دخل العدوان الإسرائيلي المتصاعد على مناطق شمال قطاع غزة مرحلة جديدة أكثر خطورة مساء أول أمس، حيث تصاعدت المجازر بشكل واسع النطاق، في ظل تشديد الحصار المفروض وتجويع السكان. وتهدف هذه الإجراءات إلى إجبار الأهالي على النزوح القسري، بعد رفضهم المتكرر لأوامر الإخلاء الصادرة عن الجيش الإسرائيلي.
طرق جديدة لإجبار السكان على النزوح
لجأت قوات الاحتلال إلى وسائل أكثر دموية لدفع المواطنين للخروج من مناطقهم، في إطار ما يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، التي تهدف إلى إخلاء شمال القطاع من سكانه. من أبرز تلك الوسائل، قصف مربعات سكنية بأكملها وإبادة عائلات بأكملها، كما حدث في منطقة بيت لاهيا ومخيم جباليا. وأشار المواطن أسامة خليل إلى أن هذه المجازر تُذكر بمذابح نكبة عام 1948 مثل "دير ياسين" و"كفر قاسم"، التي كانت تهدف إلى بث الرعب ودفع السكان إلى الهجرة.
تزايد عدد الشهداء في ظل نقص الإمكانيات
على الأرض، أكد مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية، أن عدد الشهداء الحقيقي يفوق بكثير الأرقام المعلنة، حيث ما زالت عشرات الجثث مفقودة تحت الأنقاض بسبب القصف المكثف، مع عدم قدرة فرق الإنقاذ على انتشال الضحايا. هذه المجازر تأتي في وقت يتعرض فيه القطاع لحصار خانق، مع منع وصول الطعام والماء للسكان. وتحدث شهود عيان عن إطلاق طائرات "كواد كابتر" النار على خزانات المياه العلوية في المنازل، ما تسبب في تفريغها بهدف تجويع السكان وإجبارهم على النزوح.
الحصار يطال المستشفيات والمراكز الصحية
وفي خطوة خطيرة أخرى، صعّدت إسرائيل من استهدافها للمنظومة الصحية في شمال غزة، حيث تعرضت مستشفيات "كمال عدوان" و"الإندونيسي" و"العودة" للقصف المباشر والحصار، مع تهديدات بإخراجها عن الخدمة. وأعلنت وزارة الصحة أن هذه الهجمات المتعمدة تهدف إلى القضاء على البنية الصحية في القطاع، ما يعرض حياة الآلاف من المواطنين للخطر.
اعتقالات واقتحامات وسط استمرار القصف
إلى جانب القصف، بدأت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات اعتقال واسعة في مراكز الإيواء المكتظة بالنازحين شمال القطاع. واقتحمت المستشفى الإندونيسي، حيث أجبرت الرجال على الدخول في حفرة كبيرة داخل ساحة المستشفى بعد تقييد أيديهم، وسط تقارير عن تنفيذ إعدامات ميدانية بحق بعض المعتقلين.
تصاعد العمليات العسكرية وتوسيع رقعة العدوان
تتقدم أرتال الدبابات الإسرائيلية نحو مخيم جباليا وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، في خطوة تشير إلى نية الجيش الإسرائيلي توسيع نطاق العمليات البرية في شمال القطاع. وأعلن جيش الاحتلال عن انضمام "فريق القتال" التابع للواء "غفعاتي" إلى القوات المتواجدة في المنطقة، في محاولة للسيطرة على مناطق أكبر تحت غطاء دولي يتيح لإسرائيل مواصلة خططها دون اعتراض.
المجتمع الدولي ومخاطر الإبادة الجماعية
في ظل هذه التطورات، حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تصاعد الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين في شمال القطاع، مشيراً إلى أن أكثر من 400 ألف مواطن يواجهون خطر الموت جوعاً أو قتلاً بالقصف، مع استمرار منع إدخال المساعدات الإنسانية. ودعا المرصد إلى التعامل مع شمال غزة كمنطقة منكوبة، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الهجمات وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
خاتمة
ما تشهده مناطق شمال قطاع غزة هو كارثة إنسانية بكل المقاييس، حيث تتزايد أعداد الشهداء والمصابين، وتتفاقم معاناة المحاصرين الذين يواجهون خطر الموت جوعاً وعطشاً تحت وطأة القصف المستمر. مع استمرار العدوان وغياب التدخل الدولي الفاعل، يبدو أن حجم المعاناة مرشح للتفاقم، ما يستدعي تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف هذه الكارثة.