الشوا: غزة تتعرض لإبادة ودمار شامل وسط تواطؤ دولي كبير ويؤكد تمسّك شعبنا بالحياة والأمل

أمجد الشوا.jpg

حذّرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وشبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، من أن الشعب الفلسطيني يعيش واحدة من أعمق الأزمات الحقوقية في التاريخ الحديث، في ظل ما وصفته بـ"جرائم الإبادة الجماعية" التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عامين، وسط "تخاذل دولي مريب" وازدواجية فاضحة في المعايير.

وقال أمجد الشوا، نائب مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومنسق شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، خلال حلقة جديدة من "عدل بودكاست" من إنتاج الهيئة بالتعاون مع شبكة وطن الإعلامية، إن هذا اليوم يمر بينما "تتعرض مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لانتهاك شامل في فلسطين".

وأضاف أن الاحتلال استهدف بشكل مباشر الحق في الحياة، من خلال قتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، موضحاً أن المؤسسات الحقوقية وثّقت حتى الآن استشهاد نحو 71 ألف فلسطيني، إضافة إلى آلاف المفقودين، وأكثر من 182 ألف جريح، إلى جانب دمار واسع طال "كل مقومات الحياة" في القطاع.

دمار يفوق 85% واستهداف للأونروا والمرافق الحيوية

وأوضح الشوا أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى تدمير أكثر من 85% من المنشآت والمباني والبنى التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات والمباني السكنية ومقار الأمم المتحدة، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وكشف أن الأونروا فقدت 360 من موظفيها منذ بدء العدوان، فضلاً عن تدمير معظم مقراتها، مضيفاً: "لم تبق مادة واحدة من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا وانتهكها الاحتلال، وعلى مرأى العالم أجمع".

وأشار إلى أن مأساة الشعب الفلسطيني لم تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل تمتد لعقود من الاحتلال والتهجير والمصادرة والاعتقال والقتل، مؤكداً أن القضية الفلسطينية "قضية حقوقية بامتياز قبل أن تكون سياسية".

عدالة بطيئة وعرقلة للمحاسبة الدولية

وانتقد الشوا بطء المسار الدولي لمحاسبة الاحتلال، رغم القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والتحقيقات الجارية في المحكمة الجنائية الدولية، معتبراً أن هذا المسار "مثقل بالعراقيل السياسية".

وقال إن ازدواجية المعايير الدولية والدعم الأمريكي غير المحدود للاحتلال أسهما في إطالة أمد الجرائم، مشيراً إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه الأسبق يوآف غالانت صدرت بحقهما مذكرات توقيف دولية، ورغم ذلك "ما يزال مسار المحاسبة يسير ببطء شديد".

كما لفت إلى أن الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على منظمات حقوقية وعلى قضاة ومحامين في المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى استهداف المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، معتبراً ذلك "استهدافاً خطيراً لمنظومة العدالة الدولية ومحاولة لطمس الحقيقة".

منع للصحفيين واللجان الدولية ودعوات لوحدة وطنية

وأشار الشوا إلى أن الاحتلال يمنع دخول الصحفيين الدوليين والدبلوماسيين ولجان التحقيق إلى قطاع غزة "لإخفاء الجرائم"، مؤكداً أن الصحفيين الفلسطينيين "دفعوا أرواحهم ثمناً لإيصال الصورة وتوثيق الانتهاكات".

وفي الشأن الداخلي، شدّد على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الجهود لمتابعة المسار القانوني ومواجهة الانتهاكات، موضحاً أن استمرار الانقسام "يمكّن الاحتلال من مواصلة جرائمه".

وطالب بتفعيل أدوات الحماية الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة، سواء عبر مسار "متحدون من أجل السلام" أو من خلال قرارات مجلس الأمن، لحماية الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين.

كما دعا إلى دعم وكالة الأونروا باعتبارها "العمود الفقري للعمل الإنساني في فلسطين"، وإسنادها مالياً وقانونياً ودبلوماسياً، مشيداً بدور المنظمات الأهلية الفلسطينية التي وصفها بأنها "المستجيب الأول" خلال العدوان، والتي قدّمت خدمات إنسانية وحقوقية بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية.

أمل من قلب الركام

ورغم حجم المأساة، ختم الشوا برسالة أمل، مستذكراً لقاءه بطفلة في مخيم جباليا المدمّر كلياً، قال إنها تُدعى ليان، "فقدت كل شيء، لكنها لم تطلب خيمة أو طعاماً أو ملابس، بل طلبت فقط العودة إلى المدرسة".

كما أشار إلى لقائه بصيادي غزة الذين دُمّرت قواربهم، ومع ذلك طالبوا بفتح البحر أمامهم لممارسة عملهم بدل الاعتماد على المساعدات، معتبراً أن هذه المواقف "تجسّد كرامة الإنسان الفلسطيني وتمسكه بالحياة".

وختم الشوا بالتأكيد على أن ما يحدث في غزة "جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية تهدد البشرية كلها"، محذّراً من أن الصمت الدولي أو تأخر الإجراءات "يمثل مساهمة مباشرة في استمرار الجرائم". وقال: "ما أبقى هذا الشعب حياً هو الأمل، وهذا الأمل سيبقى ما دمنا نطالب بحقوقنا ونواجه الاحتلال بإصرار ووحدة".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة