في مناسبة اليوم العالمي للطفل، الذي يصادف 20 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة عن معطيات وصفها بـ"الصادمة" حول واقع الطفولة في القطاع، متهمًا الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "أكبر جريمة إبادة جماعية ضد الأطفال في القرن الحاضر"، في ظل حرب متواصلة وحصار خانق يتهدد حياة أكثر من مليون طفل بالموت والجوع والمرض والنزوح القسري.
وأوضح المكتب، في بيان صحفي، أن هذا اليوم الذي يفترض أن يكون مناسبة للتأكيد على حماية حقوق الأطفال في العالم، يتحول في غزة إلى شاهد على ما وصفه بـ"انتهاك شامل وفاضح" لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات حماية المدنيين، مشيرًا إلى أن استهداف الأطفال في القطاع يتم "بشكل مباشر وممنهج".
أرقام الشهداء: أكثر من 20 ألف طفل ضحية حرب الإبادة
وبحسب البيان، تجاوز عدد الأطفال الشهداء في قطاع غزة 20 ألف طفل، في "جريمة تُعد الأكبر عالميًا ضد الطفولة في القرن الحاضر"، وفق توصيف المكتب الإعلامي. وأشار إلى استشهاد 1,015 طفلًا تقل أعمارهم عن عام واحد، في دلالة – كما ورد في البيان – على أن الإبادة طالت "أصغر الفئات العمرية وأضعفها".
كما لفت إلى أن أكثر من 450 رضيعًا وُلدوا واستشهدوا خلال فترة الحرب، إلى جانب استشهاد ما يزيد على 154 طفلًا جراء الجوع، بفعل الحصار ومنع دخول الغذاء وحليب الأطفال، مؤكّدًا أن ذلك "يُظهر بوضوح استخدام التجويع كسلاح حرب يرقى إلى جريمة الإبادة الجماعية".
وأضاف المكتب أن 14 طفلًا استشهدوا بسبب البرد داخل مخيمات النزوح القسري، في ظل انعدام المأوى الملائم والملابس ووسائل التدفئة، ما يعكس – بحسب البيان – حجم التدهور في الظروف المعيشية والإنسانية للأطفال النازحين.
إصابات خطيرة وبتر أطراف وآلاف ينتظرون الإجلاء الطبي
وفي ما يتعلق بالإصابات، أشار البيان إلى أن أكثر من 864 طفلًا في غزة أصبحوا من ذوي الإعاقة نتيجة بتر أحد الأطراف أو أكثر، جراء القصف المباشر، معتبرًا أن ذلك يمثّل "أكبر موجة إعاقات جماعية تصيب الأطفال في تاريخ فلسطين المعاصر".
كما ذكر أن نحو 5,200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم أو للحيلولة دون تفاقم حالاتهم الصحية، في ظل ما وصفه بـ"المنع المتعمد" من قبل الاحتلال لحق العلاج والتنقل خارج القطاع، وهو ما يهدد حياة هؤلاء الأطفال بالخطر المباشر.
تجويع ممنهج ونقص حاد في الغذاء وحليب الأطفال
وفي محور التجويع ونقص الغذاء، أوضح المكتب الإعلامي الحكومي أن ما يقارب 650 ألف طفل في قطاع غزة "مهددون بالموت البطيء" بسبب نقص الغذاء واستمرار ما سماه "هندسة التجويع البطيء"، وحرمان الأطفال من المواد الأساسية للحياة، بما في ذلك الغذاء المتوازن والماء النظيف.
وأشار البيان إلى أن نحو 40 ألف رضيع يواجهون خطر الموت نتيجة النقص الحاد في حليب الأطفال، وسط صعوبات كبيرة في تأمين بدائل آمنة ومناسبة، محذرًا من أن ذلك "ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، تؤكد تعمد الاحتلال استهداف الأطفال الرضع ضمن سياسة الإبادة الجماعية"، على حد تعبيره.
أكثر من 56 ألف يتيم وصدمة نفسية جماعية
كما كشف المكتب عن وجود أكثر من 56,348 طفلًا يتيمًا فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال العدوان، في واحدة من "أكبر موجات اليُتم الناتجة عن حرب واحدة في العصر الحديث"، على حد وصف البيان.
وبيّن أن هؤلاء الأطفال يعيشون في كثير من الحالات "بلا مأوى ثابت، وبلا حماية حقيقية، وبلا بيئة آمنة"، ويتعرض عدد كبير منهم لصدمة نفسية عميقة وجماعية، من المتوقع أن تترك آثارها لسنوات طويلة على مستوى الصحة النفسية والاستقرار الاجتماعي.
اتهامات للإسرائيل وتحميل المجتمع الدولي المسؤولية
واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي أن هذه الأرقام والمعطيات "تشكل شهادات دامغة على جريمة إبادة جماعية تُرتكب بحق الأطفال الفلسطينيين منذ أكثر من عامين"، في انتهاك لما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية جنيف الرابعة وغيرها من مواثيق القانون الدولي.
وأكد البيان إدانة السلطات في غزة لما أسماه "استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف الأطفال وقتلهم وتجويعهم وحرمانهم من العلاج والسفر والتعليم والمأوى"، محمّلًا الاحتلال "المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة بحق الطفولة الفلسطينية، وعن المعاناة غير المسبوقة التي يعيشها أكثر من مليون طفل في قطاع غزة".
ودعا المكتب المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف وكافة المنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإنسانية، إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، واتخاذ "خطوات عملية وفورية" لحماية الأطفال في قطاع غزة، وضمان إدخال الغذاء والدواء وحليب الأطفال دون قيد أو شرط.
مطالبات بتحقيق دولي ومحاسبة ومسار عاجل للإجلاء الطبي
وشدد البيان على ضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في "جرائم الإبادة الجماعية والقتل المتعمد للأطفال"، والعمل على ضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام العدالة الدولية، مؤكدًا أن "إفلات مجرمي الحرب من العقاب يشكل تشجيعًا على استمرار الانتهاكات".
كما جدد المكتب الإعلامي الحكومي مطالبته بتفعيل آليات الإجلاء الطبي العاجل لآلاف الأطفال الذين يواجهون خطر الموت أو الإعاقة الدائمة بسبب منع السفر والعلاج، وحمّل الاحتلال "مسؤولية حياتهم بشكل مباشر".
نداء في يوم الطفل العالمي: غزة تطالب بحماية الطفولة لا الاكتفاء بالشعارات
واختتم المكتب بيانه بالقول إن يوم الطفل العالمي في غزة "لا يُحتفى به بالشعارات والاحتفالات، بل يُستحضر كمنصة للصرخات والنداءات"، مؤكدًا أن أطفال القطاع "هم ضحايا الإبادة الجماعية الأشد قسوة في هذا القرن"، وأن "صمت العالم شجع الاحتلال على التمادي في جرائمه"، وفق تعبيره.
وأكد أنه سيواصل "كشف الحقائق وتوثيق الانتهاكات والدفاع عن حق أطفال فلسطين في الحياة والكرامة والحماية"، مشددًا على أن حماية الأطفال في غزة باتت "اختبارًا حقيقيًا لصدقية المنظومة الدولية وفعالية القانون الدولي الإنساني".
