كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن إسرائيل قدمت "خطة إنسانية" لإدارة قطاع غزة، تتضمن فرض سيطرة عسكرية مشددة تفوق ما كانت عليه قبل الحرب، ما يثير الشكوك حول نية حكومة بنيامين نتنياهو في الانسحاب العسكري الكامل من القطاع.
خطة إسرائيل: رقابة محكمة ومساعدات تحت سيطرة الاحتلال
وفقاً للتقارير، عرض الجيش الإسرائيلي خطته على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية خلال اجتماعات عُقدت يومي الأربعاء والخميس، حيث أوضحت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية (COGAT) – المسؤولة عن إدارة المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية – أنها تعتزم:
إنشاء مراكز لوجستية تحت رقابة إسرائيلية مشددة، تتحكم بشكل كامل في توزيع المساعدات على الفلسطينيين.
منع أي إمدادات من دخول غزة إلا عبر معبر كرم أبو سالم، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، وإغلاق معبر رفح مع مصر بشكل دائم.
إلزام جميع المنظمات غير الحكومية بالتسجيل في إسرائيل، وإخضاع جميع العاملين في وكالات الإغاثة والأمم المتحدة للفحص الأمني الإسرائيلي.
"الفقاعات الإنسانية".. تجربة سابقة فاشلة
الخطة الإسرائيلية الجديدة تشبه "الفقاعات الإنسانية"، وهي آلية تم تجريبها عام 2024 شمالي غزة، لكنها فشلت بسبب رفض السكان المحليين التعاون، إضافة إلى مخاوف أمنية كبيرة. ووفقاً لـمصادر إنسانية، فإن هذه الخطة تمنح إسرائيل سيطرة شاملة على جميع الإمدادات، ما يجعل الفلسطينيين تحت رحمة الاحتلال حتى في احتياجاتهم الأساسية.
وفي هذا السياق، قال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية: "إن هذه الخطة تمنح إسرائيل سلطة التحكم الكامل في تدفق المساعدات، مما يعمّق الأزمة الإنسانية ويفرض حصارًا دائمًا على سكان القطاع."
إقصاء "الأونروا" وإضعاف جهود الإغاثة
تشكل هذه الخطة تهديداً مباشراً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث أن المساعدات ستكون محصورة عبر معابر إسرائيلية فقط، مما يجعل عمل الوكالة شبه مستحيل، خصوصًا بعد أن حظرتها إسرائيل سابقًا.
دعم أمريكي للخطة الإسرائيلية؟
بحسب مسؤولين في مجال الإغاثة، قدمت إسرائيل خطتها كأمر واقع، مدعيةً أنها تحظى بدعم أمريكي كامل، مما يجعل مقاومتها أمرًا صعبًا على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
الخطة العربية لإعادة إعمار غزة تواجه تحديات إسرائيلية
يأتي هذا التطور في وقت تناقش فيه الحكومات العربية خطتها الخاصة لمستقبل غزة، حيث اجتمع ممثلون من مصر، الأردن، ودول الخليج في الرياض يوم 21 فبراير، ووافقوا على خطة إعادة إعمار بقيمة 53 مليار دولار تمتد من 3 إلى 5 سنوات، وتشمل إنشاء مناطق سكنية مؤقتة للنازحين.
ومن المقرر أن تُعرض الخطة العربية على القمة الطارئة لجامعة الدول العربية في القاهرة يوم الثلاثاء المقبل، في ظل محاولات إسرائيلية لإفساد هذه الجهود عبر فرض خطتها البديلة.
خطة إسرائيل: تعميق الاحتلال أم إدارة إنسانية؟
يرى المحللون أن الخطة الإسرائيلية ليست سوى محاولة جديدة لفرض واقع استيطاني وأمني دائم في غزة، مما يثير مخاوف من أن الاحتلال لا ينوي الانسحاب، بل يسعى لإبقاء السيطرة العسكرية والاقتصادية على القطاع تحت غطاء "إدارة إنسانية".
ويبقى السؤال: هل سيسمح المجتمع الدولي لإسرائيل بترسيخ احتلالها عبر هذه الخطة؟ أم أن الجهود العربية والدولية ستنجح في فرض حل حقيقي يعيد حقوق الفلسطينيين؟