تبدي أوساط أمنية وسياسية إسرائيلية تحفظات متزايدة على الصياغات الأولية لمشروع قرارٍ أميركي يُعتزم طرحه على مجلس الأمن لإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، بدعوى أن بعض البنود قد تقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيلي وتخفف من إلزام حركة «حماس» بتجريدٍ كامل من السلاح، وسط مخاوف من تكرار نموذج «اليونيفيل» في لبنان وتحول القوة المقترحة إلى عبء على أهداف الحرب.
وبحسب المحلل العسكري في «يديعوت أحرونوت» وموقع «واينت» رون بن يشاي، تنظر إسرائيل بريبة إلى مسودة يجري تداولها بين أعضاء المجلس، رغم أنها لم تُعرض رسميًا بعد على الدول الخمس عشرة. وتشير التقارير إلى أن الصيغة الأولية لا تحسم بعد هوية الدول المشاركة ولا طبيعة التفويض، وأن واشنطن لا تتجه إلى قرار مُلزِم تحت الفصل السابع، بل إلى وثيقة عامة تمنح غطاءً سياسيًا لتشكيل «قوة استقرار» تقودها بالتعاون مع دول عربية وإسلامية.
وتُقدَّم القوة، وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على غزة، بوصفها جسمًا يعمل تحت مظلة «مجلس السلام» الذي سيترأسه ترامب، مع حديث عن دور محتمل لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، فيما تُشرف على التنسيق هيئة دولية تضم ممثلين عن نحو أربعين دولة.
النقطة الأكثر إثارة لاعتراض تل أبيب تتعلق بالبند الخاص بسلاح «حماس». ففي حين استخدمت الخطة الأصلية مصطلح «Disarmament» (نزع السلاح)، تستبدل المسودة الأميركية الجديدة به تعبير «Decommissioning» (إخراج السلاح من الاستخدام)، وهو توصيف تعتبره إسرائيل فضفاضًا يتيح التفافًا على مطلب التسليم الكامل للسلاح—including الأسلحة الخفيفة—لجهة خارجية تشرف على ضبطه. كما تتحفظ المؤسسة الأمنية على منح الأمم المتحدة دور المرجعية في تشكيل القوة وتفويضها، خشية إعادة إنتاج تجربة «اليونيفيل» التي ترى تل أبيب أنها أخفقت في فرض قيود فعلية على «حزب الله».
وتحذّر دوائر في إسرائيل من أن تتحول «قوة الاستقرار» المقترحة إلى عائق أمام استكمال أهدافها العسكرية، وفي مقدمتها منع إعادة بناء القدرات القتالية لفصائل المقاومة الفلسطينية وضمان عدم تجدد التهديدات على الحدود.
الجبهة اللبنانية: ضغط متواصل وخيار التصعيد قائم
بالتوازي، تواصل إسرائيل—وفق روايتها—ممارسة ضغوط سياسية وعسكرية على الحكومة اللبنانية و«حزب الله» لـ«تسريع عملية نزع سلاحه». وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن الجيش اللبناني ينفّذ «عمليات محدودة» ضد مواقع ومخازن صواريخ في الجنوب «لكنها غير كافية»، فيما يواصل الحزب ترميم شبكاته وتحصين مواقعه وبناء منشآت جديدة.
وتتحدث المصادر نفسها عن «رصد محاولات تهريب محدودة للأسلحة والتكنولوجيا من العراق إلى قواعد للحزب في البقاع»، مؤكدة أن إسرائيل «تستهدف كل عملية تهريب أو إعادة بناء قوة» متى توافرت معلومات دقيقة. وترى أن «حزب الله» يركز راهنًا على تثبيت مكانته الداخلية أكثر من خوض مواجهة مباشرة، ما يدفع مؤسسات الدولة اللبنانية إلى تجنّب الصدام خشية انزلاق البلاد إلى صراع داخلي.
وختمت التقديرات بالإشارة إلى أن تل أبيب ستواصل استخدام أدوات الضغط السياسي والعسكري لدفع بيروت إلى التحرك ضد الحزب، مع إبقاء خيار «تصعيد العمليات» مطروحًا «إذا لم تُفضِ الضغوط إلى نتائج ملموسة خلال فترة معقولة»، وذلك «بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة».
