نساء تحت القهر: تقرير يكشف بيئة النزوح القاسية في غزة وانعدام الخصوصية

الخصوصية والأمان في مخيمات النزوح.jpg

أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اليوم الأحد الموافق 18 مايو 2025، تقريرًا بعنوان “المخيمات المؤقتة في قطاع غزة.. بيئة قاسية تحرم النساء من الأمان والخصوصية”، يسلط الضوء على الظروف المأساوية التي تعيشها النساء في مناطق النزوح بقطاع غزة التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية، إذ تعاني من شحٍ حادٍ في المياه النظيفة، وانعدام الصرف الصحي، وانهيار كامل للرعاية الطبية، مما يجعلها بيئة غير صالحة للعيش. وتدفع النساء والفتيات الثمن الأكبر في ظل فقدان الخصوصية وتزايد مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، وسط غياب تام للمنظور الجندري في الاستجابة الإنسانية وغياب أي تدابير لحمايتهن وتوفير الحد الأدنى من الأمان لهن..

يؤكد التقرير أن القانون الدولي الإنساني يعترف بأهمية المأوى كوسيلة أساسية لحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ويشمل مجموعة من الأحكام التي تحظر استهداف مساكن المدنيين أو تهجيرهم قسرًا. وفي حالة فشل هذه الحماية أو تعرض المدنيين للترحيل، يلتزم أطراف النزاع بتوفير مساكن ملائمة لهم، وإنشاء مناطق محمية توفر الحماية لأفراد معينين. تتضمن التدابير الإنسانية أيضًا توفير مأوى آمن للنساء، مع مراعاة احتياجاتهن الخاصة من حيث الأمان، والخصوصية، والراحة وضمان بيئة لهن تحترم كرامتهن وتقيهن من أي مخاطر داخل المخيمات أو خارجها.

يوضح التقرير أن النساء في مراكز الإيواء بقطاع غزة يعانين من أوضاع قاسية بسبب الاكتظاظ وغياب الخصوصية. إذ تتكدس العائلات داخل صفوف دراسية أو خيام بلا فواصل، ما يفرض عليهن قيودًا على الحركة ويعرضهن لإحراج دائم. كما يشكل نقص المرافق الصحية تحديًا كبيرًا، حيث تُجبر النساء على استخدام حمامات مشتركة مع الرجال في ظل غياب إجراءات الأمان، مما يزيد من مخاوف التحرش ويحدّ من شعورهن بالأمان. كما تواجه النساء النفاس والفتيات اللواتي يحتجن إلى رعاية خاصة أثناء الدورة الشهرية صعوبات مضاعفة، في ظل غياب ترتيبات توفر لهن الخصوصية والنظافة الشخصية، مما يدفع بعضهن إلى اللجوء إلى بدائل غير صحية تؤثر سلبًا على صحتهن الجسدية والنفسية. أما الأمهات المرضعات، فيعانين من صعوبة إيجاد أماكن مناسبة للإرضاع، ما قد يدفعهن إلى الامتناع عن الرضاعة الطبيعية، وهو ما ينعكس سلبًا على صحتهن وصحة أطفالهن. وتواجه النساء الحوامل معاناة إضافية بسبب صعوبة الاستلقاء براحة في ظل الاكتظاظ، وافتقار المرافق الصحية الملائمة، مما يجبرهن على الانتظار لفترات طويلة أو التنقل لمسافات بعيدة، مما يعرضهن لمخاطر صحية تهدد سلامتهن وسلامة أجنتهن.

يبرز التقرير الأثر النفسي والاجتماعي العميق على النساء بسبب انعدام الخصوصية، حيث يؤدي ذلك إلى توتر مستمر، ويزيد من معاناتهن من مشكلات مثل القلق والاكتئاب. النساء اللواتي فقدن منازلهن يشعرن بعدم الاستقرار، ويزيد هذا الشعور بسبب البيئة المزدحمة وغير الآمنة في مراكز الإيواء. كما يؤدي غياب الخصوصية إلى اضطرابات في النوم، ويعزز الشعور الدائم بعدم الأمان. بعض النساء يعزلن أنفسهن لتجنب الإحراج أو النقد، مما يؤثر سلبًا على صحتهن النفسية. إضافة إلى ذلك، يفتح غياب الخصوصية المجال لمزيد من العنف المبني على النوع الاجتماعي، ويزيد من شعور النساء بالخوف من التطفل أو الاعتداء، خاصة أثناء الليل.

يسلط التقرير الضوء على غياب المنظور الجندري في الاستجابة الإنسانية في مراكز النزوح بقطاع غزة. فعلى الرغم من مرور عام ونصف على نزوح آلاف النساء إلى مراكز الإيواء، لا تزال الجهات المعنية عاجزة عن تقديم حلول فعالة لمشكلة انعدام الخصوصية، مما يزيد من معاناتهن في ظل الظروف المعيشية القاسية. وبينما تتركز الجهود الإنسانية على توفير الغذاء والماء والمساعدات الطبية، يتم إهمال الاحتياجات الأساسية للنساء، مثل أماكن آمنة ومرافق صحية منفصلة. إن هذا التجاهل لا يعكس فقط قصورًا في التخطيط الإنساني طويل الأمد، بل يشكل انتهاكًا للحقوق المكفولة في القانون الدولي، والتي تضمن للنساء بيئة آمنة تصون كرامتهن وتحمي خصوصيتهن.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة