في خطوة تعكس وحدة الموقف الكنسي أمام المأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، زار بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن، ثيوفيلوس الثالث، وبطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، اليوم الجمعة، القطاع المنكوب، برفقة وفد كنسي في زيارة رعوية وإنسانية.
تهدف الزيارة إلى الوقوف ميدانيًا على أوضاع الفلسطينيين المسيحيين الذين يواجهون، إلى جانب عموم سكان غزة، كارثة إنسانية مستمرة منذ أكثر من 21 شهرًا، في ظل الحصار والقصف المتواصل. كما يشرف الوفد على جهود الإغاثة التي تقدمها الكنائس دعماً للمنكوبين، من أجل تعزيز صمود من فقدوا المأوى والدواء والأمان، في تجسيد عملي لمبدأ "الرحمة المسيحية" وتكامل الرسالتين الروحية والإنسانية.
وتأتي هذه الخطوة عقب سلسلة من الاعتداءات الخطيرة التي طالت المقدسات المسيحية في غزة، أبرزها القصف الذي استهدف المستشفى المعمداني في 17 أكتوبر 2023، وكنيسة القديس برفيريوس بعد ذلك بيومين، ثم إطلاق النار على المصلين في كنيسة العائلة المقدسة في 16 ديسمبر، وصولًا إلى القصف الجديد الذي طال الكنيسة نفسها يوم أمس، وأسفر عن استشهاد ثلاثة مدنيين، وإصابة تسعة آخرين، بينهم حالات حرجة، بالإضافة إلى إصابة كاهن الرعية الأب غابرييل رومانيلي وتدمير أجزاء من مجمّع الكنيسة، ما أدى إلى حرمان ذوي الاحتياجات الخاصة من أجهزتهم الطبية الحيوية.
وفي تصريحات مؤثرة من داخل القطاع، دعا البطريرك ثيوفيلوس الثالث إلى "وقفٍ فوري ودائم وشامل لإطلاق النار"، مطالبًا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه المدنيين الأبرياء في غزة، مؤكدًا أن الكنيسة الأرثوذكسية ستواصل أداء رسالتها الإيمانية والأخلاقية، رغم شدة الظروف.
وقال: "حيث تتزايد المعاناة، تتزايد مسؤوليتنا. نحن لا نأتي من بعيد، بل نحن جزء من هذه الأرض، من آلامها، من شعبها، ومن صمودها. الكنيسة هنا لترافق، لتداوي، ولتحيي الرجاء في القلوب التي تئن تحت وطأة الحرب المدمرة".
وتأتي هذه الزيارة بعد يوم واحد من جولة قام بها البطريركان، برفقة القاصد الرسولي، رئيس الأساقفة أدولفو تيتو إيلانا، إلى بلدة الطيبة شرق رام الله، حيث أدانوا اعتداءات المستوطنين على مقبرة وكنيسة البلدة، بمشاركة دبلوماسيين من أكثر من 20 دولة، بينها الأردن، وروسيا، والصين، ودول الاتحاد الأوروبي، واليابان، وكندا.