أكد كبار المسؤولين الماليين حول العالم استعدادهم للمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة، بينما يضع البنك الدولي والأمم المتحدة اللمسات الأخيرة على تقدير جديد للتكلفة بقيمة 70 مليار دولار. وجاء ذلك بالتوازي مع تحذيرات أممية من صعوبات إيصال الإغاثة إلى المناطق الأشد تضرّرًا، واستمرار القيود التي تُبقي الاحتياجات بعيدة عن مستويات الحد الأدنى.
ما الذي نوقش دوليًا؟
قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا إن لجنة التنمية على المستوى الوزاري—التي تقدّم المشورة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي—ناقشت يوم الخميس تحديات إعادة الإعمار. وأكدت: «نقدّر بشدة وقف إطلاق النار، وتوقف أعمال القتل، وإعادة الأسرى إلى ديارهم، وحصول الفلسطينيين على الطعام… نأمل أن يقود ذلك إلى المرحلة التالية بسلام».
وأشارت أوكونجو إيويالا إلى أن اللجنة تناولت شكل عملية الإعمار، فيما عبّر مسؤولون في البنك الدولي عن الاستعداد للعمل مع السكان في المنطقة ومع أطراف أخرى، مضيفة: «نريد تقديم المساعدة… نأمل أن يشكّل هذا طريقًا للمضي قدمًا وعودة الحياة إلى طبيعتها، لكن الأمر سيستغرق وقتًا».
هدنة توقف حربًا مدمّرة… لكن الشاحنات لا تصل بما يكفي
أوقف الاتفاق حربًا مدمّرة استمرت لعامين، غير أن مسؤولين في الأمم المتحدة يقولون إن قوافل المساعدات تواجه صعوبات للوصول إلى شمال غزة حيث مناطق المجاعة، بسبب الأضرار في الطرق واستمرار إغلاق المعابر.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، يدخل القطاع متوسط 560 طنًا من المساعدات الغذائية يوميًا منذ سريان وقف النار—وهو أقل بكثير من الاحتياجات المطلوبة لسكان القطاع.
هل الظروف مهيّأة للإعمار؟
قال القائم بأعمال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هاوليانغ شو إن الظروف لم تتهيأ بعد لبدء الإعمار. وأوضح أن خططًا تُصاغ لعقد مؤتمرٍ للإعمار، لكن لم يُحدَّد موعده، متسائلًا: «المشكلة من أين نبدأ؟» في إشارة إلى تقديرات أممية تحتم إزالة أكثر من 61 مليون طن من الأنقاض من غزة.
وأضاف شو: «بوسعنا فعل ذلك، لكن يجب أن تكون الظروف مواتية. يجب إطلاق سراح جثث الرهائن»، مشددًا على أن تأمين المأوى ضرورة مُلحّة مع اقتراب فصل الشتاء.
كلفة إعادة البناء… تتصاعد
كان البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قد قدّروا في فبراير/شباط أن كلفة إعادة إعمار غزة تتجاوز 50 مليار دولار. وتعمل الجهات نفسها الآن على تقدير مؤقت جديد يبلغ 70 مليار دولار، في ضوء الخراب الواسع وتعقيدات الوصول والإمداد.
بين تعهدات مالية كبيرة ورغبةٍ دولية في الانخراط، يقف إعمار غزة عند اختناق إنساني ولوجستي: معابر مغلقة، طرقٌ مدمّرة، ملايين الأطنان من الركام، واحتياجات غذائية عاجلة تفوق ما يدخل يوميًا بكثير. ورغم الزخم السياسي، فإن جدول الإعمار سيظل رهين تحسين شروط الوصول، وتوسيع تدفق الإغاثة، وتهيئة بيئة آمنة تتيح بدء إزالة الركام وتوفير ملاجئ شتوية، قبل الانتقال إلى مشاريع البنية التحتية وإعادة البناء الشامل.