نقل الموفدان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر رسالة حازمة خلال اجتماعهما، اليوم الإثنين، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مفادها أن "الولايات المتحدة تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها لا تسمح بخطوات قد تعرض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة للخطر".
جاء ذلك بحسب ما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، وذكرت أن نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، شددا خلال الاجتماع على أن "إسرائيل ملتزمة بوقف إطلاق النار وتتوقع من حركة حماس الالتزام بالاتفاق كذلك". وأوضحت القناة أن المبعوثين نقلا موقف البيت الأبيض القائل إنّ أي تصعيد ميداني جديد "قد يعرّض المرحلة الثانية من خطة ترامب للخطر".
يأتي الاجتماع في ظلّ تصاعد التوتر الميداني بعد يوم دامٍ في قطاع غزة، نفذت خلاله إسرائيل غارات جوية مكثفة ادعت أنها جاءت ردًا على "خرق" حماس لاتفاق الهدنة في رفح، ما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين، فيما أدت الغارات إلى استشهاد أكثر من 45 شهيدًا فلسطينيًا، بينهم صحافي، وفق مصادر في غزة.
وبحسب هيئة البث العام الإسرائيلية ("كان 11")، فإن الرسالة التي نقلها الجانب الإسرائيلي خلال الاجتماع شددت على أن تل أبيب سلّمت معلومات إلى آلية الرقابة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة بهدف تسريع عمليات البحث التي تجريها حماس عن جثث الأسرى في غزة، مشيرة إلى "توقعاتها بأن تفي الحركة بالتزاماتها وتعيد جثث الأسرى المحتجزة لديها".
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية في كلمته أمام الكنيست إن جيش الاحتلال "ألقى 153 طنًا من القنابل على قطاع غزة خلال يوم واحد"، في رد على "الخرق" المزعوم متعهدًا بمواصلة العمليات حتى تحقيق "كامل أهداف الحرب"، بما في ذلك "القضاء على حماس عسكريًا وسلطويًا" بالإضافة إلى "نزع سلاح" الحركة.
وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن بلاده "منحت حماس فرصة صغيرة لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار"، لكنه توعد بـ"القضاء" على الحركة إذا فشلت في الالتزام به. وأضاف ترامب للصحافيين: "توصلنا إلى اتفاق مع حماس يضمن أن يكون سلوكهم جيدًا جدًا، وإن لم يفعلوا، سنقضي عليهم. وإذا اضطررنا لذلك، فسيتم القضاء عليهم".
ووصل الموفدان الأميركيان ويتكوف وكوشنر إلى إسرائيل صباح الإثنين لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين حول متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم الأسبوع الماضي بين إسرائيل وحماس بناء على خطة ترامب، بعد تصعيد ميداني هدد بتقويضه.
والتقى نتنياهو بالمبعوثين الأميركيين وبحث معهما "التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة"، بحسب مكتب نتنياهو الذي أشار إلى أنه سيلتقي أيضًا نائب الرئيس الأميركي، جاي دي فانس، الذي سيبدأ زيارته إلى إسرائيل الثلاثاء.
وبحسب التقارير، تستمر زيارة فانس إلى إسرائيل مدة 48 ساعة. ومن المقرر أن يتوجه فانس إلى مركز توزيع مساعدات وفقا للآلية الأميركية الإسرائيلية في قطاع غزة، ويلتقي عائلات أسرى، ويعقد اجتماعات مع نتنياهو والرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ.
في المقابل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11") أن الجانب الإسرائيلي نجح في ثني نائب الرئيس الأميركي عن زيارة موقع داخل قطاع غزة، وأنه سيكتفي بمتابعته والإشراف عليه من موقع بعيد، مشيرة إلى أن فانس كان يرغب بزيارة القطاع ليصبح بذلك أرفع مسؤول أميركي يدخله منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال نتنياهو أمام الكنيست إن اللقاء مع فانس سيتناول "التحديات الأمنية والفرص الدبلوماسية الماثلة أمام إسرائيل"، مشيرًا إلى أن حكومته "ستتغلب على التحديات وتغتنم الفرص" في إشارة إلى إبرام اتفاقيات تطبيع محتملة مع دول عربية وإسلامية برعاية إدارة ترامب.
وبموازاة ذلك، أعلنت إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة "بشكل كامل وفقًا للاتفاق الموقع"، بعد أن علّقت إدخاله الأحد عقب اتهام حماس بخرق الهدنة، فيما سيبقى معبر رفح مغلقًا حتى إشعار آخر.
وأكدت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، ونفت علمها بوقوع اشتباكات في رفح التي ما زالت تحت السيطرة الإسرائيلية، معتبرة أن الاتهامات الإسرائيلية تهدف إلى "تبرير العدوان واستئناف القصف".
وأشارت وزارة الصحة في غزة إلى أن الغارات الإسرائيلية التي نُفذت الأحد أسفرت عن استشهاد 45 فلسطينيًا، بينما ذكرت مصادر محلية أن عشرات المنازل والمباني دُمرت، ما أعاد مشاهد الحرب إلى أحياء البريج والنصيرات ورفح.
وتأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه واشنطن إلى ضمان استقرار اتفاق الهدنة الذي يُعدّ ركيزة أساسية في "خطة ترامب" لإنهاء الحرب. وتشمل الخطة عشرين بندًا تنص على تبادل للأسرى، وانسحاب إسرائيلي تدريجي من مناطق في غزة، ودخول المساعدات الإنسانية بإشراف دولي.
وتنص الخطة كذلك على إنشاء "لجنة تكنوقراط" لتسيير الشؤون اليومية في القطاع، بإشراف "مجلس سلام" يرأسه ترامب، وانتشار قوة دولية لضمان الاستقرار، من دون أي دور لحركة حماس في إدارة غزة.
وبموجب المرحلة الأولى من الاتفاق، سلّمت حماس 20 أسيرًا إسرائيليًا على قيد الحياة، مقابل الإفراج عن نحو ألفي معتقل فلسطيني، كما سلّمت 12 جثة لأسرى قُتلوا خلال الاحتجاز، وأعلنت أنها تواصل البحث عن جثث آخرين تحت الأنقاض رغم الظروف الميدانية الصعبة.
وفي المقابل، سلّمت إسرائيل، أمس الأحد، 15 جثمانًا لفلسطينيين عبر الصليب الأحمر، ليصل عدد الجثامين التي تسلمتها وزارة الصحة في غزة إلى 150، في إطار آلية التبادل التي نص عليها الاتفاق.