هل نقترب من صفقة ؟

بقلم: أكرم عطا الله

أكرم عطاللة.jpg

يعلن دونالد ترامب أن صفقة بين إسرائيل وحركة حماس ستتم خلال الأسبوع، وربما كان يقصد تزامناً مع الاحتفال المشترك مع نتنياهو يوم الإثنين القادم بتحطيم الإقليم بعد أن أقاما ما يكفي من الاحتفالات المنفردة بعد توقف الحرب على إيران. يمارس ترامب حيله المعتادة على شاكلة أنه سيكون حازماً مع نتنياهو وهو الشريك التوأم الذي هدد الدولة الإسرائيلية والقضاء الإسرائيلي من أجله ولكن ليس بيد حماس سوى ضمانات أميركية تطالب بها وهي تدرك أنه لا يمكن الوثوق بالرئيس ترامب، لكنها بعد تلك المأساة تتعلق بأي شيء يلزم بما يكفي من تبرير رفض الصفقة التي قدمت في آذار وكان الثمن بينهما فادحاً.

ترامب يتحدث بثقة قائلاً: «ثقوا بي سأضمن موافقة حماس على الصفقة» هو يضغط على قطر لتقوم بدورها بالضغط على الحركة، وإسرائيل من جهتها تهدد حماس في حال عدم قبول الصفقة فإن العجلة ستتحرك، ما يشي بأن المقترح إسرائيلي فليس هناك شك في أن يكون عكس ذلك فالإدارة الأميركية بكامل معداتها وطواقمها تضع نفسها تحت تصرف نتنياهو وحكومته ويتم تحت التهديد، إسرائيل تهدد وترامب يقول الوضع سيكون أسوأ إذا لم تقبل حماس.

تفاؤل ترامب يقابله استخفاف من وزراء في حكومة نتنياهو، فسموتريتش الذي لم يلتقِ بن غفير حتى كتابة هذا المقال كان قد استبعد تماماً عقد صفقة قائلاً في إجابة لسؤال صحافية عن موقفه من عقد الصفقة: «أنا أعرف نتنياهو لن تكون صفقة»، أما وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو فقد استبعد تماماً وقف إطلاق النار معتبراً أن ما سيحدث هو «أننا سنفتح أبواب الجحيم على حماس فرئيس الحكومة يتوجه إلى واشنطن للحصول على دعم أميركي وأقدر أن النتيجة ستكون تصعيداً كبيراً ضد حماس».

فهل يمارس ترامب عادته في الخديعة ؟ وهو الرجل الذي لا يخجل أن يكتشف أنه كذب من أجل تمرير خطة ما وهذا سبب الحيرة.

هل يقصد عقد صفقة واضعاً ثقله أم أن هدفه تحميل حماس المسؤولية تمهيداً لتصعيد تتوقعه جهات إسرائيلية ويجري الحديث عنه بقوة أيضاً وخصوصاً أن إسرائيل تعيد نشر كتائب في غزة.

لا أحد يعرف هل هدفه الضغط على حماس أم تحميل حماس المسؤولية تمهيداً لاستكمال احتلال القطاع كما يريد وزراء في حكومة نتنياهو من الصعب أن تبقى الحكومة دونهم ؟

إسرائيل كما أبلغ دريمر ستيف ويتكوف توافق على المقترح بعد لقائه بنائب الرئيس الأميركي جي فايس ووزير الخارجية روبيو، وهكذا تعلن الولايات المتحدة قائلة إن الكرة في ملعب حركة حماس.

وتشير الأنباء المتفائلة إلى أن إسرائيل أعطت حركة حماس في المقترح الوعد الذي تريد بعد مهلة الستين يوماً باستمرار المفاوضات، ليقف التاريخ ماكراً مستعيداً مطالبات حماس لعقود شقيقتها حركة فتح بوقف المفاوضات لكنها تتحول إلى هدف ومطلب لحماس ...!

في النقاش الصاخب للاجتماعات المتواصلة للكابنيت الأمني والسياسي ما يزيد من ضبابية اللحظة.

فرئيس الأركان زامير يتحدث وكأنه يعرف مكان الأسرى حين يقول إن أي تقدم ممكن أن يؤدي إلى قتلهم، ويرد سموتريتش بأن إسرائيل تقدمت باتجاه إيران فقتل ثمانية وعشرون إسرائيلياً، ماذا يعني أن يقتل عشرون من أجل النصر الذي يريده سموتريتش ومعه نتنياهو.

أما نتنياهو فيبدو أنه أميل لصفقة يستعيد فيها الأسرى بعد إدراكه باستحالة عودتهم بالقوة لكن مستقبله السياسي مرتبط بتحقيق أهداف الحرب وعلى رأسها إزاحة حكم حماس، ما يعني إما استحالة وقف الحرب لتحقيق الهدف بالقوة أو تحقيقه بصفقة كما يقول، وهو ربما ما يقصده ترامب أو إسرائيل حين يتحدثون عن الضغط القطري.
الإسرائيليون يشيرون لإمكانية نجاح الصفقة هذه المرة، فالخيارات الإسرائيلية أيضاً محدودة رغم بطش القوة.

صحيح أن لدى إسرائيل ما يكفي منها للدخول لأي مكان في القطاع واحتلاله لكن في ذلك مغامرة بالأسرى تضع الحكومة والجيش أمام تساؤلات صعبة خصوصاً مع رياح النجاح التي تبثها وسائل الإعلام، فإسرائيل عالقة بين صفقة مختلف عليها حكومياً وفي لحظة معينة تهدد تماسكها وبين تصعيد يقتل الأسرى فأيهما ستختار ؟

ربما يكون الحل الوسط هو الأفضل لها، استعادتهم ثم استئناف القتال وهنا تجري إعادة التلاعب باللغة كي تقتنع حماس بما هو غير مقنع ولتقبل بما رفضته قبل أو بعد أشهر، فلا يتصور أحد أن نتنياهو وأمام ما تمر به الحكومة من ظرف ما قد تتم الإطاحة بها أن يواجه نتنياهو الشارع الانتخابي ببقاء حكم حماس فهذه مسألة مستحيلة، إذ الهدف المفهوم ضمناً لهذه الحرب هو إنهاء حكم حماس التي تقاوم هذا الهدف بكل ما تملك، وبما لا تملك من أصول للشعب الفلسطيني تم تجريفها ليكون هذا الثمن.

ما يعلنه ترامب هو على سبيل تسهيل صفقة لا خيار لنتنياهو إلا بها وما يمارسه من ضغط على قطر لجعل حماس تقبل بما يريده نتنياهو. فبعد إيران بات الثنائي يتصرف كمنتصر بلا منازع يريد ترجمة ذلك في غزة لكن الأسرى يمنعونه فلولاهم كما قال نتنياهو لتمت تسوية غزة بالأرض وكأنه لم تتم تسويتها بعد ... السؤال هو هل بقي شيء يستحق أن تطالب به حركة حماس وتتصلب أمامه ؟

لم يعد شيء يستحق سوى ادخار الموت اليومي الذي كان يجب أن تقدم حماس كل ما هو ممكن لإيقافه منذ أكثر من عام أو منذ أربعة أشهر حين عرض عليها نفس المقترح ...!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت