تصعيد إسرائيلي في غزة: ضغط على المقاومة أم بداية لمخطط التهجير؟

نازحين شمال غزة.JPG

غزة - خاص | مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أسفر عن أكثر من ألف شهيد وجريح فلسطيني خلال 48 ساعة فقط، تتزايد التساؤلات حول دوافع هذا التصعيد الجديد بعد انتهاء هدنة استمرت نحو شهرين.

في حين يرى البعض أن الاحتلال يستخدم الضربات العسكرية كورقة ضغط لإجبار المقاومة الفلسطينية على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، يشير آخرون إلى أن ما يحدث قد يكون بداية لتنفيذ مخطط تهجير سكان القطاع، خاصة مع تصاعد التصريحات الإسرائيلية التي توحي بفرض واقع جديد على الأرض.

تصعيد عسكري وتهديدات علنية بالتهجير

جاء التصعيد الأخير في ظل تهديدات مباشرة من وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي توعد أهالي غزة بـ "التدمير الكامل"، قائلاً: "الأمر سيكون أكثر صعوبة، وستدفعون الثمن كاملاً... أعيدوا المختطفين واطردوا حماس، وإلا فالبديل هو الخراب الكامل."

وألمح كاتس إلى إجراءات غير مسبوقة قد تمهد لخطة تهجير الفلسطينيين، مضيفًا: "سيتم قريبًا البدء في إجلاء السكان من مناطق القتال... خذوا بنصيحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعيدوا المختطفين واطردوا حماس، وستتاح أمامكم خيارات أخرى، بما في ذلك السفر إلى أماكن أخرى حول العالم."

استهداف واسع وعمليات برية متجددة

لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على القصف الجوي والبحري والمدفعي، بل شهدت الساعات الأخيرة إعادة انتشار للقوات البرية، حيث استعاد جيش الاحتلال السيطرة على جزء من معبر نتساريم، الفاصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه، مما يعكس توجهًا نحو إعادة رسم مشهد الحرب وفق رؤية إسرائيلية جديدة.

في هذا السياق، وصفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية الهجمات الأخيرة بأنها "الأعنف منذ الأسابيع الأولى للحرب"، مشيرة إلى أن إسرائيل أصدرت أوامر إخلاء جديدة غطت 37% من مساحة القطاع، وهو مؤشر على نية الاحتلال إحداث تغيير ديموغرافي بالقوة.

خرق للهدنة بموافقة أمريكية؟

أكدت مصادر إعلامية، من بينها الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية، أن الاحتلال الإسرائيلي انتهك اتفاق وقف إطلاق النار عن عمد، وذلك بموافقة أمريكية، حيث قال الصحفي الإسرائيلي آموس هاريل في صحيفة هآرتس"لا توجد طريقة أخرى لتفسير ذلك: لقد انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس لأنها لم ترغب في الوفاء الكامل بالشروط التي التزمت بها قبل شهرين."

نتنياهو ومصلحته السياسية فوق كل اعتبار

يرى محللون أن استئناف العدوان على غزة يخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة من عائلات الأسرى الإسرائيليين، وأحزاب المعارضة، واتهامات بالفساد، فضلًا عن ضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته.

فقد لجأ نتنياهو إلى العدوان كوسيلة لتعزيز تحالفه الحكومي، حيث لبى مطالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإنهاء الهدنة، مقابل ضمان دعمهم لتمرير الموازنة العامة، والتي قد يؤدي فشل تمريرها إلى إسقاط حكومته وإجراء انتخابات جديدة.

وفي هذا السياق، قالت الإذاعة الوطنية الأمريكية إن نتنياهو يواجه موعدًا نهائيًا لتمرير الميزانية خلال أسبوعين، وإلا فإنه قد يفقد السلطة، مما يدفعه إلى تصعيد العدوان لكسب الوقت وضمان بقاء حكومته.

استمرار العدوان لكسب أوراق تفاوضية؟

يرى بعض المحللين أن التصعيد الإسرائيلي قد يستمر لأسبوعين آخرين على الأقل، حتى تمرر حكومة الاحتلال ميزانيتها، مما يمنح نتنياهو مرونة أكبر لإعادة النظر في أي اتفاق مستقبلي مع المقاومة الفلسطينية.

لكن مراقبين آخرين يحذرون من أن إسرائيل تراهن على إخضاع المقاومة الفلسطينية عسكريًا، رغم الفشل المتكرر في تحقيق هذا الهدف على مدار أكثر من 15 شهرًا، وسط انتقادات دولية متزايدة لاستمرار العدوان، ومطالبات متصاعدة بوقف فوري للتصعيد.

هل تسير غزة نحو كارثة إنسانية جديدة؟

مع استمرار الضربات الجوية والقصف العشوائي، تواجه غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتزايد أعداد الشهداء والجرحى يوميًا، في ظل نقص حاد في الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية.

ويرى محللون أن سياسة الاحتلال تهدف إلى خلق وضع معيشي لا يُطاق داخل القطاع، لإجبار الفلسطينيين على النزوح الجماعي، مما يعزز الشكوك حول نية إسرائيل تنفيذ مخطط التهجير القسري.

ما هو السيناريو القادم؟

في ظل إصرار إسرائيل على التصعيد العسكري ورفضها أي حلول دبلوماسية حقيقية، تبدو غزة أمام مواجهة طويلة الأمد، بينما تبقى التساؤلات مطروحة حول:

هل ستنجح المقاومة في فرض شروطها مجددًا؟

هل ستستمر إسرائيل في الضغط العسكري لتحقيق أهدافها السياسية؟

هل تتحرك الأطراف الدولية لوقف المجازر بحق الفلسطينيين؟

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة