الأمم المتحدة تدرس إعادة هيكلة كبرى قد تهدد وجود "الأونروا" وبرامج الإغاثة للاجئين

موظفو الامم المتحدة يتظاهرون في جنيف.webp

كشفت وكالة "رويترز" عن مذكرة داخلية سرّية صادرة عن فريق عمل أممي مكلّف بإصلاح هيكل المنظمة، تتضمن اقتراحات بإجراء إصلاحات شاملة تشمل دمج إدارات رئيسية ونقل الموارد وتقليص الوظائف، في خطوة وصفت بأنها الأكثر جرأة منذ عقود في تاريخ الأمم المتحدة الممتد لـ80 عامًا.

وتُعد هذه الخطط محاولة لمواجهة الأزمة المالية المتفاقمة التي تعاني منها المنظمة، في ظل تخفيضات المساعدات الأميركية المتواصلة. ومن بين أبرز الهيئات المهددة بالتغيير أو الإلغاء، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التي تواجه بالفعل حربًا مالية وسياسية متعددة الجبهات.

خطة دمج كبرى تشمل وكالات الإغاثة… وتهديد مباشر لوكالة الأونروا

توصي المذكرة التي جاءت في ست صفحات، بإعادة هيكلة واسعة تشمل دمج وكالات إنسانية كبرى مثل برنامج الأغذية العالمي، اليونيسف، منظمة الصحة العالمية، ومفوضية اللاجئين، ضمن هيئة إنسانية واحدة. كما تُقترح ضم برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز إلى منظمة الصحة العالمية.

ورغم أن الوثيقة لم تذكر وكالة "الأونروا" بالاسم، فإن توجه تقليص الكيانات ذات الاختصاصات المتداخلة، والضغط الأميركي المستمر لإنهاء عمل الوكالة، يُرجح أن "الأونروا" في صلب دائرة الاستهداف، خصوصاً في ظل انسحاب إدارة ترامب منها سابقاً، واتهامها المتكرر بـ"التحيّز وغياب الشفافية".

أزمة تمويل خانقة تهدد آلاف الوظائف ومخيمات اللاجئين

تأتي هذه التوصيات في وقت تعاني فيه الأمم المتحدة من عجز مالي يقدّر بأكثر من 2.7 مليار دولار، منها 1.5 مليار من ميزانية التشغيل، و1.2 مليار من مخصصات حفظ السلام، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. ونتيجة لذلك، بدأت تدابير تقشفية طالت مكتب الشؤون الإنسانية الذي سرّح 20% من موظفيه، ويتوقع أن تطال التخفيضات أكثر من 6000 وظيفة في وكالة الهجرة.

كما حذرت اليونيسف من خفض ميزانيتها بنسبة تصل إلى 20%، مما يعني تراجعاً حاداً في مستوى الاستجابة لحالات الطوارئ، خصوصاً في مناطق مثل قطاع غزة وسوريا ولبنان، حيث تعتمد مئات آلاف الأسر على المعونات الأممية بشكل مباشر.

الأونروا: في مهب الريح وسط صمت رسمي وتهديد وجودي

تشكل "الأونروا" شريان حياة لنحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجّل، لكنها تقف اليوم على حافة الانهيار المالي والتنظيمي، في ظل غياب ضمانات دولية باستمرار تمويلها، ومطالبات من داخل الأمم المتحدة بإعادة النظر في "استدامة مهامها".

يُنظر إلى هذه التغييرات على أنها امتداد لمحاولات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين سياسيًا، عبر نزع الصفة القانونية عن "الأونروا" كوكالة مخصصة لهم، ودمجهم ضمن كيانات إغاثية عامة.

وقد علّق مسؤول في الأونروا – رفض الكشف عن اسمه – أن "ما يجري في نيويورك ليس إصلاحًا إداريًا فحسب، بل تصفية تدريجية لهوية الوكالة ومهامها، وسط صمت فلسطيني ودولي".

احتجاجات في جنيف وتخوف أممي من "انهيار الثقة"

في الأول من مايو، شهد مقر الأمم المتحدة في جنيف احتجاجات لمئات الموظفين ضد خطة التقليص والتسريح، معتبرين أن هذه الإجراءات تهدد بانهيار المؤسسة من الداخل، وتنسف مبادئ العدالة والتكافل التي تأسست عليها المنظمة.

وقال بوب راي، السفير الكندي ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة: "ما يحدث مروّع... نحن نخفض حصص الإعاشة في مخيمات اللاجئين، وندمر شبكات الأمان لملايين البشر".

ترامب والأوامر التنفيذية: بداية السقوط؟

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد وقّع في فبراير 2025 أمرًا تنفيذيًا بسحب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان والأونروا، منتقدًا أداء الأمم المتحدة وواصفًا إياها بـ"الهيكل الضخم وغير المنتج". وشكل ذلك تحولاً خطيرًا في سياسة الضغط المالي على المنظمة بهدف فرض أجندات سياسية، أبرزها تقليص دور "الأونروا" وتفكيكها.

مستقبل غير واضح المعالم… واللاجئون في مواجهة المجهول

مع اقتراب موعد تقديم المقترحات النهائية في 16 مايو، تتزايد التحذيرات من أن هذه "الإصلاحات" قد تُشكّل ضربة قاضية لوكالة الأونروا ومخيمات اللاجئين في غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان والأردن. ويخشى مراقبون أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام تفكيك حق العودة سياسيًا وإنسانيًا، ضمن ترتيبات إقليمية تهدف لدمج اللاجئين في بلدان الشتات بشكل دائم.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - نيويورك