تعديل وزاري يشمل «المالية» و«النقل والمواصلات»

هاني المصري: «الاستقالات الوزارية نادرة… والإصلاح الحقيقي يبدأ بمكافحة الفساد واستقلال القضاء»

وزارة المالية.png

أعلن مركز الاتصال الحكومي عن تعديل وزاري شمل حقيبتي المالية والنقل والمواصلات. وبموجب القرار، كلّف رئيس الوزراء وزيرَ التخطيط والتعاون الدولي الدكتور أسطيفان سلامة بـتسيير أعمال وزارة المالية إلى جانب مهامه الأصلية، وذلك عقب استقالة وزير المالية. كما أفاد المركز بأن الدكتور محمد الأحمد سيؤدي اليمين الدستورية أمام السيد الرئيس وزيرًا للنقل والمواصلات.

خلفيات الاستقالة وفق مصادر مطّلعة

أفادت مصادر محلية أن خلفية الاستقالة تعود إلى توقيع وزير المالية على رواتب للأسرى وعائلات الشهداء وفق النظام القديم وليس وفق النظام الجديد «الحالات الاجتماعية»، مشيرةً إلى أن الوزير طُلبت منه الاستقالة على خلفية ذلك. ولم يتسنّ التأكد من هذه الرواية من مصادر رسمية مستقلة، فيما لم يَرِد في بيان مركز الاتصال أي تفاصيل حول أسباب الاستقالة.

قراءة نقدية: ندرة الاستقالات والحاجة إلى إصلاحات أوسع

في مداخلة إذاعية رصدتها وكالة قدس نت للأنباء، قال الكاتب والمفكر هاني المصري إن الاستقالات الوزارية نادرة في تاريخ السلطة، و«حالات قليلة معدودة» سُجّلت خلال سنواتها. وأوضح أن بعض الاستقالات تسبق التعديل الوزاري أو تصدر لأسباب شخصية أو صحية، غير أن وزارة المالية كانت خلال الفترة الأخيرة «في وضع لا يُحسد عليه» بسبب شح الموارد، والقرصنة الإسرائيلية على الأموال، وتعذّر سداد الرواتب بانتظام، ما عرّض الوزير وطاقمه لانتقادات متصاعدة من الرأي العام.

وتطرّق المصري إلى معلومات عن تحقيقات تطال «عددًا من المديرين في وزارة المالية»، قائلًا إن النيابة العامة تحقق مع بعضهم، مع التأكيد على قرينة البراءة إلى حين صدور أحكام. وأشار إلى أن استطلاعات الرأي تفيد بأن «أكثر من 80% من المواطنين يعتقدون بوجود فساد كبير في السلطة»، معتبرًا أن «الإصلاح الحقيقي المطلوب لا يقتصر على المناهج أو الإعلام كما تطالب جهات خارجية، بل يجب أن يركّز على مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية».

حق الحصول على المعلومات… ومكافحة الشائعات

انتقد المصري ضعف تدفق المعلومات من مصادرها الأصلية، ما يفتح الباب أمام الإشاعات لتكون «المصدر الأول المؤثر على المواطن»، على حدّ قوله. وروى أنه حاول التواصل مع المتحدث الحكومي للتثبت من خبر الاستقالة «قبل صدور البيان»، لكن الرد جاء «متأخرًا»، ما أفقد الوسيلة الإعلامية «ميزة السبق». واعتبر أن إتاحة المعلومات بشكل منهجي تحُدّ من الفراغ المعلوماتي وتقلّل من تأثير الشائعات.

صراعات داخلية ومراكز قوى

أشار المصري إلى خلافات بين الوزير المستقيل وبعض المديرين داخل الوزارة، لافتًا إلى أن الوزير «قادِم من شركة تدقيق» وأنه «أمين ودقيق، وربما دقيقٌ زيادة عن اللزوم»، على حدّ وصفه، مرجّحًا أن يكون «تعرّض لضغوط». وتحدث عن وجود مراكز قوى داخل الوزارات «السيادية»، إذ قد يتصرف بعض الموظفين «كما لو أنهم أهم من الوزير»، بحكم اطلاعهم على خفايا الملفات ومراكمة النفوذ المؤسسي «حتى من دون حماية سياسية مباشرة»، ما يستدعي—برأيه—إصلاحات إدارية عميقة تمنع تضارب الصلاحيات وتعيد الهرمية الواضحة للمساءلة.

القضاء والإعلام… ركائز للحوكمة الرشيدة

انتقد المصري ضعف استقلال القضاء و«استقطاب الإعلام»، معتبرًا أن السلطة التنفيذية «مستأثرةٌ بالسلطات» وأن إصلاح القضاء يجب أن يضمن الاستقلال بالقانون والممارسة وحماية القضاة من الضغوط. واستشهد برواية متداولة عن ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية ليؤكد أن «سلامة القضاء تعني طمأنينة المجتمع حتى في الأزمات»، وأضاف: «إذا كان العدل بخير، نام الناس مرتاحين». ورأى أن قوة القضاء والإعلام تشكل حائط صد ضد الفساد والاختراقات، وتساعد في ترسيخ المساءلة.

هشاشة أمام التدخلات الخارجية

وحذّر المصري من أن القضية الفلسطينية لطبيعتها المحورية وتقاطعاتها الإقليمية والدولية مستهدفة بمحاولات التدخل من دولة الاحتلال وأطراف أخرى، معتبرًا أن المناعة المؤسسية—من قضاء مستقل وإعلام مهني وآليات رقابة فعّالة—هي شرط لصون الاستقلالية وحماية المصالح الوطنية وقدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها في بيئةٍ مضطربة.

وفق الإعلانات الرسمية، يتولى الدكتور أسطيفان سلامة تسيير أعمال وزارة المالية إلى حين تسمية وزير جديد أو تثبيت التكليف، بينما يؤدي الدكتور محمد الأحمد اليمين الدستورية وزيرًا للنقل والمواصلات أمام السيد الرئيس. ولم يصدر—حتى لحظة نشر هذا الخبر—تفصيلٌ رسمي بشأن أسباب الاستقالة أو نتائج التحقيقات المرتبطة بوزارة المالية. ويُنتظر أن تُترجم التغييرات الإدارية إلى خطط عملية لمعالجة أزمة الرواتب وتعزيز الشفافية وفاعلية الإنفاق العام، بالتوازي مع سياسات مالية تتكيّف مع الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها الأراضي الفلسطينية.

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - رام الله