ذكرت وسائل إعلام محلية صباح اليوم أنّ إعادة تشغيل البنوك في قطاع غزة بدأت فعليًا، استنادًا إلى تصريحٍ لنائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية محمد مناصرة الذي قال في مقابلة إذاعية إن السلطة تمكنت من تشغيل فرعين اعتبارًا من اليوم الخميس، على أن يرتفع العدد إلى 7 فروع خلال الأسبوع المقبل.
غير أنّ المعطيات الميدانية تُظهر صورة مغايرة؛ إذ تبيّن أنّ الفرع الوحيد الذي فتح أبوابه اليوم هو فرع البنك الإسلامي الفلسطيني في شارع عمر المختار، وفق ما أكده البنك نفسه في بيان رسمي صدر أمس، بينما لم يُفتتح حتى الآن أي فرع آخر لأي بنك من شمال القطاع إلى جنوبه. ويعني ذلك أن «الفرعين» المشار إليهما في تصريح نائب المحافظ يعودان للبنك ذاته، وليس لبنكين مختلفين كما أوحت التصريحات.
وفي السياق نفسه، أشار بيان البنك الإسلامي الفلسطيني بوضوح إلى أن فرع دير البلح لم يُفتتح اليوم لأنه كان يقدم خدماته طوال فترة الحرب في ظروف بالغة الصعوبة، ما يطرح أسئلة حول دقة الإحالات الرسمية التي نسبت هذا «الإنجاز» إلى سلطة النقد.
على المستوى التشغيلي، أفادت مصادر مصرفية فلسطينية لوكالة «صدى نيوز» بأن إعادة تشغيل البنوك فعليًا لا يمكن أن تتم إلا بتوافر حزمة شروط أساسية، أبرزها: إدخال السيولة النقدية إلى القطاع، ضمان الأمن والحماية للمنشآت والعاملين، وتمكين المصارف من إدخال الأجهزة والمعدات اللازمة لإعادة تقديم الخدمات—من حواسيب وصرافات آلية وخزنات أموال وغيرها. وتوضح المصادر أن هذه الشروط غير متوفرة بعد على الأرض، ما يجعل الحديث عن تشغيل طبيعي سابقًا لأوانه، وأن أي فروع قد تُفتح الآن لن تتمكن سوى من تقديم خدمات محدودة للمواطنين في ظل غياب بيئة تشغيلية آمنة ومستقرة.
ويواصل سكان غزة منذ بدء الحرب مطالبة سلطة النقد بدور أكثر فاعلية يتجاوز البيانات المتكررة نحو تدخلات رقابية ملموسة تكبح استغلال «تجّار الحرب» الذين يفرضون عمولات باهظة على عمليات السحب النقدي، وهي ممارسات فاقمت المعاناة واستنزفت الموارد من دون مظلة حماية كافية.
وبين تعهداتٍ رسمية متفائلة وواقعٍ ميداني حذر، تبدو عودة المنظومة المصرفية إلى العمل الكامل مرهونةً بإزالة الاختناقات الأمنية واللوجستية والمالية قبل أي إعلان عن «تشغيل» واسع النطاق.
