اضطر المزارعون في منطقة شمال غزة المحاصرة، إلى التدرج البطيء في عملية توسيع رقعة الزراعة، في ظل الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة لهم، خاصة في منطقة شمال غربي بيت لاهيا، في أقصى محافظة الشمال.
فرغم نجاح بعض المزارعين في توسيع رقعة المساحات المزروعة، مؤخراً، إلا أن الخوف يسيطر عليهم وعلى الراغبين في استئناف الزراعة في المنطقة بسبب عمليات القصف شبه اليومية التي تتعرض لها المنطقة، ويتعرض لها مزارعون وعاملون في المنطقة بسبب محاذاتها للحدود الشمالية للقطاع مع اسرائيل.
وبين حقول الملوخية والباذنجان التي نجح بعض المزارعين في إحيائها، مؤخراً، تحدث مزارعون لـ"الأيام" عن عقبات كثيرة تعترض توسيع رقعة الأراضي المزروعة، في مقدمتها الاستهدافات المتكررة والمتعمدة لجيش الاحتلال للمزارعين في المنطقة التي كانت تشكّل السلة الغذائية لسكان محافظة شمال غزة، قبل أن تقوم قوات الاحتلال بتدميرها بالكامل خلال عدوانها المتواصل على القطاع منذ أكثر من تسعة أشهر.
وتشكل الأصوات المرتفعة لطائرات الاحتلال الحربية المسيرة فوق المنطقة مصدر إزعاج وخوف شديدين للمزارعين، الذين سرعان ما يغادرون المنطقة عند حدود الساعة الثانية عشرة ظهراً، والتي تشير إلى بدء النشاط العسكري الإسرائيلي في المنطقة، يومياً، كم ذكر المزارع محمود رجب أحد المزارعين الرئيسين في المنطقة.
وقال رجب، في أواخر الأربعينيات من عمره، إنه وعند حلول الساعة الثانية عشرة ظهراً يغادر حقله الزراعي الموجود في جورة أبو حلوب، وسط المنطقة الزراعية غرب بيت لاهيا، حتى لو كان ذلك على حساب الاعتناء بالزراعة.
وأوضح رجب أنه ومجموعة محدودة من المزارعين نجحوا على مدار الأسابيع الأخيرة في استصلاح بضع عشرات من الدونمات، وزراعتها بالملوخية والفلفل والباذنجان، من أجل ضخها في الأسواق التي تعاني من نفاد كامل في جميع أصناف الخضراوات منذ الشهر الأول للعدوان، ولكنه اشتكى من عدم قدرته على إتمام عملية الزراعة والاعتناء بالمحاصيل الزراعية بشكل كامل، بسبب الاستهدافات وعمليات القصف الإسرائيلية التي تتعرض لها المنطقة يومياً في ساعات ما بعد الظهر.
ويشاركه الرأي المزارع حازم حمدونة الذي يسابق ومجموعة من المزارعين العاملين لديه الزمن لقطف الباذنجان، وري حقلين مزروعين بالملوخية والذرة قبل بدء موجة القصف الإسرائيلية.
وسرعان ما طلب من المتواجدين في المنطقة التجهز لمغادرة المنطقة عند حلول الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر أمس، باتجاه المنطقة السكنية التي تبعد نحو 2 كيلومتر.
وقال حمدونة، إن لديه الإمكانيات الفنية والمادية واللوجستية لزراعة المزيد من الأراضي في المنطقة، ولكن قوات الاحتلال لا ترغب في ذلك مطلقاً، والدليل على ذلك قصفها المتكرر لمنطقة تواجد المزارعين.
وأشار إلى أن المزارعين يواجهون أخطاراً محدقة بسبب تواجدهم في هذه المنطقة الأخطر في محافظة شمال غزة.
وبيّن حمدونة أن إصرار المزارعين على التوسع شمالاً في مجال الزراعة يجابهه الاحتلال بالمزيد من التوغلات المحدودة والقصف المدفعي والمراقبة الجوية الدائمة.
فيما عبّر المزارع أحمد المسلمي عن ارتياحه من زيادة رقعة المساحة المزروعة في المنطقة، مقارنة عما كانت عليه قبل نحو شهرين.
وقال، إنه وفي غضون شهرين فقط زادت المساحة المزروعة بأكثر من 100 دونم جُلها مزروع بالملوخية والباذنجان والفلفل والقليل من محصول الذرة، واعتبر ذلك إنجازاً عظيماً في ظل العدوان المتصاعد.
وأوضح المسلمي أن هذه الزيادة أسهمت بشكل واضح في توفير هذه الأصناف بالأسواق رغم ارتفاع أسعارها التي تتراوح بين 30 و50 شيكلاً للكيلو الواحد.
وعمدت قوات الاحتلال إلى خفض مستوى تحليق الطائرات المسيّرة في المنطقة عند اقتراب انتصاف اليوم وخلال خروج جميع المزارعين من المنطقة، في إشارة إلى التهديدات الحقيقية التي يواجهها المزارعون والعاملون في المنطقة.
ولفت المسلمي إلى أن قوات الاحتلال تعلم جيداً أن جميع الذين يدخلون المنطقة هم من المزارعين المسالمين ليس لديهم أي أهداف أخرى غير العمل والزراعة لإطعام المواطنين الجوعى في منطقة شمال غزة، التي ترزح تحت عدوان وحصار إسرائيليين مشددين منذ اليوم الأول للعدوان، أدى إلى انتشار المجاعة بشكل مخيف ومميت بين السكان.
وترفض قوات الاحتلال، حتى اللحظة، السماح بإدخال جميع أصناف الخضراوات والفواكه واللحوم والمحروقات وغاز الطهي إلى المنطقة، رغم المناشدات والمطالبات المحلية والدولية المُلحة والمتواصلة.