مع استمرار الحرب الإسرائيلية التي تدخل شهرها الحادي عشر، يواجه سكان محافظتي غزة والشمال صعوبات هائلة في الحصول على مياه نظيفة وصالحة للشرب. تتفاقم هذه الأزمة بسبب التلوث المنتشر وتزايد حالات الأمراض المعوية والتسمم بين الأطفال، نتيجة تدمير شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية، مما أدى إلى تسرب المياه الملوثة إلى الآبار الجوفية.
تشير تقارير المرصد الأورومتوسطي والمعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة إلى أن 97% من مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب، وهي مشكلة تفاقمت مع الحرب الجارية. وتسبب تدمير شبكات الصرف الصحي في تراكم المياه العادمة في الأحياء السكنية، مما دفع المواطنين إلى محاولة التخلص منها بحفر امتصاصية، إلا أن هذه الحفر غالباً ما تُنقب في أماكن خاطئة، مما يؤدي إلى تسرب المياه العادمة إلى الخزان الجوفي وتلويث مياه الشرب.
وقال سعيد العكلوك، رئيس قسم مراقبة المياه والصرف الصحي في وزارة الصحة بغزة: "إن تدمير الاحتلال لشبكات الصرف الصحي دفع المواطنين للبحث عن بدائل غير مناسبة، ما أدى إلى تلويث المياه الجوفية وزيادة خطر التسمم بين السكان". وأشار إلى أن عدم إجراء الفحوص اللازمة لهذه المياه قبل استخدامها تسبب في إصابة المئات بحالات تسمم.
من جانبها، تحدثت "أم محمد"، وهي أم لطفلين أصيبا بالتسمم جراء شرب مياه ملوثة في أحد مراكز الإيواء بحي تل الهوى في غزة. وقالت: "ابني محمد وابنتي سارة تعرضا لتسمم حاد بعد شرب مياه ملوثة، ورغم معرفتنا بخطورتها، لم يكن لدينا خيار آخر".
في ذات السياق، قالت الطفلة سمر السيد، البالغة من العمر 7 سنوات، إنها أصيبت بمرض معوي نتيجة شرب مياه ملوثة في المدرسة التي نزحت إليها مع عائلتها. وأضافت: "هذه ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها للتسمم بسبب المياه الملوثة".
وقد حذرت مؤسسات صحية وحكومية مراراً من انتشار أمراض معدية جراء شح المياه وتلوثها، خاصة بعد استهداف البنية التحتية بشكل متعمد من قبل الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى غرق مناطق واسعة بمياه الصرف الصحي خلال فصل الشتاء.
وأشار علاء العطار، رئيس بلدية بيت لاهيا، إلى أن الحرب دمرت نصف مضخات الصرف الصحي وأحواض تجميع مياه الأمطار، فضلاً عن أضرار كبيرة في شبكات المياه والصرف الصحي. فيما أكد حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية غزة، أن البنية التحتية في المدينة تدهورت بشكل كبير، مع تدمير 90 ألف متر طولي من شبكات المياه و62 بئراً، مما تسبب في أزمة مياه حادة.
وأوضح مهنا أن المياه المتوفرة حالياً تغطي 40% فقط من مساحة مدينة غزة، حيث يتم توفير 25 ألف كوب يومياً، في حين تظل مناطق واسعة دون إمدادات مياه بسبب الدمار وقطع الكهرباء. وأكد أن البلدية تعمل بالتعاون مع الشركاء لتحسين وضع المياه تدريجياً، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.