أغرقت الأمطار الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة منذ ساعات الصباح الباكر آلاف الخيام التي تؤوي نازحين ومقيمين في منازل مدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية، مع تأثر المنطقة بأول منخفض جوي لهذا الموسم.
وقالت دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية، في بيان، إن الأراضي الفلسطينية تتأثر بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة وهطولات كثيفة تتخللها عواصف رعدية.
وقال محمود بصل الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية إن سكان القطاع خاصة مدينة غزة استيقظوا صباح اليوم (الجمعة) على غرق خيامهم ومراكز الإيواء التي يقيمون فيها، في مشهد "حزين جدا".
وذكر بصل أن جهاز الدفاع المدني رصد ارتفاع منسوب المياه في بعض ساحات مراكز الإيواء لأكثر من 10 سنتيمترات، ما تسبب بغرق الخيام المنصوبة فيها بما يتواجد داخلها من أغطية وفراش وملابس.
وأوضح أن الجهاز استقبل مئات الإشارات من السكان يطلبون "المساعدة والعون" لغرق خيامهم مع أول منخفض جوي يضرب المنطقة لهذا العام، إلا أن نقص الإمكانيات والمقدرات أعاق عملية الاستجابة.
وهذا أول منخفض جوي يضرب المنطقة لهذا العام تزامنا مع مرور نحو شهر على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسط أوضاع كارثية يعيشها سكان القطاع.
وقال بصل إن سكان القطاع يعيشون واقعا مأساويا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي.
وأضاف أن غالبية النازحين يعيشون في خيام متهالكة، لافتا إلى أن حوالي 93 بالمائة منها تالفة بفعل القصف الإسرائيلي وعوامل الطبيعة من حرارة الشمس صيفا والرياح شتاء.
وتابع أن النازحين "لا يعرفون أين يذهبون" في ظل نقص مراكز الإيواء وسط الدمار الهائل الذي خلفته إسرائيل على مدار عامين من الحرب سواء في البنية التحتية أو المنازل السكنية، محذرا من خطورة الإقامة في منازل آيلة للسقوط في ظل تساقط الأمطار خشية انهيارها.
وبفعل المنخفض الجوي، أفاد بصل بحدوث حالة نزوح داخلية يشهدها القطاع يبحث خلالها السكان عن مأوى آمن يقي برد ومطر الشتاء.
وختم حديثه قائلا "نقول للعالم إن القطاع يمر بمرحلة كارثية لا تختلف عن القتل والموت (..) الفلسطينيون أمام خيارات صعبة إثر عدم توفر البدائل مع دخول فصل الشتاء وعدم وجود خيام".
وعادة ما يضطر سكان القطاع خلال نزوحهم إلى اللجوء لمنازل أقربائهم أو منازل خالية من أصحابها، فيما يلجأ الغالبية منهم لإقامة خيام في الشوارع والمدارس، في ظل ظروف إنسانية صعبة.
وإسماعيل عبده (42 عاما) وعائلته واحدة من الذين استيقظوا على غمر مياه الأمطار خيمتهم البالية أصلا ويعيشون فيها بمنطقة "أنصار" القريبة من شاطئ بحر غزة غرب المدينة.
وقال عبده بصوت جهوري وهو يجلس يندب حظه وسط خيمته التي غمرتها المياه لـ"شينخوا" إن "مياه المطر أيقظتنا من النوم (..) لا يوجد شيء يقينا من المطر والبرد مع دخول أول منخفض جوي".
وأضاف، بينما يقف 3 من أطفاله بجواره أحدهم يرتجف من البرد "ما ذنب الأطفال أن يستيقظوا غارقين بمياه المطر، نحن نعيش منذ عامين ظروفا صعبة داخل الخيام التي لا تقي حرارة الصيف ولا برد الشتاء".
وانهمك السكان في الخيام أو البيوت المدمرة منذ ساعات الصباح بالعمل على إخراج المياه بوسائل بدائية وسد الفجوات بأكياس من الرمال من ضمنهم الحاج أبو شريف جندية (59 عاما).
ودعا جندية من داخل خيمته التي يعيش بداخلها مع أفراد عائلته في حديث مع "شينخوا" المؤسسات الدولية والمحلية التي تنشط في القطاع إلى سرعة تقديم "مساعدات عاجلة من بينها شوادر وخيام جديدة إلى النازحين في القطاع" قبل دخول فصل الشتاء.
فيما خرجت الفلسطينية دلال شلبية من خيمتها القريبة من جندية والمقامة على قارعة الطريق الذي غمرتهما المياه تنادي بأعلى صوتها "أين العرب (..) يوفروا مساكن وخيام للناس الغرقانة بمياه الأمطار"، على حد قولها.
وأضافت السيدة بصرخة غاضبة وعيون باكية غير أبهة بغزارة الأمطار "يا عرب يا عالم أطفالنا تموت من البرد القارس والشتاء وما في عنا بيوت ولا خيم".
ولم يشهد واقع سكان القطاع تحسنا رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي في ظل القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني من الاتفاق، وفق مؤسسات حقوقية فلسطينية.
وفي السياق ذاته، قال حازم قاسم الناطق باسم حركة (حماس)، في بيان صحفي، إن "الكارثية المتصاعدة في قطاع غزة بعد تساقط الأمطار على الخيام المهترئة والبيوت المدمرة، تضع كل المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية وقانونية غير مسبوقة في تاريخها"، على حد تعبيره.


























