حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة من أن الأوضاع في قطاع غزة وصلت إلى "نقطة الانهيار"، وسط تدهور كارثي للبنية التحتية الأساسية وتهديد متزايد لحياة 2.2 مليون فلسطيني، نتيجة الحصار الإسرائيلي المشدد المستمر منذ أكثر من ثمانية أسابيع.
الأوضاع الغذائية تتدهور: برنامج الأغذية العالمي يسلم آخر المخزونات
في السياق ذاته، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه سلّم آخر ما تبقى من مخزونات غذائية لمطابخ الوجبات الساخنة في غزة، محذرًا من أن هذه المطابخ، التي كانت بمثابة شريان الحياة لنصف السكان، ستتوقف عن العمل بالكامل خلال الأيام المقبلة.
وأكد البرنامج أن المطابخ، رغم محدودية تغطيتها، كانت تؤمّن نحو 25% فقط من الاحتياجات الغذائية اليومية، إلا أنها ظلت مصدرًا حيويًا للبقاء في ظل الحصار. وحذر من أن أي تأخير إضافي في إدخال المساعدات سيجبره على إنهاء عملياته الإنسانية في القطاع بشكل كامل.
خطر المجاعة يلوح في الأفق مع استمرار الإغلاق
وفي بيان صحفي اليوم الجمعة، قال مكتب حقوق الإنسان إن استمرار الحصار ومنع وصول الغذاء والوقود إلى غزة يضاعف من معاناة السكان. وتوقف معظم المخابز عن العمل بسبب نفاد الطحين ووقود الطهي، بينما تواصل الهجمات الإسرائيلية تدمير قوارب الصيادين، ما زاد من ندرة الغذاء.
وحذر المكتب من أن نفاد المساعدات الغذائية وارتفاع أسعار السلع الأساسية ينذر بخطر مجاعة وشيكة، خاصة على الفئات الأكثر ضعفًا مثل النساء والأطفال.
استهداف ممنهج للبنية التحتية المدنية
اتهم مكتب حقوق الإنسان الجيش الإسرائيلي بتنفيذ هجمات متعمدة ضد الأعيان المدنية الحيوية. ففي الفترة ما بين 21 و22 أبريل/نيسان، دمر الجيش 36 آلة ثقيلة كانت تستخدمها بلديات غزة في عمليات الإغاثة، من بينها حفارات وشاحنات مياه وصهاريج شفط مياه الصرف الصحي.
وأشار المكتب إلى أن تدمير هذه المعدات سيعيق بشكل كبير جهود إزالة الأنقاض، وإيصال المياه النظيفة، والتعامل مع مياه الصرف الصحي، ما يزيد من خطر تفشي الأمراض المعدية في القطاع المكتظ بالسكان.
ووصف المكتب استهداف المعدات المدنية بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني" يصل إلى مستوى جرائم الحرب.
أوضاع مأساوية للنساء والأطفال
وفي تقرير منفصل، أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن نحو 50% من السكان النازحين والمتضررين في غزة هم من النساء والفتيات، مما يفاقم من التحديات الصحية والإنسانية. وأشار مكتب حقوق الإنسان إلى أن حوالي 70% من الضحايا الذين سقطوا بين أكتوبر 2023 ومارس 2025 كانوا من النساء والأطفال، مما يعكس الثمن الباهظ الذي تدفعه الفئات الأضعف جراء العمليات العسكرية.
تصعيد ميداني في الضفة الغربية: عنف المستوطنين والنقل القسري
بالتوازي مع مأساة غزة، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الضفة الغربية تشهد تصعيدًا خطيرًا في عنف المستوطنين وعمليات القوات الإسرائيلية، التي أسفرت عن قتل وإصابة العديد من الفلسطينيين، بالإضافة إلى تهجير قسري في عدة مناطق.
وأكد المكتب أن السلطات الإسرائيلية تقوم بمنع الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم في مخيمات جنين وطولكرم، مع استمرار عمليات الهدم وتوسيع الحواجز والطرقات داخل المخيمات.
وأوضح المكتب أن استمرار هذه السياسات يومًا بعد يوم يقلص فرص عودة النازحين إلى منازلهم، مما يرقى إلى مستوى "النقل القسري"، وهو انتهاك خطير للقانون الدولي.
خلاصة المشهد: خطر الانهيار الكامل
في ظل غياب إجراءات دولية عاجلة، حذرت وكالات الأمم المتحدة من أن الأوضاع في غزة والضفة الغربية تتجه نحو كارثة إنسانية أكبر. الوضع في غزة بات يهدد بانفجار مجتمعي شامل نتيجة نقص الغذاء والوقود والمياه، فيما يتعرض الفلسطينيون في الضفة لسياسات مُمَنهجة تهدف إلى تفريغ مراكزهم السكانية ودفعهم نحو التهجير القسري.
ودعت الأمم المتحدة مجددًا إلى تحرك دولي فوري لوقف التدهور، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية، واحترام مبادئ القانون الدولي الإنساني.