بينما يتجول الشاب أشرف مهنا (47 عامًا)، في أحد أسواق مدينة غزة، يشعر بالحيرة لاستنفاذ البسطات والمحال التجارية من الخضروات والفواكه والمواد الغذائية تماما.
وفي أثناء مشيه في أزقة "سوق الصحابة" بحي الدرج بالمدينة، يلتفت فجأة إلى صوت بائع يتجاوز ضجيج المتزاحمين، يروّج لبضاعته بصوت مرتفع، جاذبًا انتباه العديد من المتسوقين الذين صُدموا بأسعار الخضراوات المرتفعة.
ويتعجب الأب لـ6 أطفال من أسعار الخضروات الشحيحة المتوفرة، حيث وصل سعر كيلو البصل المستورد ذي الجودة المتوسطة إلى 80 شيقل (نحو 22 دولارًا أمريكيًا)، في حين تجاوز سعر كيلو البندورة 60 شيقل.
ويقول لمراسل الأناضول بنبرة غاضبة: "حالنا لا يبشر بالخير صديقًا ولا عدوًا، السوق شبه فارغ، ويبدو أننا على مشارف المجاعة مجددًا".
ويضيف أن أسواق غزة والشمال انتعشت لأيام محدودة بعد فتح المعابر وإدخال البضائع والمنتجات المختلفة، قبل عودة الأزمة مجددًا بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر.
وعانى أهالي شمال غزة، جراء العدوان وقيود الاحتلال في الشهور الماضية، من "مجاعة" في ظل شح شديد فرضته إسرائيل على إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مما تسبب في وفاة عدد من الأطفال وكبار السن.
الحاجة زينب السودة، تقول: "أسعار اللحوم المعلبة ذات الحجم الصغير، سواء البقرية أو الدجاج منها، ارتفعت إلى 8 شواقل بعد أن وصل سعرها إلى 2 شيقل فقط، فيما وصل سعر علبة الفول الواحدة إلى 14 شيقل بعدما كانت 4 شواقل.
وتشير إلى أن "عائلتها المكونة من 16 فردًا تحتاج إلى توفير كمية مناسبة من المعلبات لسد جوع الأطفال وأفراد العائلة، وهذا مكلف جدًا في هذا الوضع الصعب الذي نعيشه".
وأوضحت السودة أن أسواق قطاع غزة تخلو في الوقت الحالي من الدواجن واللحوم، وأنه في حال توفرت، تكون أسعارها جنونية.
وتأمل أن ينتهي العدوان الذي سبب أوضاعًا مأساوية لم تحصل قبل ذلك في قطاع غزة، وأن تُفتح المعابر أمام البضائع والاحتياجات الأساسية والمساعدات الإغاثية.
ويعاني سكان شمال قطاع غزة، البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة، من نقص حاد في المواد الغذائية والخضروات، نتيجة استمرار إغلاق إسرائيل للمعابر الحدودية وعدم دخول الشاحنات إلى الشمال، ما يعيد "شبح المجاعة" إلى الواجهة من جديد، وفقًا لمسؤولين محليين ومنظمات دولية.
وفي 7 أيار/ مايو الجاري، احتلت قوات الاحتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي ما أدى إلى توقف تدفق المساعدات إلى القطاع وسفر الجرحى والمرضى إلى الخارج لتلقي العلاج.
وحذر مسؤولو إغاثة وخبراء صحة، من "مجاعة في قطاع غزة خلال أيار/ مايو الجاري، ما لم ترفع إسرائيل القيود عن المساعدات ويتوقف العدوان وتعود الخدمات الحيوية.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية عن مسؤولي إغاثة وخبراء صحة (قولهم) إننا "نتوقع مجاعة في غزة خلال الشهر الجاري ما لم ترفع إسرائيل القيود عن المساعدات".
وأوضحوا أن "الجوع يتفاقم في غزة مع تواصل الهجوم الإسرائيلي على رفح" جنوب قطاع غزة.
وقال جانتي سويريبتو، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة الأمريكية: "لم نشهد شيئًا كهذا (الوضع في قطاع غزة) من قبل في أي مكان في العالم"، حسب "نيويورك تايمز".
وفي وقت سابق الجمعة، أمرت محكمة العدل الدولية، إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في رفح، والحفاظ على فتح معبر رفح لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وتقديمها تقريرا للمحكمة خلال شهر عن الخطوات التي ستتخذها".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 35,984 مواطنا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 80,643 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.