إسرائيليون يقدّمون التماسًا للمحكمة العليا لإلغاء قرار احتلال غزة وسط معارضة الجيش

احتجاجات وسط اسرائيل.jpg

قدم عدد من الإسرائيليين، بينهم ضباط جيش متقاعدون وصناعيون ومحامون، الاثنين، التماسًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية يطالبون فيه بإلغاء قرار المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) القاضي باحتلال مدينة غزة. وأكد الملتمسون أن القرار اتخذته "حكومة أقلية"، وبما يتعارض مع موقف المؤسسة العسكرية ودون دراسة كافية للتداعيات الأمنية والسياسية والدولية.

خلفية الالتماس

بحسب موقع والا العبري، فإن الالتماس ركّز على أن الكابينت تبنّى مقترح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالسيطرة على غزة رغم معارضة الجيش وجهات أمنية أخرى، حيث حذّر رئيس الأركان، إيال زامير، من أن العملية ستعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين في غزة للخطر، وتفاقم من إنهاك القوات النظامية وقوات الاحتياط، وربما تؤدي إلى انهيار منظومة الاحتياط، ما يشكّل خطرًا على الأمن القومي.

وقال الملتمسون في نص الالتماس: "بما أننا ندرك محدودية تدخل هذه المحكمة في قرارات المستوى السياسي ذات الجوانب العسكرية والأمنية، فإننا نطالب على الأقل بنشر الأسباب التي استند إليها الكابينت عند اتخاذ قراره باحتلال غزة علنًا".

انتقادات لقرار الحكومة

أكد الملتمسون أن قرار الاحتلال جاء من حكومة أقلية تواجه أزمة سياسية، مشيرين إلى أن اعتبارات نتنياهو قد تكون شخصية وسياسية أكثر منها موضوعية، خاصة على ضوء لائحة الاتهام الجنائية الموجهة ضده.

كما أوضحوا أن القرار لا يعكس موقف الجيش الإسرائيلي، الذي بذل قادته – وفي مقدمتهم رئيس الأركان – جهودًا متكررة على مدى شهر كامل للتأثير على مسار الخطة، لكن دون جدوى.

معارضة داخلية وتظاهرات موازية

وتزامن الالتماس مع تظاهرات ينظمها يساريون من حركة "نقف معًا" إلى جانب فلسطينيي 48، احتجاجًا على ممارسات الجيش الإسرائيلي في غزة وسياسات الحكومة. الحركة التي تُعرف بمواقفها المناهضة للاحتلال والتمييز، ركّزت على رفضها لاحتلال غزة، ودعت إلى التركيز على قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة.

في المقابل، تشهد الساحة الإسرائيلية أيضًا احتجاجات واسعة للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، حتى ولو تطلّب ذلك وقف الحرب، ما يعكس الانقسام الداخلي المتصاعد بشأن استمرار العمليات العسكرية.

"عربات جدعون 2".. الخطة العسكرية المثيرة للجدل

وكان المجلس الوزاري المصغر قد اجتمع الأحد الماضي لمناقشة خطة "عربات جدعون 2"، التي تمثل استكمالًا للعملية العسكرية السابقة "عربات جدعون" (16 مايو – 6 أغسطس 2024)، والتي أقر الجيش الإسرائيلي نفسه بفشلها في تحقيق أهدافها المعلنة وعلى رأسها هزيمة حماس وإعادة الأسرى.

وفي 21 أغسطس/ آب المنصرم، صدّق الكابينت على خطط الجيش لاحتلال غزة، بموافقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، رغم التحفظات العسكرية. وكشفت القناة 12 العبرية مؤخرًا وثيقة داخلية سرية للجيش تقر بفشل العملية السابقة، ما عزز المخاوف من تكرار السيناريو ذاته.

حرب إبادة ومأساة إنسانية

تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي وصفتها جهات دولية بأنها حرب إبادة جماعية بدعم أمريكي. وتشمل هذه الحرب القتل الممنهج والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

ووفق آخر الإحصاءات، خلفت الحرب 63,557 شهيداً و160,660 مصابًا من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9,000 مفقود ومئات آلاف النازحين. كما أودت المجاعة بحياة 348 فلسطينيًا بينهم 127 طفلاً، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق.

يعكس الالتماس المقدم للمحكمة العليا عمق الانقسام داخل إسرائيل بشأن قرار احتلال غزة، بين حكومة أقلية تسعى لفرض رؤيتها السياسية، ومؤسسة عسكرية تحذّر من مخاطر القرار على الأمن القومي والأسرى، وبين مجتمع يشهد احتجاجات متناقضة بين المطالب بوقف الحرب أو المضي فيها. ومع استمرار الحرب على غزة وتفاقم المأساة الإنسانية، يبقى القرار الإسرائيلي موضع جدل داخلي وخارجي متصاعد.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة