قبل ساعات من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ

الجيش الاسرائيلي يكثف البوابات الحديدية في الضفة الغربية: أداة جديدة لتشديد الحصار

يكثف البوابات الحديدية في الضفة الغربية

قبل ساعات من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وبدء المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، بدأ الجيش الإسرائيلي في تنفيذ حصار شامل على الضفة الغربية، حيث كثّف إجراءات التضييق وأطلق موجة من القيود الجديدة على حركة الفلسطينيين.

في الوقت الذي هدأت فيه نيران العدوان الإسرائيلي على غزة، تحول التركيز الإسرائيلي نحو الضفة الغربية، حيث يتزايد القلق من موجة تصعيد جديدة تشمل توسع الاستيطان وتشديد الحصار والقيود الأمنية. الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة تعكس سياسة عقاب جماعي متواصلة تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة.

شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا كبيرًا في فرض الحصار على مدن وبلدات الضفة الغربية. فقد شرعت قوات الاحتلال في نصب بوابات حديدية ضخمة على مداخل القرى والبلدات، بما في ذلك الطرق الترابية والوعرة التي يستخدمها الفلسطينيون كبدائل للوصول إلى وجهاتهم.

وباتت "البوابات الحديدية" أحد أبرز أدوات الاحتلال لتشديد الحصار وتقييد حركة الفلسطينيين. هذه البوابات، التي أصبحت مشهدًا متكررًا في مداخل المدن والقرى الفلسطينية، تعكس استراتيجية إسرائيلية ممنهجة لتقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويلها إلى مناطق معزولة بالكامل.

انتشار البوابات الحديدية في أنحاء الضفة الغربية

في الأسابيع الأخيرة، كثفت قوات الاحتلال تركيب البوابات الحديدية على مداخل القرى والبلدات في الضفة الغربية. فقد نصبت بوابات على مداخل قرية كفر مالك قرب رام الله، وأخرى على مدخل بلدة ديراستيا في سلفيت، بينما أغلقت بوابات جديدة في بلدة الخضر بمحافظة بيت لحم، مما يجعل التنقل بين القرى والمناطق المجاورة شبه مستحيل.

البوابات الحديدية لا تستهدف فقط الطرق الرئيسية، بل شملت أيضًا الطرق الترابية والوعرة التي يلجأ إليها المواطنون كبديل. يسيطر جنود الاحتلال على فتح وإغلاق هذه البوابات بشكل مزاجي، مما يعطل حياة الفلسطينيين ويضطرهم لسلوك طرق بديلة طويلة وخطرة للوصول إلى وجهاتهم.

سياسة العزل: أهداف البوابات الحديدية

تهدف "البوابات الحديدية" إلى فرض مزيد من السيطرة على الفلسطينيين في الضفة الغربية. وفقًا لمراقبين، تستخدم إسرائيل هذه البوابات كأداة للعقاب الجماعي، حيث يتم إغلاقها في أي وقت دون سابق إنذار، ما يؤدي إلى شل حركة المواطنين وعرقلة النشاط الاقتصادي والاجتماعي.

ويرى خبراء أن هذه السياسة ليست عشوائية، بل تهدف إلى خلق واقع جديد على الأرض يعزز الهيمنة الإسرائيلية ويزيد من صعوبة إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.

تصاعد الانتهاكات بالتزامن مع تركيب البوابات

إلى جانب تركيب البوابات الحديدية، تتزامن هذه السياسة مع تصعيد في الأنشطة الاستيطانية. تشير تقارير إسرائيلية إلى خطط لبناء 2749 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية خلال الأسابيع المقبلة، ما يعكس نية الاحتلال تكريس سياسة الفصل والضم.

في القدس، تواجه أحياء فلسطينية مثل وادي الجوز وسلوان خطر التهجير القسري، حيث تسعى إسرائيل لتنفيذ مشاريع استيطانية ضخمة مثل مشروع "وادي السيليكون"، الذي يهدد بالاستيلاء على آلاف الدونمات وهدم مئات المنازل والمنشآت.

البوابات الحديدية: أثرها على الحياة اليومية

تعكس شهادات المواطنين الفلسطينيين معاناة يومية بسبب البوابات الحديدية. إغلاق هذه البوابات بشكل مفاجئ يجبر الفلسطينيين على البحث عن طرق بديلة تستغرق ساعات للوصول إلى أماكن عملهم أو مدارس أطفالهم.

تقول أم سامي، وهي مواطنة من بيت لحم: "إغلاق البوابة الحديدية عند مدخل بلدتنا جعل الوصول إلى المستشفى يستغرق ثلاث ساعات بدلًا من نصف ساعة. نحن نشعر وكأننا سجناء في بلدنا".

 البوابات الحديدية كرمز للسيطرة والقمع

أصبحت "البوابات الحديدية" رمزًا جديدًا لسياسة القمع الإسرائيلية في الضفة الغربية. هذه البوابات ليست مجرد أدوات لتقييد الحركة، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تفتيت الضفة الغربية وتحويلها إلى جيوب معزولة.

في ظل غياب أي تحرك دولي جاد، يبقى الفلسطينيون يواجهون هذا التصعيد بمزيد من الصمود، لكن الوضع يتطلب رؤية وطنية موحدة للتعامل مع هذه السياسات التي تهدد مستقبل الضفة الغربية بأكملها.

توسع استيطاني غير مسبوق

تزامن الحصار مع تكثيف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية. تشير تقارير إسرائيلية إلى أن المجلس الأعلى للتخطيط، التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، سيبدأ اجتماعات أسبوعية للمصادقة على بناء 2749 وحدة استيطانية جديدة خلال الأسابيع المقبلة.

حركة "السلام الآن" الإسرائيلية توقعت أن يشهد العام الجاري معدلات قياسية في البناء الاستيطاني، بمتوسط 1800 وحدة شهريًا. من بين المخططات البارزة، مشروع لبناء 372 وحدة في مستوطنة "بيتار عيليت" جنوب القدس، في خطوة تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المناطق المحيطة بالعاصمة المحتلة.

يقول محللون إن هذه المشاريع تعزز الهيمنة الإسرائيلية وتدمر أي أفق سياسي لتسوية الصراع، حيث تقضي على فكرة إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.

القدس: ساحة مواجهة جديدة

في القدس المحتلة، يواجه الفلسطينيون مخططات استيطانية هي الأكبر في السنوات الأخيرة. أبرز هذه المخططات هو مشروع "وادي السيليكون"، الذي يهدد بالاستيلاء على 2000 دونم من أراضي حي وادي الجوز. يهدف المشروع إلى تحويل المنطقة إلى مركز صناعي وتقني، مما يتطلب هدم نحو 200 منشأة تجارية وصناعية.

وفي حي بطن الهوى في سلوان، يواجه نحو 700 فلسطيني خطر التهجير القسري، بعد إصدار محكمة إسرائيلية قرارات إخلاء لصالح جمعية استيطانية تدعي ملكية الأرض. هذه السياسة، وفقًا لمنظمات حقوقية، تعد جزءًا من مخطط طويل الأمد لتهويد القدس الشرقية وفرض وقائع جديدة على الأرض.

عمليات الهدم: تصاعد غير مسبوق

تشير معطيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن سلطات الاحتلال هدمت 215 مبنى في القدس الشرقية خلال عام 2024، معظمها في سلوان وجبل المكبر. إذا ما تم توسيع النطاق ليشمل محافظة القدس بأكملها، يرتفع العدد إلى 402 عملية هدم.

عمليات الهدم هذه لا تستهدف المنازل فقط، بل تطال البنية التحتية الأساسية، مما يضاعف معاناة السكان ويهدد استقرارهم.

قرارات إسرائيلية مثيرة للجدل

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، قرر وزير الجيش الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلغاء أوامر الاعتقال الإداري بحق سبعة مستوطنين متورطين في اعتداءات على الفلسطينيين، من بينهم إيتيئيل بن تسرويا، المتهم بقيادة هجمات على قرى فلسطينية. جاء هذا القرار بالتزامن مع الاستعداد للإفراج عن أسرى فلسطينيين ضمن صفقة تبادل الرهائن، ما اعتبره مراقبون رسالة واضحة بتشجيع الاستيطان ودعم المستوطنين المتطرفين.

تحديات في الضفة: ماذا بعد؟

تثير هذه التطورات تساؤلات حول ما ينتظر الضفة الغربية في الأشهر المقبلة. فالسياسات الإسرائيلية تشير إلى نية تصعيدية واضحة تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، سواء عبر توسيع المستوطنات، أو تشديد الحصار، أو تسريع عمليات التهجير والهدم.

يقول محللون إن هذا النهج قد يدفع الأوضاع نحو انفجار شامل في الضفة الغربية، خاصة في ظل تزايد غضب الشارع الفلسطيني وغياب أفق سياسي حقيقي.
أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات

مع استمرار سياسات الاحتلال، تجد الضفة الغربية نفسها أمام مرحلة جديدة من التصعيد غير المسبوق. الحصار، التوسع الاستيطاني، وعمليات الهدم، ليست سوى أدوات في استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تكريس واقع الاحتلال وإضعاف أي مقاومة محتملة.

في ظل غياب أي ضغط دولي فاعل، يبقى الفلسطينيون في مواجهة مفتوحة مع آلة الاحتلال، ما يجعل الضفة الغربية مرشحة لأن تكون ساحة المواجهة الرئيسية في الفترة المقبلة، وسط تحديات تتطلب وحدة وطنية ورؤية استراتيجية لمواجهة هذا الخطر المتصاعد.

 

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة