كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية اليوم الجمعة، أن الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جباليا شمال قطاع غزة، قد يستمر لأشهر في إطار تنفيذ ما يُعرف بـ "خطة الجنرالات" التي تهدف إلى تهجير نحو 300 ألف فلسطيني من شمال القطاع إلى جنوبه. وادعت الصحيفة أن هذا الحصار يهدف إلى منع وصول الإمدادات إلى المقاومين الفلسطينيين، إلا أن السكان يرفضون النزوح.
تصاعد العمليات العسكرية ومقاومة النزوح
في اليوم الـ371 للحرب على قطاع غزة، كثف جيش الاحتلال عملياته البرية والجوية في الشمال، حيث طوقت قواته مخيم جباليا والمناطق المحيطة به. في هذا السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل ثلاثة من جنوده خلال اشتباكات وقعت في شمال غزة، أحدهم ضابط برتبة رائد يشغل منصب نائب قائد سرية.
ويواصل جيش الاحتلال تضييق الخناق على شمال القطاع، في محاولة لعزل هذه المنطقة عن مدينة غزة. ويسعى الجيش إلى توسيع المناطق العازلة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، مع استهداف ممنهج لما تبقى من المنازل والمنشآت الفلسطينية.
خطة الجنرالات" وتهجير السكان
تشير تقارير إلى أن ما يُعرف بـ "خطة الجنرالات"، التي طُرحت لأول مرة في سبتمبر الماضي، تهدف إلى تحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة تحت سيطرة دائمة لجيش الاحتلال. وتقضي الخطة بتهجير أكثر من 200 ألف فلسطيني إلى جنوب القطاع عبر ممرات آمنة، قبل فرض السيطرة العسكرية الكاملة على الشمال.
وتعد الخطة مبادرة من الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند، الذي يُعرف بأنه مهندس هذه الخطة التي يعتبرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "منطقية"، وفق تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية. وتهدف الخطة إلى القضاء الكامل على وجود حركة حماس في الشمال، مع حظر دخول المساعدات الإنسانية بعد إجلاء السكان.
مخاوف دولية من كارثة إنسانية
من جانبه، حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من عدم وجود أي خدمات صحية شمال قطاع غزة، مؤكدًا أن قوات الاحتلال تمنع بعثات الإغاثة من الوصول إلى المنطقة. وأضاف غيبريسوس أن عمليات الإخلاء القسري تهدد حياة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن أكثر من 400 ألف شخص محاصرون في الشمال، وفقًا لتقديرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ودعت 18 منظمة إغاثة دولية، في بيان مشترك، إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، محذرة من أن استمرار التصعيد العسكري قد يؤدي إلى كارثة إنسانية. وتطرقت المنظمات إلى خطورة تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع، مشيرة إلى أن ذلك سيزيد من تدهور الوضع الإنساني ويعوق جهود الإغاثة.
موجات النزوح تتواصل وسط شكوك في "الممرات الآمنة"
رغم توجيه جيش الاحتلال نداءات متكررة للسكان لمغادرة منازلهم عبر منشورات ورسائل مسجلة، يرفض آلاف السكان في شمال غزة النزوح، مشيرين إلى أن "لا مكان آمن" في القطاع. كما يتشكك السكان في مصداقية ادعاءات الجيش حول وجود "ممرات آمنة"، مؤكدين أن الدبابات الإسرائيلية تسيطر على مفترقات الطرق الرئيسية، مما يعوق حركتهم.
وأفاد السكان المتبقون في المحافظة الشمالية بأن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تفتح النار على كل من يتحرك في المنطقة، في ظل قصف جوي ومدفعي متواصل.
إبادة البنية التحتية
وفق تقديرات مسؤولين محليين في شمال قطاع غزة، أدت العمليات العسكرية المستمرة إلى تدمير أكثر من 80% من البنية التحتية، بالإضافة إلى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح. كما تسببت العمليات في تدمير شامل للمنازل والمنشآت، مع توسيع المناطق العازلة المحيطة بالشمال.
تستمر الحرب على غزة في تشكيل تهديد كبير للسكان والبنية التحتية، فيما يبدو أن "خطة الجنرالات" تهدف إلى تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة، مما يثير مخاوف كبيرة من حدوث أزمة إنسانية مستمرة في حال تنفيذ هذه الخطة بشكل كامل.