توازنٌ هشّ في غزة: إسرائيل تربط الانتقال للمرحلة الثانية بإعادة جثامين الأسرى… وواشنطن تُحضّر «قوة استقرار» بمشاركة دولية قيد التفاوض

قطاع غزة.webp

حذّرت إسرائيل الإدارة الأميركية من أنّ صفقة غزة قد تتعثّر ولن تنتقل إلى المرحلة التالية ما لم تُظهر حركة حماس «الجهد الأقصى» في استعادة جثامين الرهائن القتلى وإعادتها. وينصّ الاتفاق على إعادة رفات 28 رهينة، بينهم أميركيان، فيما تؤكّد تل أبيب أنّ الحركة لا تلتزم بالكامل بهذا البند حتى الآن. وقد تجنّبت الأطراف أزمة فورية خلال الساعات الأخيرة بعدما أعادت حماس جثامين خمسة رهائن على دفعتين—ثلاثة يوم الثلاثاء واثنان يوم الأربعاء—ليصل الإجمالي إلى تسعة من أصل 28، وهو ما دفع إسرائيل إلى التراجع عن تهديداتٍ بخفض شحنات المساعدات إلى النصف وإبقاء المعابر مغلقة. في المقابل تقول حماس إنّ ما لديها من رفات قد نُقل، وإنّ استخراج المزيد يتطلّب «جهودًا ومعدّات خاصة»، بينما يقدّر مسؤولون إسرائيليون أنّ بين 15 و20 جثمانًا يمكن إعادتُها سريعًا متى توفّرت الظروف الميدانية.

في خلفية الاتصالات، نقلت مصادر عن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر اتهامَه حماس «بإبطاء» وتيرة التسليم خلال تواصله مع مبعوثي الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مع تأكيدٍ إسرائيلي تزويد واشنطن بمعلومات استخباراتية تزعم أنّ لدى الحركة قدرة وصولٍ إلى مزيد من الرفات. وتخشى دوائر أميركية وإسرائيلية أن يوظّف وزراء متشدّدون—بينهم بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير—ملف الجثامين لتقويض الصفقة والدفع نحو استئناف القتال. وبرغم التوتّر، تؤكد مصادر أميركية استمرار العمل على استعادة الرفات «من دون السماح بانهيار الاتفاق»، مع طروحاتٍ تشمل حوافز أو مكافآت للإدلاء بمعلومات تُسهم في انتشال الجثامين المدفونة تحت الركام والذخائر غير المنفجرة.

بالتوازي، بدأت واشنطن ترجمة خطتها المكوّنة من 20 بندًا عبر التحضير لـقوّة دولية لإرساء الاستقرار في غزة، هدفها تحقيق «استقرارٍ أساسي» يمهّد للمسار السياسي والأمني التالي. ووفق إحاطات لمسؤولين أميركيين كبار، فقد وافقت الولايات المتحدة على إرسال ما يصل إلى 200 جندي في أدوارٍ لوجستية وإشرافية من دون انتشار داخل القطاع، مع وجودٍ أولي يقارب 24 جنديًا لتنسيق العملية وإطلاقها. وميدانيًا، بدأت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) نشر عناصر لها في إسرائيل لتأسيس مركزٍ للتنسيق المدني–العسكري شمال غزة في ظل غياب فرق تنسيق موازية من جهات حكومية أخرى، فيما يَعدّ مسؤولون دفاعيون المهمة تحدّيًا مركّبًا بسبب غياب مرجعية موحّدة وكثرة الأطراف المنخرطة.

وعلى صعيد التشكيل، تكشف المعطيات عن اهتمامٍ من ثلاث دول غير عربية—إندونيسيا وأذربيجان وباكستان—بالانضمام إلى القوة المرتقبة، بينما تتفاوض واشنطن كذلك مع الإمارات ومصر وقطر للمساهمة بأدوار داعمة. وتفترض الخطة الأميركية تدريب الشرطة الفلسطينية لتولّي إدارة القطاع تدريجيًا ونقل السلطة من حماس، مع مشاورات مصرية–أردنية من دون نشر قوات لتفادي حساسية الظهور كقوة تعمل لصالح إسرائيل. كما طُرحت ترتيبات لتموضع عناصر من دولٍ إقليمية داخل إسرائيل للمساهمة في مراقبة وقف إطلاق النار. وفي موازاة هذا المسار، يجري النقاش حول إنشاء مناطق آمنة للمدنيين بعد حوادث قتل اتُّهمت بها حماس بحق سبعة رجال وُصفوا بالمتعاونين مع إسرائيل، مع تأكيدٍ أميركي على أنّ لا أحد سيُجبر سكان غزة على مغادرة القطاع، وبدء بحثٍ في إعادة إعمار مناطق خالية من مقاتلي حماس استنادًا إلى تعهدات استثمار دولية يقول الرئيس دونالد ترامب إنّه حصل عليها، وإن كان التنفيذ «سيستغرق وقتًا».

سياسيًا، تسعى الولايات المتحدة لفتح مفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة—وهي الأكثر حساسية—وتعالج مسائل الحُكم والأمن ونزع سلاح حماس مقابل توسيع انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. وتشدّد إسرائيل على أنّ وتيرة الانتقال إلى هذه المرحلة ستتسارع كلّما تسارعت إعادة الجثامين. غير أنّ التفاوض متوقَّعٌ أن يكون شديد الصعوبة خصوصًا في بند نزع السلاح؛ إذ يلوّح ترامب بأن فرضه قد يتمّ «بالقوة»، ما يعني أنّ شبح استئناف القتال سيظل حاضرًا إذا تعطّل أيّ مسار من مسارات الخطة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - واشنطن - القدس المحتلة