بينما تتواصل حرب الابادة الجماعية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، تكشف الصحافة العبرية عن وجه آخر لهذه الحرب: ساحة اختبار مفتوحة لتطوير الدبابات وناقلات الجنود الإسرائيلية، وتحسين جاهزية جيش الاحتلال عبر دماء الأبرياء ومعاناة المحاصرين.
وفي تقرير نشره موقع "واللا" العبري، كشف رئيس مديرية تطوير الدبابات في وزارة الجيش الإسرائيلية، العميد أورين جيبر، أن الحرب الجارية أتاحت لجيش الاحتلال فحص أداء دباباته وناقلاته تحت "ضغط ميداني حقيقي"، ما سرّع عمليات التحديث والإنتاج العسكري.
"فشل السابع من أكتوبر" تحول إلى ورشة تطوير دموية
بحسب التقرير، فإن الصدمة التي خلفتها هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما أُحرقت عشرات الدبابات الإسرائيلية، قادت المؤسسة العسكرية إلى مراجعة شاملة لمنظوماتها الدفاعية والهجومية. منذ اليوم التالي للهجوم، بدأ جيش الاحتلال بتنفيذ برنامج طارئ لتطوير دبابة "ميركافا" وناقلة الجند المدرعة "نمر"، بالإضافة إلى المركبة الجديدة "إيتان".
جيبر أكد أن معارك غزة شكلت ميداناً حقيقياً لاختبار أنظمة الحماية، ومدى تحمل المركبات العسكرية للضربات المباشرة، مضيفًا أن تحقيقات دقيقة أُجريت على المركبات المتضررة، وتم على ضوئها تعديل آليات التدريع وزيادة الاعتماد على أنظمة الدفاع النشط مثل "معطف الريح".
ساحة حرب... ومختبر تقني
لم تكن غزة بالنسبة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية مجرد "جبهة مواجهة"، بل مختبرًا مفتوحًا لاختبار دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة التحكم بالدبابات، ونشر الطائرات المسيّرة الهجومية مباشرة من المدرعات. حيث كشف جيبر أن دبابات "باراك" المعدلة نجحت في تقليل الإصابات بين الجنود، وتمكنت من إحباط عدة تهديدات دون تدخل بشري مباشر.
كما أشار إلى أن ناقلة الجنود "إيتان"، التي أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط العسكرية قبل الحرب، أثبتت فعاليتها الميدانية من خلال عمليات إنقاذ الجرحى ونقلهم إلى الخطوط الخلفية خلال دقائق، مما جعلها محط فخر قيادة جيش الاحتلال.
الاحتلال يحول الألم الفلسطيني إلى مشاريع تسليحية
على أرض الواقع، دفع المدنيون الفلسطينيون الثمن الباهظ لهذه التطويرات العسكرية. فكل صاروخ تجريبي، وكل اختبار لأنظمة الحماية الإسرائيلية، كان يعني سقوط عشرات الشهداء من الأطفال والنساء تحت أنقاض منازلهم التي تهدمت بفعل القصف العنيف.
وفي الوقت الذي تتفاخر فيه تل أبيب بـ"نجاحات" مركباتها الجديدة، يغرق قطاع غزة في ظلمات الحصار، والجوع، والدمار الشامل، دون أن تلقى نداءات الإغاثة آذانًا صاغية.
الذكاء الاصطناعي... والوجه القادم للاحتلال
كشفت المقابلة أيضاً عن خطة إسرائيلية مستقبلية لدمج الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر في ساحة المعركة، بحيث تصبح الدبابات قادرة على رصد الأهداف والتعامل معها بشكل شبه مستقل، مما يزيد من خطورة الجرائم الميدانية بحق المدنيين الفلسطينيين الذين سيكونون تحت رحمة خوارزميات حربية مبرمجة على القتل السريع والدقيق.
كشف رئيس إدارة تطوير الدبابات في وزارة الجيش الإسرائيلية، العميد أورين جيبر، عن تفاصيل مشروع تطوير الدبابات وناقلات الجنود المدرعة، الذي بات يشكل ركيزة أساسية لاستعادة الثقة العسكرية عقب الانتكاسات الأخيرة.
جيبر أوضح أن الصدمة من خسائر الدروع دفعت إلى تسريع العمل على تطوير دبابات "ميركافا" وناقلات الجنود المدرعة "نمر" و"إيتان"، لتواكب التهديدات الميدانية الجديدة مثل الصواريخ المتطورة والأنفاق والعبوات الكبيرة. في أقل من 24 ساعة عقب الهجوم، بدأت ورش العمل على تحديث منظومات الحماية، وتحسين قدرات المناورة في المناطق الحضرية، وإدخال الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاستجابة الذاتية للتهديدات.
اختبار بالنار في غزة: تطوير مستمر تحت الضغط
في ظل المعارك المستمرة داخل قطاع غزة، خضعت هذه المركبات لاختبار عملي مباشر. وخلال هذه الاختبارات، أكدت دبابة "باراك" المتطورة قدرتها على الصمود في وجه هجمات مضادة دون تسجيل خسائر بشرية كبيرة. وبحسب التحقيقات، فإن نسبة 90% من الدبابات وناقلات الجنود التي أصيبت تم إصلاحها وإعادتها إلى الخدمة سريعًا بفضل أنظمة الدعم والتطوير المتواصلة.
جيبر أشار إلى أن كل مركبة مصابة تخضع لتحليل دقيق يرصد مكان ونوع الضربة، ويتم على ضوء النتائج إدخال تعديلات فورية لتعزيز الحماية. ومن الأمثلة على هذا النهج، تطوير وحدات إطلاق طائرات مسيرة انتحارية ومراقبة تُطلق مباشرة من الدبابات بلمسة زر، تمهيدًا لاعتماد الذكاء الاصطناعي كأحد أعمدة منظومات القتال المستقبلية.
"إيتان": الحصان الأسود لمعركة غزة
أما ناقلة الجنود المدرعة "إيتان"، فقد شكلت مفاجأة سارة لقادة الجيش الإسرائيلي، بعدما أثبتت قدرتها على تنفيذ مهام إخلاء الجرحى وإنقاذ الرهائن بسرعة وكفاءة، دون الحاجة إلى ناقلات ضخمة. المركبة، المزودة بعجلات ومرونة عالية، تخوض معارك المدن بكفاءة، وقريبًا سيتم تسليحها بمدفع عيار 30 ملم ونظام "سهم دوربين" للدفاع النشط.
الدبابات الإسرائيلية.. نحو حقبة الذكاء الصناعي
أوضح العميد جيبر أن العمل جارٍ على إدخال أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة إلى الدبابات وناقلات الجنود، لتسهيل الرصد والاستهداف التلقائي، والانتقال تدريجيًا إلى نماذج مركبات قتال شبه مستقلة. وأشار إلى أن المستقبل القريب سيشهد إدماج طائرات بدون طيار تطلق مباشرة من الدبابات لأغراض المراقبة والهجوم.
رغم كل التحديات، تؤكد إدارة تطوير الدبابات أن إدماج الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية التشغيل هو الهدف القريب، مما يعني أن مشهد الحروب القادمة قد يشهد دبابات مستقلة قادرة على اتخاذ قرارات قتالية شبه كاملة دون تدخل بشري مباشر.
خلاصة
بينما يكابد أهالي غزة الجوع والدمار، تستغل إسرائيل الحرب لإحداث قفزات تكنولوجية في صناعاتها العسكرية، مدفوعة بآلام الفلسطينيين، وساعية لتحويل الخسائر العسكرية في السابع من أكتوبر إلى أدوات قمعية أشد فتكًا في الحروب المقبلة.
وفي ظل هذا المشهد الدموي، تغيب أي مساءلة دولية حقيقية، مما يمنح الاحتلال الضوء الأخضر لتحويل مأساة غزة إلى منصة لتسويق منتجاته العسكرية للعالم.