يديعوت أحرونوت: نتنياهو يقود إسرائيل نحو عزلة دولية خانقة وخطر انهيار اتفاقيات السلام

عزلة اسرائيل.jpg

حذرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، في تقرير مطوّل نشرته اليوم، من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يقود إسرائيل نحو عزلة دولية غير مسبوقة، بعدما تجاهل تحذيرات قادة الأجهزة الأمنية ووزراء بارزين، مفضّلًا الإبقاء على تحالفه مع شركائه المتطرفين إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على حساب المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل.

وقالت الصحيفة إن نتنياهو حوّل السياسة الخارجية لإسرائيل إلى "لعبة بقاء سياسي شخصي"، متجاهلًا تداعيات العمليات العسكرية في غزة ومحاولة اغتيال قيادة حماس الفاشلة في الدوحة، ما يضع اتفاقيات السلام مع مصر والأردن واتفاقيات التطبيع مع دول الخليج في مهب الريح، ويهدد مستقبل العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة.

خلافات داخلية وتحذيرات أمنية تم تجاهلها

أشارت الصحيفة إلى أن قادة الأجهزة الأمنية، بمن فيهم رئيس الموساد دافيد (ديدي) برنياع ورئيس الأركان إيال زامير، حذروا نتنياهو من المضي في خيار احتلال مدينة غزة بالكامل، مؤكدين أن هذا القرار ستكون له كلفة بشرية وأمنية وسياسية باهظة، وسيدخل إسرائيل في مأزق "الحكم العسكري في القطاع".

وكشفت أن زامير قدّم عرضًا مفصلًا يقارن بين خيار الحصار والغارات المركزة، مقابل الاحتلال الكامل، مبينًا المخاطر على الجنود والرهائن، والأعباء الإنسانية، والشرعية الدولية. ورغم دعم وزير الخارجية جدعون ساعر وبرنياع لموقف زامير، رفض نتنياهو المقترح بشكل قاطع، وأصر على تنفيذ خطته.

انعكاسات خطيرة على العلاقات الخارجية

أوضحت يديعوت أحرونوت أن محاولات الاغتيال في الدوحة، والتمسك بخيار الحرب الشاملة في غزة، أدى إلى توتر خطير مع قطر ودول خليجية أخرى، مشيرة إلى أن هذه الدول كانت وسطاء رئيسيين في المفاوضات مع حماس بشأن الأسرى.

كما لفتت إلى أن اتفاقيات إبراهيم الموقعة مع الإمارات والبحرين مهددة بالتجميد بفعل ضغط الرأي العام العربي، بينما حذرت الإمارات صراحة من أن ضم الضفة الغربية سيمثل انتهاكًا للاتفاقيات. وتكررت إشارات مشابهة من البحرين والأردن ومصر والمغرب.

وفي أوروبا، أكدت الصحيفة أن إسرائيل لا تملك سفراء في إسبانيا والنرويج وأيرلندا، بينما تهدد باريس بتقليص تعاونها الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل بعد اعترافها بدولة فلسطينية.

وأشارت أيضًا إلى أن الاتحاد الأوروبي صادق على مقترح لتعليق المزايا التجارية لإسرائيل وفرض عقوبات على وزراء متطرفين، بينهم بن غفير وسموتريتش، وأن القرار ينتظر موافقة مجلس رؤساء الدول الأعضاء.

أزمة داخل الولايات المتحدة

قالت الصحيفة إن الوضع "حرج" في الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل. فبينما يواصل الرئيس السابق دونالد ترامب التعبير عن دعمه، تتزايد الأصوات داخل الحزب الجمهوري المطالبة بوقف المساعدات الأمنية لإسرائيل، في ظل تآكل دعم الحزب الديمقراطي بشكل شبه كامل.

وأوضحت أن أصواتًا من حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" (MAGA) تنادي بوقف المساعدات التي أقرت منذ اتفاقية كامب ديفيد، ما يعرض الدعم الاستراتيجي لإسرائيل للخطر.

حرب الوعي وخسارة الرأي العام

بحسب الصحيفة، فإن إسرائيل "خسرت معركة الوعي" عالميًا، إذ نجحت حركة حماس في كسب تعاطف واسع، فيما صُوّرت إسرائيل باعتبارها المعتدي، خاصة بين الأجيال الشابة.

وأضافت أن الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا باتت تواجه تصاعدًا في مظاهر معاداة السامية والاعتداءات اليومية، حيث لم يعد الرأي العام يميز بين إسرائيل واليهود.

أصوات تحذيرية داخل الحكومة

قال وزير الخارجية جدعون ساعر، بحسب الصحيفة، إن "غزة قد تسقطنا"، محذرًا من التآكل المتسارع في الدعم الدولي لإسرائيل، ومطالبًا بوقفة جادة لإعادة تقييم السياسات.

لكن نتنياهو، وفق يديعوت أحرونوت، يواصل رفض أي مقترحات لوقف إطلاق النار أو الدخول في تسويات سياسية، مفضّلًا الحديث عن "استسلام حماس الكامل"، فيما يرى مسؤولون أمنيون أن هذا النهج سيقود إلى "فراغ سياسي خطير" في القطاع.

"محور الشر الجديد" وتصعيد ضد قطر وتركيا

أوردت الصحيفة تصريحات للوزير عميحاي شيكلي، قال فيها إن هناك "محور شر جديد" يضم قطر وتركيا وسوريا، زاعمًا أن هذه الدول تدير "حملة دبلوماسية ضد إسرائيل" وتوفر ملاذًا لقيادة حماس.

وأضاف شيكلي أن "قطر دولة عدوة"، متهمًا إياها بشراء مؤثرين وسياسيين في الغرب، وأن الهجوم الأخير في الدوحة "فضح نفق الإرهاب السياسي الذي تمثله".

خلصت يديعوت أحرونوت إلى أن استمرار تجاهل نتنياهو لتحذيرات كبار المسؤولين، وتغليبه لمصالحه السياسية الضيقة على المصلحة الاستراتيجية، يدفع إسرائيل نحو عزلة دولية متزايدة تهدد أمنها واقتصادها وعلاقاتها مع حلفائها، محذرة من أن استمرار هذا النهج قد يحوّل العزلة إلى "واقع لا رجعة فيه".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة