الصورة فيما يتعلق بما حدث (في 7 أكتوبر) تتضح، ومن الواضح فعليا أن السيناريوهات المتطرفة التي حدثت يومها، لم يتم تدرب الجيش عليها إلا بالكاد قبل الحرب".
واعتبر أن "محدودية الخيال وربما أيضًا الاستخفاف بالعدو، منعت الجيش الإسرائيلي ومجتمع الاستخبارات من اعتبار مثل هذا الغزو الضخم الذي قامت به حماس، بمثابة سيناريو واقعي يجب الاستعداد له".
وتابع: "يبدو أن العديد من كبار القادة ورجال المخابرات، تخيلوا مسلحي حماس مثلما كان يعاملهم جدعون ليفي (صحفي إسرائيلي) على مر السنين في مقالاته في صحيفة هآرتس: ميليشيا حافية القدمين كانت قدرتها على إلحاق الضرر محدودة وتقتصر على إطلاق صواريخ غير دقيقة".
وأشار هارئيل إلى أن "النهج العملي المحتمل الرئيسي الذي أجريت عليه التدريبات (الإسرائيلية) على مر السنين يتعلق بغارة قامت بها سريتان من قوة كوماندوز النخبة التابعة لحماس عبر نقطتين أو ثلاث نقاط على طول الحدود، دون أي إنذار استخباراتي مبكر".
ولفت إلى أنه "في عام 2016، تم إجراء تمرين غير عادي في فرقة غزة (للجيش الإسرائيلي) ووضع الجنرال ميكي إدلشتاين، الذي كان يقود الفرقة في الماضي، سيناريو تقوم فيه القوات المهاجمة بإغراق الحدود من عدد كبير من النقاط".
وأورد في مقاله أن الفرقة والقيادة الجنوبية "واجهت صعوبة في التعامل مع الأمر، واشتكى العديد من القادة المشاركين في التمرين من أن السيناريو انحرف إلى اتجاهات خيالية وغير معقولة".
وشدد على أنه "منذ ذلك الحين، يبدو أن أحدا لم يتدرب جديا على سيناريو حرب شاملة في غزة، والتي قد تندلع بهجوم مفاجئ".
وعليه، وصف هارئيل ما حدث بمستوطنات غلاف قطاع غزة في 7 أكتوبر بأنه "طوفان"، وقال: "تبين أن التسمية التي أطلقتها حماس على الهجوم، طوفان الأقصى، كانت مناسبة".
وأشار إلى أنه في الساعات الأولى من الهجوم عبر أكثر من 2000 مسلح من "حماس" الحدود وتبعهم مدنيون فلسطينيون، على حد زعمه.
واستدرك قائلا: "كان بمثابة تسونامي اخترق خط السياج الحدودي" بين غزة وإسرائيل.
وتحدث عن تحديد الجيش الإسرائيلي حوالي 60 نقطة على طول السياج الحدودي الذي تم اختراقه، بدعم من حوالي 4000 صاروخ تم إطلاقها من غزة على المستوطنات داخل إسرائيل، معظمها في الساعات الثلاث الأولى من الهجوم.
وتابع: "صباح يوم الهجوم، كانت هناك ثلاث كتائب مشاة منتشرة على طول الحدود مع قطاع غزة، إلى جانب كتيبة مدرعة أصغر، لكن الجدل حول الوجود المحدود للقوات يعوقه الفجوات في المعلومات والتشويه السياسي والصمت لفترة طويلة من جانب الجيش".
ورأى أن "الانتشار الضعيف (للقوات الإسرائيلية) خاصة في الجنوب، يعكس موقفا غير جدي بما فيه الكفاية من قبل الجيش الإسرائيلي تجاه المخاطر".
وذكر أن جنديات إسرائيليات كن في مهمة متابعة تصرفات "حماس" من الجو حذرن "من التغيرات المثيرة للقلق في سلوك حماس على طول الحدود والتي ربما تشير إلى هجوم وشيك".
وفي فبراير/شباط الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيبدأ تحقيقاته الداخلية في "إخفاق" 7 أكتوبر عندما هاجم مقاتلو "حماس" عددا من المستوطنات المحاذية للقطاع، رغم معارضة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من التحقيق في أي إخفاق بينما الحرب لا تزال دائرة.
وعقب إطلاق "حماس" عملية "طوفان الأقصى"، أقر مسؤولون إسرائيليون بالمسؤولية عما حدث، ووصفوه بـ"الفشل والإخفاق الأمني"، باستثناء نتنياهو.
وكان العديد من المسؤولين الأمنيين والسياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي، قالوا إن ما جرى في ذلك اليوم بمثابة "إخفاق أمني وعسكري واستخباري وسياسي إسرائيلي".
وفي 7 أكتوبر، أطلقت حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية عسكرية سمتها "طوفان الأقصى"، ردا على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
وتقول إسرائيل أن "حماس" قتلت في الهجوم 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، كما أسرت نحو 239 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، بادلت جزءا منهم خلال هدنة استمرت أسبوعا بعشرات الأسرى الفلسطينيين، في سجون إسرائيل. - - -