اتهم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان سلطات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جريمة إبادة جماعية متواصلة في قطاع غزة، محذرًا من كارثة إنسانية وشيكة نتيجة استمرار منع إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الإغاثية للأسبوع الرابع على التوالي، في ظل حصار خانق وعمليات عسكرية واسعة تطال المدنيين والبنية التحتية.
وقال المركز في بيان رسمي، إن استخدام الجوع كسلاح حرب من قبل الاحتلال يأتي بغطاء قانوني خطير وفرته محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التي رفضت التماسات لمنع قطع الإمدادات عن قطاع غزة، ما يؤكد أنها جزء من منظومة استعمارية استعمارية تمارس التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
انهيار الأمن الغذائي والصحي في غزة
أشار البيان إلى أن المساعدات الغذائية والطبية على وشك النفاد، ما يهدد حياة الفئات الأضعف من النساء والأطفال والمرضى، بالتوازي مع استمرار القصف الإسرائيلي وعمليات التهجير القسري وهدم المنازل.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن مخزوناته المتبقية في غزة تُقدّر بحوالي 5,700 طن فقط، لا تكفي لأكثر من أسبوعين. كما ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة تتجاوز 700% في ظل غياب السيولة وارتفاع الطلب، خاصة على الخبز ودقيق القمح وغاز الطهي.
ووثّق المركز، بناءً على عشرات الإفادات، أن المجاعة بدأت تلوح في الأفق، حيث نفدت اللحوم والفواكه، وارتفعت أسعار الخضروات والمواد التموينية بشكل غير مسبوق، مما أجبر السكان على الاعتماد على المطابخ الشعبية (التكيات) التي تقدم وجبات متواضعة كالأرز والمعكرونة والبقوليات، والتي بدأت هي الأخرى بالنفاد.
تفاقم سوء التغذية بين الأطفال والنساء
أكد المركز أن نحو 92% من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات لا يحصلون على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية، مشيرًا إلى أن 290 ألف طفل دون سن الخامسة و150 ألف امرأة بحاجة إلى مكملات غذائية وعلاج لسوء التغذية. ومن المتوقع أن يحتاج أكثر من 60 ألف طفل و16 ألف امرأة إلى علاج لسوء التغذية الحاد في حال استمرار الوضع القائم.
نقص في اللقاحات والأجهزة الطبية
أدى إغلاق المعابر إلى منع دخول أكثر من 180 ألف جرعة من لقاحات الأطفال الأساسية، والتي تكفي لحماية نحو 60 ألف طفل، إضافة إلى 20 جهاز تنفس صناعي مخصص لوحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، في وقت تتعرض فيه المستشفيات للانهيار تحت ضغط الإصابات والأمراض.
تجاهل إسرائيلي لقرارات محكمة العدل الدولية
ذكّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقرارات محكمة العدل الدولية في القضية المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، والتي طالبت إسرائيل باتخاذ إجراءات فورية لضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، بما يشمل الغذاء والماء والدواء والمأوى. كما طالبت المحكمة في قرار لاحق بـ"إبقاء معبر رفح مفتوحًا" لتدفق المساعدات، وهو ما تجاهلته إسرائيل وأبقت المعبر مغلقًا منذ مايو 2024.
اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب
وأشار المركز إلى أن الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر قبض بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، على خلفية ارتكابهما جرائم حرب تتعلق باستخدام التجويع كسلاح، إضافة إلى القتل والاضطهاد وجرائم ضد الإنسانية.
دعوة عاجلة لتحرك دولي
وختم المركز بيانه بالتأكيد أن صمت المجتمع الدولي أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي يُعد تواطؤًا ضمنيًا، مطالبًا بوقف فوري للحصار، وتدفق المساعدات الأساسية لـ2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، نصفهم من الأطفال، لإنقاذ ما تبقى من الأرواح في ظل واحدة من أبشع صور الإبادة الجماعية في العصر الحديث.