اعلن الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية فجر اليوم الأربعاء عن هجوم واسع النطاق شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي، في عملية تُعد الأضخم منذ اجتياح نيسان 2002. وقد أسفر الهجوم عن استشهاد 10 فلسطينيين، وإصابة واعتقال عشرات آخرين، إضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية، وفرض حصار على المستشفيات في جنين وطوباس وطولكرم.
تصريحات خطيرة وتحريض على التهجير القسري
فيما كان الهجوم مستمراً، أدلى وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتصريحات خطيرة دعا فيها إلى "إخلاء قسري" للسكان في الضفة الغربية، مشابه لما يحدث في قطاع غزة. وأوضح كاتس عبر منشور على منصة "إكس" أن "التهديد في الضفة يجب التعامل معه كما هو الحال في غزة، وهذا يعني تنفيذ إخلاء للسكان". وبالفعل، أمهل جيش الاحتلال سكان مخيم نور شمس أربع ساعات لإخلائه والتوجه إلى ما سماه "نقطة آمنة"، حيث أقام نقطة تفتيش عسكرية في منطقة حارة المسلخ.
تأتي هذه التصريحات في سياق تاريخ طويل من الجرائم الإسرائيلية، حيث يستمر الاحتلال في التهديد بترحيل الفلسطينيين منذ نكبة 1948 التي شهدت تشريد أكثر من 950 ألف فلسطيني. وقد تزايدت الدعوات إلى التهجير القسري منذ السابع من أكتوبر الماضي، بقيادة وزيري المالية والأمن القومي الإسرائيليين، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يهددان يومياً بإبادة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.
تدمير ممنهج للبنية التحتية وقمع للمقاومة الفلسطينية
منذ ساعات الفجر، قامت جرافات الاحتلال بتدمير البنية التحتية لمخيمات الفارعة ونور شمس وجنين، بما في ذلك تخريب شوارع رئيسية وقطع الكهرباء وخطوط المياه في المناطق المستهدفة. وشاركت في العملية الواسعة آلاف الجنود مدعومين بجرافات مجنزرة من طراز "D9"، بالإضافة إلى طائرات مروحية ومسيرة.
وشملت القوات المشاركة في الهجوم أربع كتائب من حرس الحدود، وقوة مستعربين، وأربع كتائب من لواء "كفير"، ووحدة "دوفدفان"، ولواء من المشاة. واستهدفت الطائرات المسيرة ما يسمى بـ"الأهداف العسكرية"، كما قامت قوات الاحتلال بتوثيق العملية عبر تصوير كل ما يجري على الأرض.
حصار على المستشفيات وتهديد لحياة المرضى
لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على تدمير البنية التحتية، بل امتد ليشمل حصاراً على المستشفيات في جنين وطولكرم، حيث أعاقت قوات الاحتلال وصول سيارات الإسعاف، مما عرض حياة المرضى والمصابين للخطر. وحاصرت قوات الاحتلال مستشفى ابن سينا بالسواتر الترابية، كما فرضت حصاراً على مستشفى الشهيد خليل سليمان ومقري جمعيتي الهلال الأحمر وأصدقاء المريض.
التهديدات المتواصلة بإبادة الفلسطينيين والتهجير القسري
يتزامن هذا العدوان مع تزايد التهديدات الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية. فقبل أشهر، هدد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بأن مدينة طولكرم ستصبح مثل غزة اليوم. كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات لجماعات المستوطنين تهدد الفلسطينيين بتهجيرهم قسراً، وتدعوهم للبحث عن مكان آخر للعيش، محذرين من نكبة جديدة.
ردود الفعل الفلسطينية: دعوات للصمود ومواجهة التهجير
في هذا السياق، دعا عضو المجلس الثوري لحركة فتح، محمد الحوراني، العالم العربي إلى اتخاذ موقف أكثر حزمًا لمواجهة السياسة الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة، مؤكداً أن ما يجري على الأرض هو جزء من خطة شاملة تهدف إلى استهداف الشعب الفلسطيني من خلال التهجير القسري. وأكد الحوراني على ضرورة صمود الفلسطينيين في مواجهة هذه السياسات التي تهدف إلى حسم الصراع لصالح الاحتلال.
وأضاف الحوراني أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال هذه العمليات إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وتهميشها أمام شعبها، مشيراً إلى أن هذا التصعيد الميداني الخطير يأتي في إطار مخطط أكبر يهدف إلى تقويض أي إمكانية للسلام في المنطقة.
نور شمس: تاريخ من الصمود أمام التهجير
مخيم نور شمس، الذي أُنشئ عام 1950 على بعد حوالي 3 كيلومترات شرق مدينة طولكرم، يقطنه اليوم نحو 8690 نسمة داخله وحوالي 2000 نسمة خارجه. هذا المخيم الذي يحمل اسم معتقل نور شمس الذي استخدمه البريطانيون سجناً منذ عام 1919، يشهد اليوم محاولات جديدة من الاحتلال لتهجير سكانه.
عدوان متواصل ومخاطر متزايدة
يستمر العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية، مخلفًا وراءه شهداء وجرحى ودمارًا شاملاً. وبينما يتصاعد القمع العسكري، تزداد التهديدات الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين قسراً، ما يضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من التصعيد والمواجهات. وفي مواجهة هذه التحديات، يبقى الصمود الفلسطيني هو الرد الوحيد المتاح أمام محاولات الاحتلال لتغيير الواقع الديموغرافي في الضفة الغربية.