في تصعيد جديد للمخططات الاستيطانية، تسعى السلطات الإسرائيلية لتنفيذ مشاريع كبرى تهدف إلى توسيع البنية الاستيطانية في القدس المحتلة. تشمل هذه المخططات بناء معهد ديني توراتي، وأكثر من 10,100 وحدة استيطانية جديدة موزعة على مناطق الشيخ جراح، ومطار قلنديا المهجور، وقرية شرفات الفلسطينية.
تفاصيل المشاريع الاستيطانية
وفقًا لما نشرته صحيفة "هآرتس"، تشمل المخططات إقامة مدرسة دينية للحريديين في الشيخ جراح، بالإضافة إلى بناء 9,000 وحدة استيطانية شمال شرقي القدس، و1,100 وحدة جديدة غرب بيت صفافا. وضعت هذه المخططات على جدول أعمال لجنة التنظيم والبناء في القدس، في خطوة تتزامن مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية.
الشيخ جراح: معهد ديني على حساب الأراضي الفلسطينية
في حي الشيخ جراح، يخطط الاحتلال لبناء معهد ديني حريدي مكون من ثمانية طوابق لصالح جمعية "أور سمياح". الأرض المخصصة للمشروع كانت تُستخدم كموقف سيارات، قبل أن تصادرها السلطات بحجة "الاستخدام العام"، ومن ثم تُخصص للجمعية الاستيطانية. يعد هذا المشروع الأكبر من نوعه في الحي، رغم النقص الحاد في الأراضي العامة لخدمة السكان الفلسطينيين.
أظهرت دراسة أعدتها بلدية الاحتلال أن سكان الشيخ جراح يضطرون للخروج من الحي لتلبية احتياجاتهم التعليمية والخدمية، مما يعكس حجم التهميش الذي يعانيه الفلسطينيون في المنطقة.
مطار قلنديا المهجور: حي استيطاني ضخم على أنقاض فلسطينية
في شمال شرقي القدس، تخطط السلطات الإسرائيلية لبناء حي استيطاني ضخم يضم 9,000 وحدة سكنية على أراضي مطار قلنديا المهجور. رغم التحذيرات البيئية والصحية، تصر سلطات الاحتلال على المضي قدمًا في المشروع، متجاهلة الاحتجاجات الدولية وضغوط المجتمع المحلي.
توقفت العمليات في المطار منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، وأصبحت المنطقة مهجورة. ورغم تقرير وزارة الصحة الإسرائيلية الذي يؤكد أن الظروف البيئية تجعل السكن في المنطقة غير ممكن، تبرر سلطات الاحتلال إمكانية معالجة التلوث للمضي قدمًا في المشروع.
بيت صفافا: مستوطنة جديدة على حساب قرية شرفات
في جنوب القدس، تعمل سلطات الاحتلال على إقامة مستوطنة "غفعات شاكيد" على أراضي بيت صفافا، ما سيؤدي إلى اقتطاع مساحات واسعة من قرية شرفات الفلسطينية. يُخطط لإضافة 400 وحدة استيطانية جديدة إلى 700 وحدة تمت المصادقة عليها مسبقًا، على مساحة 50 دونمًا كانت مخصصة لتوسع بيت صفافا.
انتقادات وتحذيرات من التهجير القسري
قال الباحث أفيف تاترسكي من جمعية "عير عميم" إن "الخطط الاستيطانية الحالية تعكس تشوه عمليات التخطيط في القدس، حيث تخدم الاعتبارات السياسية والديموغرافية مصالح المستوطنين على حساب السكان الفلسطينيين". وأضاف أن هذه المشاريع تأتي على حساب الحقوق الأساسية للفلسطينيين في السكن والتعليم.
وفي سياق متصل، حصلت جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية على أحكام قضائية لإخلاء مئات الفلسطينيين من منازلهم في حي بطن الهوى ببلدة سلوان. تستند هذه الأحكام إلى ادعاءات بملكية الأراضي لليهود قبل عام 1948. أصدرت المحكمة أوامر بإخلاء 26 عائلة فلسطينية تضم 154 فردًا، مع فرض غرامات مالية تصل إلى 50 ألف شيكل عن كل ملف.
انعكاسات الاستيطان على الواقع الفلسطيني
تصاعد المخططات الاستيطانية الإسرائيلية يعكس محاولات حثيثة لتغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للقدس. يهدد التوسع الاستيطاني حقوق الفلسطينيين في الأرض والمسكن، ويفرض واقعًا جديدًا يزيد من تعقيد الحلول السياسية.