في تصعيد خطير، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إخلاء سكان مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، تحت تهديد القصف الجوي والمدفعي المكثف، في خطوة تهدف إلى تفريغ شمال القطاع بالكامل من سكانه.
استخدم الاحتلال طائرات "كواد كابتر" لبث رسائل تطالب بالإخلاء الفوري، مهددًا بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها. واستمرت ليلة دامية على السكان، إذ شنت قوات الاحتلال قصفًا عنيفًا استهدف عشرات المربعات السكنية، ما خلف حالة من الذعر وسط النازحين الذين قضوا ليلهم تحت نيران المدفعية والطائرات.
في ساعات الفجر، ارتكبت قوات الاحتلال مذبحة مروعة في منزل عائلة عبد العاطي، ما أسفر عن استشهاد 15 فردًا، تلتها مجزرة أخرى استهدفت منزل عائلة غباين الذي كان يؤوي نازحين، مخلّفة 50 شهيدًا بينهم أطفال ونساء.
إلى جانب القصف، يعاني سكان مشروع بيت لاهيا ومحيطه من أزمة خانقة في المياه والغذاء. الأطفال يصطفون لساعات للحصول على مياه الشرب القليلة المتوفرة، وسط خطر القصف المتواصل. ففي حي تل الزعتر، استشهد طفلان وأصيب خمسة آخرون أثناء انتظارهم ملء "غالونات" المياه.
السكان يؤكدون أن المياه أصبحت شبه معدومة منذ أسابيع، مع توقف شبه كامل للآبار بسبب نقص الوقود وتدمير خطوط الإمداد. حتى المبادرات الإنسانية لتوزيع مياه الشرب أصبحت نادرة في ظل الحصار الخانق.
حالة النزوح تفاقمت مع اشتداد العدوان، إذ يضطر المواطنون للفرار دون التمكن من تأمين المياه أو الغذاء. يقول "أبو أيوب"، أحد سكان الصفطاوي: "بين البحث عن مياه أو النجاة من الموت، نختار البقاء على قيد الحياة. أصبح الحصول على المياه معركة يومية وسط القصف والانفجارات".
الهجوم المستمر منذ أكثر من شهر ونصف أدى إلى دمار واسع في شبكات المياه ومحطات التحلية، ليترك آلاف العائلات في مواجهة خطر الموت عطشًا.
مشروع بيت لاهيا، الذي يُعدّ آخر معاقل الصمود شمال القطاع، يشهد الآن مرحلة مأساوية جديدة، حيث يجري تفريغه من السكان في ظل حرب إبادة تستهدف البشر والحجر بلا هوادة.