تتصاعد الدعوات الإسرائيلية الرقمية المحرضة على العنف والتهجير القسري ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، في ظل غياب واضح للمساءلة من قبل منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، مثل "إكس" و"تلغرام".
تقرير صادر عن مؤسسة "صدى سوشال" يوثق أكثر من 80 ألف منشور تحريضي إسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على غزة. هذه المنشورات لم تقتصر على دعوات الكراهية، بل شملت خطابًا صريحًا يروج للتطهير العرقي، والقتل الجماعي، ويطالب بتقليص عدد السكان الفلسطينيين من خلال إجراءات عنصرية، بما يعكس تصعيدًا خطيرًا في استخدام الفضاء الرقمي كسلاح سياسي وأيديولوجي.
أشكال التحريض: من الكراهية إلى التهجير القسري
أبرز التقرير أن جهات إسرائيلية متعددة، من مسؤولين حكوميين وصحفيين ومؤسسات استيطانية، استغلت منصات التواصل لتبرير عمليات القتل والدعوة إلى تهجير الفلسطينيين بشكل علني. ومن بين التصريحات التي تدعم هذه التوجهات، دعوة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى تقليص عدد سكان غزة إلى النصف خلال عامين، وتصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير التي طالبت بتشجيع ما وصفه بـ"الهجرة الطوعية".
كما رصد التقرير حملات ممنهجة شجعت على التطهير العرقي للفلسطينيين من مدنهم وقراهم، تضمنت دعوات إلى "إبادة" سكان غزة، وإخلاء مناطق في الضفة الغربية بالقوة.
ازدواجية معايير منصات التواصل الاجتماعي
في الوقت الذي تُحارب فيه منصات مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" و"إكس" المحتوى الفلسطيني بحجة مخالفته "معايير المجتمع"، فإنها تتغاضى بشكل واضح عن المحتوى الإسرائيلي الذي يدعو إلى القتل والتهجير. أشارت "صدى سوشال" إلى أن هذه المنصات قامت بحذف آلاف المنشورات الفلسطينية، وأغلقت حسابات توثق الانتهاكات الإسرائيلية، بينما تترك المنشورات التحريضية الإسرائيلية دون رقابة أو حذف.
جريمة بموجب القانون الدولي
وفقًا للقانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، يشكل التحريض على العنف والقتل، والدعوة إلى التهجير القسري والتطهير العرقي، انتهاكًا صارخًا للمواد 2 و3 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي تنص على أن أي دعوة علنية لارتكاب الإبادة أو التحريض على الكراهية تُعد جريمة دولية.
كما يخالف هذا الخطاب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد على حق جميع الأفراد في الحياة، والأمن، وعدم التمييز. وتعتبر الدعوة إلى التهجير القسري انتهاكًا للبند 7 من نظام روما الأساسي الذي يصنف ذلك كجريمة ضد الإنسانية.
دعوات للتحرك الدولي
في ظل غياب المحاسبة، دعت "صدى سوشال" المجتمع الدولي إلى الضغط على منصات التواصل الاجتماعي لضمان التزامها بمعايير موحدة تجاه جميع أنواع المحتوى التحريضي، ومساءلة إسرائيل عن استخدام الفضاء الرقمي كأداة لنشر الكراهية وتنفيذ سياسات تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني.
كما طالبت المؤسسة الأمم المتحدة بفتح تحقيقات موسعة في هذا النوع من التحريض، والعمل على تطوير آليات أكثر صرامة لمراقبة خطاب الكراهية على المستوى الدولي، بما يضمن حماية الشعوب المستضعفة من سياسات الإبادة والتهجير.
في وقت تتشدق فيه منصات التواصل الاجتماعي بوعود حماية حرية التعبير ومكافحة الكراهية، يكشف التقرير ازدواجية معاييرها بوضوح، إذ تتحول إلى أدوات صامتة تسمح بانتشار التحريض الإسرائيلي على الفلسطينيين. هذه الازدواجية لا تهدد الفلسطينيين فقط، بل تقوض قيم العدالة والإنسانية على مستوى العالم.