النفايات.. قاتل صامت يتربص بحياة أهالي قطاع غزة المحاصر

نازحون فلسطينيون يصطفون لملء حاوياتهم بالمياه في مدينة غزة، قطاع غزة في 22 أبريل 2024. تصوير :خالد داود

مع دخول الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة شهرها السابع، أصبح تفشي النفايات وتراكمها بفعل القصف المتواصل وما رافقه من موجة نزوح هائلة لمئات الآلاف من السكان، بمثابة قاتل صامت يفتك بأرواح سكان القطاع ليفاقم من معاناتهم مع الموت والفقد يوما بعد يوم.

ويعاني الفلسطينيون النازحون لاسيما في شمال قطاع غزة من تفاقم مشكلة تراكم النفايات بشكل عشوائي في الشوارع والأزقة، ما يسبب انبعاث روائح كريهة وتواجد كثيف للحشرات، وهو ما نتج عنه تفشي للعديد من الأمراض.

وقال شهود عيان لوكالة الأناضول إن تلك النفايات "فاقمت" من معاناة النازحين في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وقالوا إنهم باتوا يواجهون "تحديات جسيمة" بسبب الظروف القاسية والحرجة التي يعيشونها.

وفي هذا الشأن، ناشدت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، كافة المؤسسات المعنية و الأممية والإنسانية بضرورة وسرعة التدخل لإنقاذ سكان القطاع من الأمراض الناتجة عن التلوث.

وأبرزت في بيان انتشار العديد من الأمراض والأوبئة نتيجة طفح مياه الصرف الصحي في الشوارع وبين خيام النازحين، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب بالقدر الكافي.

واعتبرت أن هذا الوضع "ينذر بحدوث كارثة صحية خاصة بين الأطفال"، مشيرة إلى رصد العديد من حالات الحمى الشوكية ومرض الكبد الوبائي بين المواطنين.

 جبال من القمامة

وأمام إحدى مدارس النزوح في شمال قطاع غزة، تتراكم النفايات في كل مكان مشكله "جبال من القمامة"، مما يضع النازحين في موقف صعب بين ظروف النزوح القاسية وتفشي النفايات المتراكمة التي تسبب الأمراض.

وبحسب مراسل الأناضول، يتجه بعض الأشخاص إلى حرق النفايات فتنطلق سحب من الدخان الأسود يرافقها انبعاث روائح كريهة في المكان.

وتضاعف هذه الممارسات من معاناة النازحين، حيث ينجم عنها تأثيرات سلبية على صحتهم بسبب الروائح الكريهة الضارة التي تنبعث أثناء حرق النفايات، بيهم المسنة الفلسطينية النازحة، أم رمزي أبو رشيد (71 عاما) التي تعاني من مشكلات في الصدر ناتجة عن انتشار روائح النفايات الكريهة في المنطقة.

وقالت لوكالة الأناضول: "أعاني من ضيق في التنفس، والسعال ومشكلات أخرى بالصدر بسبب روائح النفايات التي انتشرت بشكل كبير في الشوارع والطرقات".

وأوضحت أنه في فترة المساء، تنتشر حشرة البعوض والقوارض وحشرات أخرى، ما يسبب لها إزعاجا بالغا.

ولا تمتلك المسنة النازحة الأموال لشراء الأدوية اللازمة للتخفيف من أزمتها الصحية الناتجة عن حرق النفايات، لتعيش معاناة لا تنتهي بعدما فقدت منزلها بشكل كامل في قصف استهدف بلدة بيت لاهيا في مخيم جباليا شمالي القطاع، قبل 7 أشهر.

ولخصت أبو رشيد أمنيتها الحالية في عبارة واحدة وهي "أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن، ليتمكن سكان القطاع من العيش بكرامة وأمان".

مشكلة متكررة

مشكلة أبو رشيد ليست الوحيدة، إذ يشتكي الفلسطيني أيمن الكفارنة (45 عامما) من مشكلات صحية ناتجة عن انتشار النفايات في مناطق واسعة في قطاع غزة.

وقال لوكالة الأناضول: "الأمراض منتشرة بشكل كبير، ولا يوجد حلول لمشكلة البعوض والقوارض".

وأكد أن الجميع في شمال قطاع غزة "يعاني من السعال وضيق التنفس بسبب انتشار الروائح الكريهة، التي تصاحب حرق النفايات في مناطق مختلفة".

والأسبوع الماضي، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من تداعيات صحية وبيئية "خطيرة" على سكان شمال القطاع، على خلفية التلوث البيئي "غير المسبوق" الذي خلفه تكدس جبال نفايات، ومئات المقابر الجماعية المؤقتة، وركام المنازل جراء القصف الإسرائيلي.

وكشف المكتب الحكومي في بيان أن مناطق شمال قطاع غزة "تتعرض لمكرهة صحية وتلوث بيئي غير مسبوق ينذر بتداعيات صحية وبيئية خطيرة على أكثر من 700 ألف نسمة يعيشون فيها".

ولفت إلى "تكدس جبال من النفايات، ومئات المقابر الجماعية المؤقتة، وركام المنازل في مختلف المناطق"، موضحا أن حجم النفايات المنتشرة يقدر بأكثر من 75 ألف طن، في حين تنتشر مئات آلاف أطنان الأنقاض وركام المنازل.

وكشف البيان الحكومي أن هذه النفايات تسببت بانتشار الأمراض المعدية لآلاف المواطنين، لا سيما الكبد الوبائي والأمراض الجلدية، وباتت بيئة خصبة لتكاثر الذباب والبعوض والحشرات والزواحف الضارة، فضلا عن تأثيرها البيئي لقيام المواطنين بإضرام النار فيها.

ووفقا للسلطات في قطاع غزة، يزداد هذا الواقع سوءا في ظل عدم قدرة البلديات على التعامل مع هذه الكميات الضخمة من النفايات والركام، نظرا لعدم توفّر الآليات والمعدات المناسبة، بعد قصف الاحتلال لعشرات المعدات والآليات التابعة للبلديات، وكذلك عدم وجود الوقود الكافي.

وتشن إسرائيل منذ نحو 7 أشهر، حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية ودمار هائل في البنى التحتية، وهو ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - محمد ماجد/ الأناضول