أهارون باراك يحذر: إسرائيل على حافة حرب أهلية وسط تصاعد الانقسام السياسي

أهارون باراك.webp

تل أبيب | حذر رئيس المحكمة العليا الإسرائيلي المتقاعد أهارون باراك من أن إسرائيل تواجه انقسامًا داخليًا غير مسبوق قد يؤدي إلى حرب أهلية، داعيًا إلى منع استبداد الأغلبية والتوصل إلى توافق سياسي لتجنب التصعيد.

وجاءت تصريحات باراك في مقابلة مع موقع واي نت، حيث أبدى قلقه من التوترات السياسية والمجتمعية المتصاعدة، خصوصًا مع اعتزام الحكومة الإسرائيلية إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، في ظل تحقيق الجهاز في ما يعرف بـ"فضيحة قطر"، التي يشتبه بتورط أعضاء في حكومة بنيامين نتنياهو فيها.

تحذير من انهيار الديمقراطية

وأكد باراك أن "المشكلة الكبرى للمجتمع الإسرائيلي ليست فقط التهديدات الخارجية، وإنما الشرخ الداخلي الحاد بين الإسرائيليين أنفسهم"، مشيرًا إلى أن هذا الانقسام "قد ينتهي بكارثة إذا لم يتم تداركه"، وأضاف: "إسرائيل تنزلق نحو أزمة غير مسبوقة، حيث يتم استخدام السلطة بطريقة تتجاهل مبدأ التوافق السياسي. يجب أن نمنع استبداد الأغلبية التي تفرض سياساتها بقوة العدد داخل الكنيست، وعلينا البحث عن حلول وسط بدلاً من سياسة الإقصاء".

إقالة رئيس الشاباك والنائبة العامة.. أزمة متصاعدة

تعليقًا على قرار الحكومة المرتقب بإقالة رئيس الشاباك رونين بار، قال باراك: "الحكومة تمتلك الصلاحية القانونية لإقالة رئيس الشاباك، لكن المسألة تكمن في الأسس والذرائع المستخدمة. القول بأن الثقة قد فُقدت لا يعد مبررًا قانونيًا كافيًا. يجب أن تكون هناك لجنة بحث تتولى هذا القرار، وإلا فسيكون الأمر مشوبًا بعدم المعقولية وتضارب المصالح".

كما دافع باراك عن المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف-ميارا، معتبرًا أنها أدت مهامها على أكمل وجه، ولم ترفض سوى "عدد قليل جدًا من القرارات الحكومية"، مشددًا على أن إقالتها ستشكل ضربة لاستقلالية السلطة القانونية، وستؤثر على نزاهة النظام القانوني الإسرائيلي.

تحذيرات من تسييس القضاء

من جهة أخرى، أعرب باراك عن رفضه القاطع لمقترح تعديل لجنة اختيار القضاة، والذي سيتم التصويت عليه في الكنيست الأسبوع المقبل، قائلًا: "هذا التعديل سيجعل جميع تعيينات القضاة خاضعة لقرار السياسيين، مما يحوّل الجهاز القضائي إلى أداة بيد السلطة التنفيذية، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على الديمقراطية في إسرائيل".

باراك وعلاقته بنتنياهو.. دعم سابق وانتقاد حالي

يُعرف باراك بأنه كان أحد أبرز داعمي نتنياهو في السنوات السابقة، حيث أشاد بولائه لسيادة القانون، لكنه أبدى لاحقًا استغرابه من تحولات مواقفه، قائلاً: "لا أستطيع تفسير ما يدور في ذهن نتنياهو. أستطيع تحليل أفعاله، لكن ليس دوافعه النفسية. في النهاية، يجب علينا جميعًا البحث عن حلول تمنع تمزق المجتمع الإسرائيلي".

ردود الفعل السياسية

وفي تعليق مقتضب على تحذيرات باراك، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا):

"لن تكون هناك حرب أهلية".

ويُعتبر باراك أحد أهم الشخصيات القانونية في إسرائيل، وكان الخيار الأول لرئيس الوزراء نتنياهو للمشاركة في جلسة محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث واجهت إسرائيل اتهامات بـارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. وأكد محللون أن اختيار باراك لهذه المهمة يعود إلى سمعته الدولية الواسعة، كونه أحد الناجين من المحرقة النازية (الهولوكوست)، وهو ما أُعتبر عاملًا مؤثرًا في تشكيل الرأي القانوني العالمي.

تحليل وتوقعات

تشير هذه التطورات إلى أن إسرائيل تمر بأزمة سياسية وقانونية غير مسبوقة، حيث يواجه نتنياهو وحكومته ضغوطًا داخلية وخارجية، في وقت تتصاعد فيه الانقسامات بين النخبة السياسية والقضائية.

المراقبون يرون أن التعديلات القانونية وإقالة المسؤولين الأمنيين والقضائيين قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع الداخلية، خاصة مع استمرار الاحتجاجات ضد الحكومة، فيما يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى قدرة إسرائيل على احتواء هذا الانقسام قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة.

المصدر: ترجمة خاصة وكالة قدس نت - القدس المحتلة