أعلن اتحاد بلديات غزة بالتعاون مع منصة إعادة إعمار غزة عن إطلاق دليل شامل يهدف إلى توجيه الجهود المحلية والدولية نحو إعادة إعمار قطاع غزة بشكل منظم ومستدام، بعد الدمار الكبير الذي تعرض له القطاع إثر حرب الابادة الجماعية الأخيرة. ويأتي هذا الدليل كخطوة استراتيجية لتعزيز العمل التشاركي وتوفير خريطة طريق واضحة للمراحل المختلفة لإعادة الإعمار، مع التركيز على تلبية احتياجات السكان وتحقيق التعافي المستدام.

دليل التعافي: رؤية شاملة لإعادة الإعمار

يتضمن الدليل، الذي تم تطويره بالاستناد إلى خبرات محلية ودولية، خططًا عملية تغطي الأشهر الستة الأولى بعد الكارثة، مع التركيز على عدة محاور رئيسية تشمل:

إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية: يتناول الدليل الخطوات الأولى لإزالة الأنقاض من الطرق والمباني الحيوية، وتوفير مسارات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية.

تأمين المساكن المؤقتة: يدعو إلى إقامة وحدات سكنية جاهزة ومؤقتة للسكان الذين دُمرت منازلهم، مع تزويد هذه الوحدات بالخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء.

إصلاح شبكات المياه والكهرباء: يشدد الدليل على أهمية إعادة تشغيل البنية التحتية الأساسية لتلبية احتياجات السكان في المرحلة الانتقالية.

تعزيز الأمن الغذائي والزراعة: يدعو الدليل إلى دعم الزراعة المحلية من خلال معالجة الأراضي الزراعية المتضررة وتوفير مستلزمات الإنتاج، لتأمين الغذاء للسكان وتقليل الاعتماد على الواردات.

تخطيط حضري مستدام: يركز على وضع خطط طويلة الأمد لإعادة تأهيل المناطق السكنية والتجارية وفق معايير حضرية تضمن استدامة الخدمات ورفاهية السكان.

أرقام ومؤشرات تؤكد حجم التحديات

بحسب التقرير المرفق في دليل التعافي، فإن:

حوالي 70% من شبكة الطرق و68% من الأراضي الزراعية تعرضت لأضرار جسيمة.

تم تسجيل أكثر من 170,000 مبنى مدمر أو متضرر بشكل كلي أو جزئي، مما يعكس حجم التحديات الهائلة أمام جهود إعادة الإعمار.

يعتمد أكثر من 91% من السكان الآن على المساعدات الإنسانية، مما يستدعي الإسراع في تنفيذ المشاريع المدرجة في الدليل.

أهداف دليل التعافي

يهدف الدليل إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها:

تعزيز التخطيط المستدام: من خلال توفير أدوات عملية تساعد البلديات في وضع خطط مرنة تتكيف مع الظروف المتغيرة.

تسهيل تنسيق الجهود الدولية والمحلية: لزيادة كفاءة تخصيص الموارد وتسريع عملية إعادة الإعمار.

دعم المجتمعات المحلية: عبر إشراك السكان في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان تلبية احتياجاتهم.

إعادة تأهيل القطاعات الحيوية: من خلال دمج حلول مبتكرة ومستدامة لإعادة بناء شبكات المياه، الكهرباء، والصرف الصحي.

تحديات تواجه إعادة الإعمار

رغم الجهود المبذولة، تواجه عملية إعادة الإعمار في غزة تحديات معقدة تشمل:

نقص الموارد المالية: حيث لا تزال الحاجة ملحة للحصول على تمويل كافٍ لتغطية المشاريع الكبرى.

قيود الاحتلال الإسرائيلي: التي تعيق إدخال المواد الأساسية اللازمة لإعادة البناء.

ارتفاع معدلات البطالة: ما يتطلب توفير فرص عمل من خلال المشاريع التنموية المرتبطة بالإعمار.

خطط للمرحلة المقبلة

يحدد دليل التعافي إطارًا زمنيًا يمتد لستة أشهر كمرحلة أولى تركز على الإغاثة العاجلة وإعادة تشغيل الخدمات الأساسية. ومن بين الأولويات التي حددها الدليل:

إزالة الأنقاض من المناطق الحيوية: لضمان الوصول إلى المستشفيات والمؤسسات التعليمية والخدمات الأساسية.

توفير وحدات سكنية مؤقتة: تغطي احتياجات حوالي 20% من السكان الذين فقدوا منازلهم.

إعادة تأهيل المدارس والمراكز الصحية: لضمان عودة الخدمات التعليمية والصحية بشكل تدريجي.

تشجيع الإنتاج الزراعي المحلي: من خلال توزيع البذور والمعدات الزراعية للمزارعين.

دعوة للمجتمع الدولي

دعا اتحاد بلديات غزة ومنصة إعادة إعمار غزة المجتمع الدولي إلى تقديم دعم عاجل لإعادة الإعمار في القطاع. وشدد الاتحاد على أهمية تكاتف الجهود الدولية لتوفير التمويل اللازم وضمان إدخال المواد الضرورية للبناء، مشيرًا إلى أن أي تأخير في العملية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية.

إن إطلاق دليل التعافي بعد الحرب يمثل خطوة هامة نحو وضع أسس قوية لإعادة إعمار قطاع غزة. ومع وجود خطط واضحة وأهداف استراتيجية، يأمل اتحاد بلديات غزة ومنصة إعادة إعمار غزة أن يتم تسريع الجهود لتحويل هذا الدليل إلى واقع ملموس يعيد الأمل للسكان ويسهم في بناء مستقبل أفضل للقطاع.

يظل التحدي الأكبر هو كيفية تحويل هذه الخطط إلى إجراءات عملية تتغلب على التحديات القائمة، وهذا يتطلب التزامًا جادًا من جميع الأطراف المعنية لتحقيق الهدف الأسمى: إعادة إعمار غزة بشكل يضمن الكرامة والاستدامة لسكانها.