العلاقة الاردنية الفلسطينية والكونفيدرالية

بقلم: جمال ابو لاشين

هذه الدراسة الموجزة تلقى الضوء على العلاقة الاردنية الفلسطينية وما اعتراها صعودا وهبوطا طوال تلك العلاقة ، وتأتى أهميتها من موضوع الكونفيدرالية التى تتجدد الاحاديث بها مع كل تقارب اردنى فلسطينى لذلك سنحاول قدر الإمكان الاقتراب من حقيقة ما يجري خاصة وأن ما يدور الآن في عالمنا العربي من عمليات هدم وبناء وتغيير في الزعامات التقليدية وما نتج عن تلك التحولات من صراعات وعلاقات لم تكن قائمة، تملى علينا البحث في العلاقة الأردنية الفلسطينية، والعلاقة الأردنية الإسرائيلية والحلول المطروحة لإنقاذ إسرائيل العاجزة عن الخوض في الملفات المرحلّة للحل النهائي، وليس لديها حتى اللحظة ما يرقى للحل الذي يرتأيه المجتمع الدولي خصوصاً في موضوع القدس.
مراحل العلاقة الأردنية الفلسطينية :
قد تكون المرحلة التي آلت فيه راية حماية مقدسات القدس بقرار أبناء المدينة للشريف حسين(ملك الحجاز) منذ العام 1924، ومنها لنجله الملك المؤسس للأردن الملك عبد الله الأول الذي قتل على أبواب الأقصى هي تأكيد من الهاشميين بصفتهم من آل البيت على دورهم الديني أمام الأطماع التلمودية، وأنهم استمرار للعهدة العمرية التي بموجبها فرضت الحماية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس لذلك بالإمكان أن تكون تمهيد لما تلاها من دور سياسي للأردن حيث مر هذا الدور السياسي بعدة مراحل:
أولاً / ما بعد قيام دولة إسرائيل: وهي مرحلة إمتدت منذ مؤتمر أريحا عام 1949 والوحدة التي تمت بعدها عام 1950 وحتى حرب الأيام الستة عام 1967، وخلالها اعتبرت الضفة الغربية جزءاً من الأردن رغم عدم موافقة الحاج أمين الحسيني على ذلك في حينه، وعدم إقرار الدول العربية بأن الضفة هي جزء من المملكة الأردنية الهاشمية، وفي تلك الفترة منح السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية جواز سفر وبطاقة هوية أردنيين كما منحت أيضاً الفلسطينيين الذين لجأوا إليها إثر النكبة نفس الامتيازات وبذلك أصبح أغلبية الفلسطينيين يقعون تحت سيادة الأردن فعلياً مما إنعكس حتى في قيام الأحزاب ووحدتها ما بين الضفة والقطاع الذي أتبع لمصر وقتها كما حدث في الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي انقسم إلى الحزب الشيوعي الأردني، وعصبة التحرر (الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة)، وقد كانت ( سمة تلك المرحلة عدم القبول بإسرائيل ) وسط محيطها العربي بفعل تأثير النكبة وما نتج عنها من تشريد للشعب الفلسطيني.
ثانياً / بعد العام 1967 : وهي مرحلة إبداء المرونة تجاه إسرائيل إذ أصبح الشعار المتداول بعد قمة الخرطوم المنعقدة في الفترة من 29/8 – 1/9/1967 هو "إزالة آثار العدوان.
مما فهم وقتها أنه تحول من صراع لا يقبل بإسرائيل إلى صراع سياسي قابل للتسوية وذلك بقبول العرب القرار 242، ولا يقلل من حقيقة التحول لاءات الخرطوم الثلاثة (لا صلح، ولا تفاوض، ولا اعتراف) فالدول العربية المعنية بمضامين هذا القرار وأهمها مقايضة الأرض بالسلام فتحت الباب أمام تسوية سياسية للصراع، كما اتسمت تلك المرحلة التي امتدت حتى العام 1974 بسطوع نجم منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن اجتمع تحت لواءها كافة الفصائل المسلحة .
ثالثاً / وتمتد من العام 1974 وحتى 1988 : وهي تتسم باعتراف الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني في قمة الرباط عام 1974 بما فيهم الأردن ( الذي كان رافضاً لهذا التمثيل ) حيث خطب وقتها الملك حسين قائلاً " على الرغم من أن الجيش العربي الأردني كان أصغر الجيوش العربية عدداً وأقلها عدة فقد تمكن الأردن من إنقاذ الضفة الغربية والقدس العربية وحمى مقدساتها، ومسئولية الأردن في مساعيه تهدف لتأمين الانسحاب الكامل من الضفة الغربية المحتلة وإعادة السيادة العربية على القدس الشريف"
وفي تصريح له بعد عودته من القمة تحدث قائلاً : "إن التخلي كان جزئيا طال السياسة دون الجغرافيا " لقد امتلأ وقتها بالمرارة لهذا القرار الذي قادته مصر وقتها وبقى متشبثاً رغم ذلك بالسيادة الأردنية على الضفة الغربية لأسباب دينية وأخرى قانونية وسياسية تتعلق حسب فهمه بحرص الأردن على عدم نشوء فراغ سيادي تحاول إسرائيل النفاذ منه لضم الضفة الغربية، وهذا يوجب عليه أدبياً النضال السياسي من أجل استعادتها للسيادة العربية تاركاً للشعب الفلسطيني حق تقرير مصيره بعد عودتها.
مع هذا التشبث بالضفة ورغم الاقرار بوحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني إلا أن الملك حسين في الحقيقة كان منتبهاً لبعض الأفكار التي تدفع باتجاه أن يكون الأردن وطناً بديلاً وموضوعاً للمساومة في أي حل قادم من هنا لم يمانع في قمة 1974 بالتمثيل الفلسطيني وكان إقناعه بذلك أيسر مما أُعتقد.
اتسمت علاقة الأردن في تلك الفترة مع منظمة التحرير الفلسطينية بالتذبذب صعوداً وهبوطاً، وظهرت جلية بعد رفض المجلس الوطني الفلسطيني المصادقة على بيان 11 شباط 1985 الذي حدد مسئولية كل طرف في تحرير الأراضي المحتلة في فلسطين والموقع من الملك حسين والرئيس ياسر عرفات، حيث أعلن وقتها الملك حسين عدم قدرته على التعامل مع منظمة لا تحترم كلمتها ولا تفي بالتزاماتها، مما أحدث قطيعة بين الأردن والمنظمة لعدم التزامها باتفاق شباط الذي نظر له الملك حسين كإستراتيجية توصل الطرفين لأهدافهما الوطنية.

رابعاً : مرحلة فك الارتباط مع الضفة والدخول في العملية السلمية:في 1988.7.31 أعلن الأردن قراره بفك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية دون أن يشمل ذلك القدس والأماكن المقدسة، وحسب الخطاب الذي وجهه الملك حسين للشعب الأردني فقد برر القرار بالتجاوب مع رغبة منظمة التحرير الفلسطينية في إقامة الدولة الفلسطينية والتي أُعلن عنها فيما بعد في الجزائر في 1988.11.15 حيث أن هذا الهدف المركزي الذي عملت منظمة التحرير عليه منذ ظهرت للوجود مما يفسح لها المجال لكسب تأييد عربي ودولي حال إعلان الانفصال عن الأردن كما أن الأردن حسب قوله " أمام خيارين أحلاهما مر، فالخيار الأول ( الإبقاء على حالة الارتباط ) وفي هذه الحالة فإنه سيترك المجال لضغط إسرائيلي ودولي وبالذات أمريكي للدخول في تسويات بديلاً عن الفلسطينيين خصوصاً وأن السياسة الأمريكية في المنطقة هي سياسة إدارة أزمات دون امتلاك أي إستراتيجية شرق أوسطية سوى دعم إسرائيل، وبذلك يمكن الانفصال أفضل من التصادم مع منظمة التحرير. في حين أن الخيار الثاني وهو ( فك الارتباط ) وإن أضعف الأردن ديمغرافياً إلا أنه يوصد الأبواب في وجه توريط الأردن في تسويات بدلاً من الفلسطينيين ويؤسس لعلاقة أردنية فلسطينية متكافئة وهو ما يتماثل والتوجه العربي الذي لم يعترف رسمياً بوحدة الضفتين منذ العام 1950، كما يستبعد أن يطرح الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين.
لقد نتج فك الارتباط بالأساس عن الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في ديسمبر من العام 1987 والتي أكدت وحدانية التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومع التوجه الفلسطيني نحو إعلان دولة فلسطين في دورة الجزائر نوفمبر 1988 اتخذت المملكة الأردنية سلسة من الإجراءات لفك الارتباط مع الضفة الغربية منها إلغاء خطة التنمية الأردنية للضفة الغربية، واستبدال وزارة شئون الأرض المحتلة بدائرة سياسية في وزارة الخارجية الأردنية، وإنهاء خدمات حوالي 21 ألف موظف في الضفة الغربية، مع استثناء مؤقت لمؤسسات الأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية، وإخراج بعض الأعضاء الفلسطينيين من مجلس الأعيان الأردني وأخيراً سحب الجنسية الأردنية من مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة واعتبار وثائق السفر التي بحوزتهم وثائق للتعريف، والتوقف عن منح الجوازات وتجديدها والبدء في استبدالها بأوراق خاصة.


مؤتمر مدريد والدخول في عملية التسوية السياسية
بعد سنوات من الانتفاضة في الأراضي المحتلة انعقد مؤتمر مدريد في أكتوبر من العام 1991 بوفد أردني فلسطيني مشترك انتهى بعد سنتين من ماراثونات الحوار إلى الاتفاق مع الفلسطينيين على إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي في 2013.9.13 وفي 4 مايو من العام 1994 وقعت اتفاقية غزة أريحا التي بموجبها تنشأ سلطة وطنية فلسطينية في قطاع غزة وأريحا، وقسمت الضفة لثلاث مناطق نفوذ هي أ، وب، وج للسلطة مسئوليات مدنية وأمنية على المنطقة أ فقط بينما المنطقتين ب، وج فتخضع للأمن الإسرائيلي ، على أن يتم التفاوض حول الوضع النهائي في 1999 أي بعد خمس سنوات، هذا في حين ابتعد الجانب الأردني بعد عدة جولات من الحوار لإفساح المجال للفلسطينيين لتمثيل أنفسهم تمثيلاً حقيقياً،( تلك المرحلة من المفاوضات شابها نوع من التنافس الأردني مع منظمة التحرير الفلسطينية وفي نفس الفترة لوحظ بداية مرحلة انفتاح أردني في العلاقة مع حركة حماس المعارضة لأوسلو ) حيث استغل الأردن الهامش السياسي الواسع للتحرك والناتج عن علاقته بأوروبا وأمريكا في احتضان الأردن لحركة حماس والتفاهم معها وصولاً لاحتضان عمان لوجود المكتب السياسي والإعلامي للحركة بصورة معلنة، وتدخل الملك حسين للإفراج عن الشيخ أحمد ياسين بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال خالد مشعل في عمان من قبل الموساد الإسرائيلي وتالياً استقبال د. موسى أبو مرزوق بعد اعتقاله وطرده من الولايات المتحدة فيما عادت وتعمقت القطيعة منذ العام 1999 في ذروة إخفاق عملية التسوية وغياب المراهنة على إمكانية إنجازها لأي اختراق سياسي.
وفي العام 1992 طرح مشروع الكونفيدرالية مع الأردن بقوة أثناء سير المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية خصوصاً مع اصطدام اللجان المتعددة الأطراف بالملفات الخمس الكبرى وهي ( القدس والحدود واللاجئين والمياه والمستوطنات )، فكان الطرح وقتها لإيجاد عامل ربط ثنائي لحل القضية الفلسطينية تكون الأردن فيه جزءاً من الحل بحيث أن موضوعات مثل القدس والحدود والتوجه الفلسطيني نحو الأردن سيعطي إسرائيل هامش أوسع للإبقاء على المستوطنات، ولعدم ترسيم الحدود بل الحدود ستكون ما تصل إليه بالتفاوض وهو بالنسبة إليها ما يحافظ على يهودية إسرائيل بمعنى إبقاء إسرائيل ضمن ديمغرافيا أكثر تناسقاً بضم المستوطنات الكبرى هذا التصور الإسرائيلي الاستراتيجي شكل فيما بعد أساساً لعدد من الخطط الإسرائيلية تجاه الأردن.
اتفاقية وادي عربة
وقع الأردن في 1994.10.26 معاهدة وادي عربة مع الإسرائيليين، والتي حوت ثلاثين مادة غير الملاحق والاتفاقات المتفرعة عنها أتى نصف هذه المواد أي خمسة عشر مادة لتضع أسس التعاون الإسرائيلي والأردني في المياه، والعلاقات الاقتصادية، والأماكن ذات الأهمية التاريخية والدينية، والتبادل الثقافي والعلمي، والنقل والطرق، وحرية الملاحة والوصول للموانئ، والطيران المدني، والبريد والاتصالات، والسياحة، والبيئة، والطاقة، وتنمية أخدود وادي الأردن، والصحة، والزراعة، والعقبة وإيلات.
وظهر جلياً من خلال هذا الاتفاق طغيان التكامل الإقليمي على كل الأصعدة المشار إليها أعلاه حتى على الجوانب السياسية والدبلوماسية والأمنية وكان من الواضح أن المطلوب ليس مجرد سلام أو تطبيع بل إلغاء لحالة العداء بهدف إلحاق الأردن بالمشروع الإقليمي الصهيوني وهوما بينته التزامات الأردن بالتعاون ضد أي طرف ثالث معاد للكيان الصهيوني ( فبموجب المادة التاسعة من الاتفاقية أعطت إسرائيل للأردن مكانة في إدارة الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس )، وبالتالي تكون إسرائيل قد وضعت نفسها قيمة على القدس العربية المحتلة ومنحت الأردن الدور الذي يخدم مصالحها ويحقق أطماعها مما يرسخ الاغتصاب اليهودي للقدس العربية بشطريها المحتلين، ويكرس الاحتلال كمرجعية للأردن والسلطة الفلسطينية مما يؤدي للتنافس والصراع بينهما لأن إسرائيل بذلك أصبحت صاحبة الصلاحية في إقرار الوضع النهائي لمدينة القدس كعاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني.
كما اعتبرت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ما جاء في المادة التاسعة بخصوص الاعتراف بدور للأردن في الإشراف على المقدسات الإسلامية في القدس بمثابة معركة سياسية، ورأت أن إسرائيل قد خدعتها وانتهكت اتفاق أوسلو الذي ينص على بحث قضية القدس في مفاوضات الحل النهائي.
ويعزي الكثيرون أن الإتفاقية الأردنية الإسرائيلية ( وادي عربة ) أدت لتوجه منظمة التحرير الفلسطينية بعد الاتفاق لعمق عربي آخر له مقومات الإسناد، وهنا مثلت مصر قوة الإسناد.
لم تؤد المعاهدة إلى الرخاء الاقتصادي والاستقرار الأمني بل زادت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحريات العامة سوءاً بعد عام من توقيع الاتفاقية وأخذ الكيان الصهيوني يغذي الخلافات والتنافس والصراع بين السلطة الوطنية الفلسطينية والسلطات الأردنية بما يخدم تفتيت الدول في المنطقة وإعادة الهيمنة الصهيونية عليها من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تبناه شمعون بيرس، ولكن أدى صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف والذي ظهر في انتخاب نتنياهو رئيساً للوزراء عام 1996 إلى دخول العملية السلمية في حالة جمود مما أعاد إدخال العلاقة الأردنية الفلسطينية في حالة من عدم التنافس وربما مهد لهذه العلاقة المتجددة إعادة السلطة علاقاتها مع واشنطن، والانخراط الكلي في عملية التسوية السياسية مما وضع الاثنان عملياً في ذات المربع السياسي.
إلا أن الواقع السياسي الفلسطيني إصطدم بعدم مصداقية إسرائيل في إيجاد حل سلمي للقضية رغم التنازلات الكثيرة التي قدمت، فقد أمعنت إسرائيل في إيجاد الحقائق على الأرض فتزايدت أعداد المستوطنات في ذروة التفاوض إلى ما نسبته 52% و تضاعفت معها أعداد المستوطنين.
ورغم الضغط الشديد الذي حدث في مباحثات كامب ديفيد فقد كان أقصى ما وصلت إليه المقترحات الإسرائيلية أن يعترف الفلسطينيون بضم إسرائيل لكافة أجزاء القدس الشرقية العربية لدولة إسرائيل، مع سماح إسرائيل لسيادة فلسطينية على أحياء معزولة في قلب القدس الشرقية، وجميعها محاطة بمستوطنات إسرائيلية غير شرعية مما يبقى هذه الأحياء مفصولة عن بعضها البعض وعن بقية أجزاء الدولة الفلسطينية، ومع الاصطدام بباقي الملفات التي لم تقدم فيها إسرائيل أي نوع من التنازل شعر الفلسطينيون بأنهم قد خدعوا من قبل إسرائيل التي ألزمت نفسها مع بداية أوسلو بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وفقاً لقراري الأمم المتحدة 242، و 338، فتفجرت إثر ذلك انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 ودخل الفلسطينيون في مجابهة مع إسرائيل لا تزال رحاها تدور حتى الساعة.
لقد أدى هذا الانغلاق السياسي لصعود حركة حماس كحركة مقاومة من موقع المعارضة، في الوقت الذي شرعت فيه إسرائيل بتدمير مواقع السلطة الوطنية الفلسطينية و التضييق عليها، وقد وافق بداية انتفاضة الأقصى أحداث 2001.9.11 بتفجير برجي التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية وموقع البنتاغون بطائرات بوينغ مما أسفر عن مقتل 2500 مدني وعسكري وأحدث تغيراً في خارطة العلاقات الدولية نتيجة رد الفعل الدولي والأمريكي على ما حدث ودخل مصطلح الإرهاب القاموس السياسي الدولي وكانت الحرب على أفغانستان والعراق تحت عنوان محاربة الإرهاب، وظهرت عناوين الصحف تحت اسم " الإسلام المسلح يصل أمريكا".
تلك التحولات قادت إلى انكماش عربي إسلامي واضح خصوصاً وأن رد الفعل الأمريكي كان مدمراً، فانخرطت الكثير من الدول العربية في الحرب على الإرهاب ومنها الأردن، مما أدى لالتزام واضح بالتعاون مع الأمريكان عكس نفسه في تدهور العلاقة مع حركة حماس،والإخوان في الأردن، ورسم بعض أصحاب مراكز القوى في الأردن صورة قاتمة لتطور العلاقة مع حركة حماس بالذات في وقت لا تنصت أمريكا لأحد فكانت مرحلة صعبة في تاريخ العلاقة تفوقت فيها حسابات الأمن القومي الأردني على العلاقة مع تلك الأحزاب وصلت حد القطيعة التي استمرت حتى العام 2008 حين بادر المدير السابق للمخابرات الأردنية محمد الذهبي ببلورة منظور جديد للأمن القومي تعاد فيه العلاقة مع حركة حماس لرفضها موضوع الوطن البديل وهذا يفرض على الأردن قدر من التوازن إزاء الفرقاء الفلسطينيين وعدم الدخول في الأحلاف المضرة سياسياً.
وقد كان هذا التوقيت انعكاس لصعود حماس في الانتخابات الفلسطينية أو حاجة الأردن لترتيب أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة مما قاد إلى ضرورة التفاهم مع الحركة الإسلامية الأردنية لتحصين الجبهة الداخلية، وهو يتناسب مع عودة العلاقة مع حركة حماس.
وقد قادت الثورات العربية المؤيدة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى المزيد من الانفتاح على الحركات الإسلامية، وتحديداً المعتدلة، كما أن احتمالات الإخفاق الفلسطيني في الذهاب للأمم المتحدة للحصول على استحقاق الدولة الفلسطينية يجعل الرهان في تلك الحالة على حركة حماس رهاناً غير خاسر.
وفي كلتا الحالتين الأردن لن يخسر شيئاً طالما أنه ليس هناك ممانعة أمريكية على تلك العلاقة، والتي ستخلق مدخلاً للعلاقة مع باقي الحالات في دول الربيع العربي خصوصاً مع الموقف الأوروبي الواضح ضد بشار الأسد فالعلاقة بين الأردن وسوريا كانت على الدوام غير متصالحة، وتحول حركة حماس عن سوريا وانتقالها لقطر شكل جسراً لإعادة نسج العلاقات بينهم، وهو نفسه ما يشجع على تطوير العلاقات الأردنية القطرية، والأردنية التركية.
وبذلك تكون الأردن قد جمعت في علاقاتها ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومابين حركة حماس وحققت توافقاً معتدلاً في العلاقة قد يسمح لها بلعب دور عربي أو دولي مستقبلاً.
اما إسرائيليا فبات المطلوب إعادة ترتيب العلاقة من الأردن وقد يكون السبب الأساس في ذلك البحث عن منفذ إسرائيلي لمفاوضات الوضع الدائم وهو يحتاج لدور أردني حسب مشاريع عدة طرحت إسرائيلياً نذكر منها مشروعان وهما:

مشروع أرييه إلداد : وتضمن النقاط التالية

1- يرتكز المشروع على أن التقسيم على أساس دولتين يقوم كل منهما على ضفة من ضفتي نهر الأردن، ويعتبر إلداد أن الأردن هو فلسطين منذ لحظة إنشائه، وأن 75% من سكانه فلسطينيين وبالتالي يمكن توطين اللاجئين في الضفة الغربية، وسوريا، ولبنان في الأردن وأن استثمارات ضخمة بإمكانها توفير حل مشكلة اللاجئين حسب رؤيته.
2- منح الحكم الذاتي بسلطات بلدية لسبعة كانتونات لكل العرب غير اللاجئين الراغبين في البقاء في بيوتهم في فلسطين، ولن تكون أراضي هذه الكانتونات متصلة وليس لها أي سلطة سياسية، وسيكون لها قوة بوليسية لحفظ النظام.
3- يحمل سكان هذه الكانتونات الجنسية الأردنية الفلسطينية ويشاركون في انتخاب البرلمان الأردني في عمان.
4- تبقى السيادة التامة على المنطقة من نهر الأردن إلى البحر المتوسط بيد إسرائيل.

مشروع غيورا أيلاند
ويؤسس غيورا أيلاند ( رئيس مجلس الأمن القومي السابق، ورئيس قسم التخطيط بالجيش الإسرائيلي ) مشروعه على الفيدرالية الأردنية الفلسطينية طبقاً لتصور شمعون بيرس في محادثاته مع الملك حسين في لندن عام 1987.
وتضم الفيدرالية شرق الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة ويمنح كل جزء صلاحيات كاملة لإدارة شئونه الداخلية باستثناء مسألتين هما الشئون الخارجية، والشئون العسكرية التي تبقى محصورة بيد عمان بصفتها العاصمة للدولة الكونفيدرالية، ويتم التفاوض على هذا الحل مع وفد فلسطيني أردني مشترك لكن إسحاق شامير رفض هذا الحل مما دفع الأردن وقتها لفك الارتباط لينقل العبء على كاهل إسرائيل باعتبار أن أراضيه لم تعد محتلة.
ويفترض غيورا آيلاند أن التفاوض مع الفلسطينيين وهم جزء من فيدرالية مع الأردن يجعلهم أكثر قبولاً للمساومة في المجال الإقليمي لأن تفاوضهم وهم جزء من الأردن يشعرهم بالانتماء لإطار جغرافي فيه قدر من الاتساع بينما في الضفة يظل منطق التفاوض محصور بالرقعة الضيقة للضفة الغربية.
كما يقترح المشروع الذي طرحه غيورا آيلاند تنازل من مصر عن أراضٍ في سيناء على البحر المتوسط بمساحة 720كم2، وتأخذ مقابلها مساحة مساوية في جنوب النقب ثم يتم ربط الأردن ومصر بنفق عبر هذه المنطقة المضافة لمصر، ويعد آيلاند أن مشروعه فيه فوائد اقتصادية كبيرة على الأردن.
بينما هناك تصور يرى في المملكة الأردنية نوعاً من الفرصة والخطر في ذات الوقت، إذ ينظر بعض المفكرين أن الأردن يعد ضمن مجموعة الأقل عداءً رسمياً لإسرائيل غير أن مستوى العداء الشعبي يثير قلقاً وهو ما يجعل النظرة الإسرائيلية مضطربة في إطار السياسات الإستراتيجية على المستوى الإقليمي خصوصاً وأن الأردن لعب دوراً في محكمة العدل الدولية لإصدار قرارها بخصوص الجدار العازل الذي ارتأت فيه مقدمة لتفريغ سكاني قد يهدد التوازن السكاني فيها "، والتحول الأردني من اعتبار الدولة الفلسطينية مصدر قلق إلى اعتبارها ( هدف حيوي ) " وربما خطورة المشروع الصهيوني، وطروحات الوطن البديل التي باتت مرفوضة حتى تاريخه من الجميع هي ما عززت دعم الأردن لخيار ( الدولة الفلسطينية المستقلة ) لاسيما وأن أمريكا أثبتت تخليها عن حلفائها بسهولة، في نفس الوقت يرى بعض الكتاب الإسرائيليين أن أي انهيار للسلطة الحالية في الأردن سيدفع إسرائيل لحماية حدودها التي تعتبر الأطول والأكثر هدوءاً منذ اتفاقية وادي عربة في العام 1994.
في حين كتب البروفيسور ( إفرايم عنبار) مدير مركز بيغن للدراسات الإستراتيجية في دراسة له بعنوان صعود وهبوط نموذج حل الدولتين مطلع العام 2009 يقول : " إن الطريقة الأنجح لمجابهة طابع الحركة الوطنية الفلسطينية لا تكمن في إعطاء هذه الحركة مكانة دولة، وإنما في إعادة توجيه قطاع غزة نحو مصر، وإحياء العلاقة بين الضفة الغربية والضفة الشرقية ( الأردن ) وسوف يكون أسهل لمصر والأردن زيادة تدخلهما إذا ما جرى الأمر تحت مظلة دبلوماسية دولية ويمكن تبرير ذلك بالقول أن مصر والأردن ستلعبان دوراً مؤقتاً ريثما يكون الفلسطينيين جاهزين لإقامة دولة خاصة بهم".
حل الدولتين والمشروعات الدولية
حل الدولتين والكنفيدرالية
مع فك الارتباط الأردني سياسياً وإدارياً عن الضفة الغربية، وإلحاح الفلسطينيين في توجههم نحو خيار الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 أصبحت أحاديث الصالونات السياسية والإعلام تتحسس من كل تقارب أردني فلسطيني لدرجة أن الملك حسين قال علناً " لا أريد أن أسمع أحداً يلفظ كلمة كونفيدرالية " .
وتبلورت تلك الفكرة في العلاقة بين الأردن وفلسطين نتيجة العلاقة التاريخية بينهما إلا أن أساس تلك الطروحات هو الجانب الإسرائيلي الذي لم يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتعامل مع الأردن كممثل للشعب الفلسطيني خصوصاً بالضفة الغربية.
وقد نقل عن القيادي صلاح خلف أبو إياد قوله : " إن ما يريده الفلسطينيون هو استقلال لمدة خمس دقائق ثم سيوافقون على اتحاد كونفيدرالي مع الأردن " .
وفي هذا وافقه الجميع بعد ذلك لا قتناعهم التام أن أي حل من هذا النوع يسبق الوصول لنتيجة في الملفات الكبرى لن يكتب للدولة الفلسطينية ان تقوم كما يريدها الفلسطينيون بل ان الطرح الإسرائيلي لحل سياسي بمشاركة الاردن يعني بالمقابل ابقاء المستوطنات، وان الحدود بين الاردن واسرائيل هي نهر الاردن لاسيما وأنها لا تخفى أطماعها في السيطرة على غور الأردن ، كما ستبقى الضفة الغربية مقطعة الاوصال ، ولن يكون هناك حل لقضية اللاجئين بل سيجرى توطينهم . لذلك عندما توقفت المفاوضات مع اسرائيل منذ العام 2010 وأصبح يلوح في الافق جدية الفلسطينيين في التوجه للامم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ظهر أن هناك طروحات وأفكار تتبلور للخروج من مأزق المفاوضات تتحدث عن كونفيدرالية ثنائية ، وثلاثية استناداً لما نشرته صحيفة القدس العربي في ديسمبر 2009 عن مشروع امريكي لكونفيدرالية بين الاردن واسرائيل والدولة الفلسطينية .
مشروع كونفيدرالية الأراضي المقدسة:
وهو مشروع جديد لحل الصراع يتحدث عن اقامة علاقة اتحادية كونفيدرالية بين ثلاث دول في المنطقة وهي الاردن ، واسرائيل ، والدولة الفلسطينية حال قيامها وصيغت الورقة التي عرضها مستشارون يعملون مع الا ستخبارات الامريكية بالتنسيق مع فرع الدراسات التابع لل ( سي . آي . ايه ) في محطة الاستخبارات الامريكية التابعة لسفارة الولايات المتحدة في بيروت وقام بعرضها المستشار الامني ( كريستوفر هالينج ) أحد اركان الديبلوماسية الامريكية في المنطقة ومقر عمله بيروت نتيجة لقاء مباشر مع شخصيات سياسية مستقلة ومعتدلة ويمكن ان تكون صديقة لعملية السلام ومن ضمنها شخصيات فلسطينية ، واردنية واسرائيلية ولبنانية ومصرية في نطاق اضيق .
ومن الافكار التي طرحها المشروع المعروف بانه مشروع ( سياسي – اقليمي )، وأُطلق عليه هذا الاسم لانه يتحدث عن ( اتحاد سياسي كونفيدرالي ) عاصمته مدينة القدس ويضم ثلاث دول وهي الاردن وعاصمتها عمان ، وفلسطين وعاصمتها رام الله واسرائيل وعاصمتها تل ابيب على ان تبقى القدس ممثلة للاتحاد الكونفيدرالي وعنواناً يمثل الاديان الثلاثة .
وفي الورقة اشارة الى ان المأزق السياسي امام حل الصراع هي مدينة القدس ثم ملف عودة اللاجئين ، وهو مأزق لا يمكن معالجته الا في اطار علاقة كونفيدرالية من هذا النوع تنهي تماما الصراع في المنطقة من جذوره .
وتنص التفاصيل على ان الحدود في الدولة الثلاثية الجديدة ستكون مفتوحة تماما بين الاطراف الثلاثة مع الاحتفاظ بالسيادة الداخلية لكل طرف على ان يصبح الاقتصاد كليا وثلاثيا وكذلك السياحة والامن ، وان تتولى الاطر الامنية والعسكرية المستحدثة في السياق حراسة الحدود الثلاثية على أن تحتفظ كل دولة بقوانينها المحلية ونظامها السياسي وحتى ممثليها الدبلوماسيين اذا ارادت.
كما يقترح تولي تلك القوات والتي يمكن خلطها في بعض المناطق بقوات اممية او تحمل لافتة القوات الدولية حماية المعابر والحدود البرية والجوية والبحرية مع الضمان الكامل لحرية التنقل للدول الثلاث على غرار النمط الاوروبي .
كما تتحدث الورقة عن مشروع مالي دولي ضخم على نمط مارشال لدعم الاتحاد الكونفيدرالي الجديد وتحقيق الرخاء والتنمية في فلسطين والاردن وتنص صراحة على امكانية عودة اللاجئين الفلسطينين للاردن او فلسطين فقط وليس لاسرائيل في با طن المقترحات .

أما ردات الفعل على هذا المقترح بعد نشره فقد انقسمت الى عدة آراء :

- الاول / يتحدث ان هذا الحل يعكس وجهة النظر الامريكية بسبب عدم تمكنهم من ايجاد حل للمشكلة الفلسطينية ، وهي طريقة للمحافظة على اسرائيل لذلك يجب ان نرفضها .
- الثاني / يرى في هذه المقترحات مجرد تلهية للعرب ودفعهم خلف سراب آخر مذكراً بكل المبادرات السابقة والتي لم تحقق شيء يذكر للفلسطينيين ، ويرى ان المقاومة هي الحل .
- الثالث / رأى ان هذا المشروع يهدف لفصل المشرق العربي عن المغرب العربي وفصل دول الخليج ليتكون الوطن العربي من دولة فيدرالية اسرائيلية تضم اسرائيل وفلسطين والاردن ولبنان والعراق وبذلك تكون اسرائيل قد ضمنت حدودها من النيل للفرات ، وهذا سيفرح إيران حسب إعتقادهمً.
- الرابع / ويدعو لعدم الخوف من اسرائيل معدداً فوائد المشروع من انهاء المشاكل السياسية والجغرافية والاقتصادية الى انهاء حالة الخوف والشك لدى الجميع، وإنهاء حالة ازدواجية الهوية واحياء الشعبين الفلسطيني والاردني على كافة الاصعدة مع تشجيع للسياحة الدينية وحدوث انفراج واسترخاء عميق في الوطن العربي بسبب حالة التوتر واليأس واللافعل المزمنة - الخامس / وطالب بان تنص تلك الكونفيدرالية على ازالة كافة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس ، وان تكون حدود الدولة الفلسطينية حدود عام 1967 بدون مراوغة ، واعادة جزء من اللاجئين الى خلف الا خضر مع اسكان باقي اللاجئين في المستوطنات بعد ان يعاد المستوطنين الى داخل اسرائيل وبذلك يمكن الحديث عن كونفيدرالية الاراضي المقدسة .

ورغم أن هذا المشروع لم يظهر جليا في العلن، وخبا بريقه مع التطورات السياسية اللاحقة في العالم العربي ، وانعكاسها دوليا الا انه يبقى قائما ومطروحا ولا يمكن النظر اليه من زاوية ضيقة خصوصا وان العلاقة الاردنية الاسرائيلية كما عبر عنها الملك عبد الله عام 2010 بقوله " لم تكن العلاقة بين الطرفين سيئة ومتوترة في اية فترة منذ معاهدة السلام كما هي عليه الان " ، وهنا يقصد قضية المشروع النووي الذي تحاول اسرائيل تخريبه ، وهجومها على الاردن اعلاميا لملابسات التد اخل الفلسطيني الاردني خصوصا علاقته مع اطياف العمل السياسي الفلسطيني بما فيهم حركة حماس ، وايضا فيما يخص موضوع القدس .
عضوية مراقب في الامم المتحدة والعلاقة مع الاردن
في 29-11-2012 نالت فلسطين عضوية دولة مراقب في الامم المتحدة من الجمعية العمومية للامم المتحدة حيث عارضت اسرائيل والولايات المتحدة هذا القرار الاممي على الرغم ان كيسنجر حذر من ان هذا القرار سيضع اسرائيل وامريكا في جانب والعالم كله في جانب آخر الا ان الامريكان عادوا لنغمة المفاوضات والاتفاق السياسي بين اسرائيل والفلسطينيين وان القرار لن يغير من الواقع شيئا في اشارة منها بالوقوف جانب اسرائيل، واعادة الفلسطينيين الى مربع المفاوضات حيث تنال منها اسرائيل .
وكان الملك عبد الله الثاني ملك الاردن اول الزائرين والمهنئين لدولة فلسطين في حين اتسم الموقف العربي بالسيء كونه لم يعط زخما لهذا الانجاز التاريخي بل ان البعض حاصر السلطة الفلسطينية ضاربا عرض الحائط الاتفاق الذي تم بتوفير شبكة امان عربية مالية للفلسطينيين .
وبتاريخ 2012.12.28 نشر موقع ديبكا المقرب من الاستخبارات الاسرائيلية خبراً مفاده ان رئيس الوزراء نتنياهو بحث مع الملك عبد الله الثاني خلال اجتماعهما سرا قبل ايام في العاصمة الاردنية عمان عددا من الموضوعات التي أُثيرت مؤخرا في عمان وواشنطن ولدى الطرف الفلسطيني ، واهمها اقامة اتحاد كونفيدرالي اردني فلسطيني يضم الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية والمملكة الهاشمية ، وان الهدف من سلسلة اللقاءات السرية كان الاستماع مباشرة من الملك عبد الله لكل ما يتعلق بنواياه حول فكرة اقامة اتحاد كونفيدرالي ، ومدى استعداد الاردن لتحمل مسئولية الرقابة العسكرية والاستخبارية عما يجري في الضفة الغربية ، وموقف الاردن من احتمالية توسيع الرقابة الامنية والاستخبارية الاردنية لتشمل قطاع غزة ، وكيفية ملاءمة النوايا الاردنية مع احتياجات اسرائيل الامنية بعد التوصل لاتفاق مرحلي فلسطيني – اسرائيلي .
ورغم ان الخبر نقلا عن موقع ديبكا الاسرائيلي الا انه يستحق الوقوف عنده والتفكير به مليا وخصوصا أنه يتطابق مع المخططات الاسرائيلية للضفة وقطاع غزة، ويتلاقى مع الكثير من الطروحات والافكار الدائمة في الفترة الاخيرة والتي تتحدث عن حلول اقليمية مصر والاردن جزء منها ، أو عن الحاق القطاع مع مصر ، والحاق الضفة مع الاردن .
وفي 2013.1.29 استقبل الملك عبد الله الثاني ملك الاردن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل يرافقه عضوي المكتب السياسي محمد نصر، ومحمد نزال حيث تحدث مشعل للصحفيين قائلا: الاردن هو الاردن ، وفلسطين هي فلسطين ، وأي حديث عن العلاقة بين الدولة الاردنية والدولة الفلسطينية هو حديث بعد قيام الدولة الفلسطينية على الارض عندها نبحث في صيغ العلاقة ، رافضا أي حديث عن الكونفيدرالية وان قيام دولة فلسطين وحده يحدد العلاقة ذات الخصوصية التي تخدم مصلحة الاردن ومصلحة فلسطين وعبر عن رفضه طروحات الوطن البديل مؤكدا حق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم كاملة كما قال ان هناك درجة عالية من التفاهم والتقارب مع القيادة الاردنية معربا عن تقديره لجهود الاردن في قطاع غزة من خلال المستشفى العسكري الميداني الى جانب مبادرات الملك المختلفة ورعاية مشاريع الاعمار في القدس .
في حين ان ملك الاردن لفت الى سلسلة لقاءاته الاخيرة مع عدد من الاطراف المؤثرة في عملية السلام اقليميا ودوليا لحثهم على بذل الجهود لاطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، واخراج العملية السلمية من دائرة الجمود ، ووضع اطار زمني واضح لاحراز حل الدولتين .
كما تشير أوساط دبلوماسية متابعة الى ان البحث المباشر في مستقبل العلاقة بين الدولة الفلسطينية والاردن سيبدأ يوم 21 من فبراير 2013 ، أي بعد أن يصبح قرار الجمعية العمومية نافذا بموجب نظام الامم المتحدة ، حيث نقلت صحيفة القدس العربي اللندنية ان اوساط محددة في دائرة القرار الفلسطيني تلقت توجيهات باعداد بتقارير استراتيجية مفصلة حول افضل الطرق لقيادة مفاوضات محتملة مع الاردن في ضوء المصالح الوطنية الفلسطينية العليا
ويشار أن هناك اتفاق بين الفصيلين الكبيرين حماس وفتح على ان الكونفيدرالية التي طرحت منذ العام 1988 والتي عادت للتداول تلك الفترة غير مقبولة الا بعد زوال الاحتلال الاسرائيلي معتبرين ان طرحه في ذلك الوقت يمكن ان يفرز مزيدا من المشاكل للفلسطينيين اكثر من بحثه عن حلول ايجابية منتظرة منه وهذا ما ظهر في تصريحات لاسامة حمدان ، ونبيل شعث ، ونبيل ابو ردينة .
توقيع اتفاقية حماية المقدسات بين الملك عبد الله والرئيس أبو مازن
زيارة الرئيس الأمريكي أوباما
في 2013.3.20 قدم الرئيس الأمريكي للمنطقة في زيارة شملت إسرائيل ورام الله وعمان وفي اليوم الثاني ألقى خطابا من داخل مركز المؤتمرات الدولي بالقدس موجها للشعب الإسرائيلي مطولاً استلهم فيه ما استطاع من التاريخ والتراث اليهودي ومر على عدة مفاصل في خطابه أكد فيها على ان السبيل الوحيد لتحقيق السلام هو من خلال المفاوضات وان الوسيلة الوحيدة أمام إسرائيل لكي تدوم وتزدهر كدولة يهودية وديمقراطية هي قيام فلسطين مستقلة وقابلة للبقاء ، وان حل دولتين لشعبين هو الحل الانسب .
كما تحدث عن خيارات صعبة على الطريق وان الدول العربية يجب ان تتكيف مع عالم تبدل ،وان هذا هو الوقت للعالم العربي كي يتخد خطوات باتجاه تطبيع العلاقات مع اسرائيل ، وان على الاسرائيليين ان يعترفوا بأن النشاط الاستيطاني غير مفيد لعملية السلام ، وان دولة فلسطينية مستقلة يجب ان تكون قادرة على الحياة وذات حدود حقيقية يتعين ترسيمها ، لقد كانت كلماته كلها بميزان في اسرائيل بينما في رام الله لم يتمكن من لعب نفس الدور ببساطة حسب ( يورى افنيزي ) وهو كاتب اسرائيلي من دعاة السلام حيث يقول : إن أوباما كان يخشى من ردود الفعل الاسرائيلية بعد النجاح الكبير الذي تركه خطابه هناك فكانت قدماه في فلسطين ورأسه في إسرائيل، كانت نغمته ناشزة بسبب القصور الحاد في التعاطف مع الموقف ولا عجب في ذلك فهو محاط بيهود صهاينة هم اقرب مستشاريه واصدقائه وخبرائه في شئون الشرق الاوسط .
وكانت الاردن محطته الثالثة حيث تباحث مع الملك عبد الله حول سوريا ووضع اللاجئين الفارين منها وأعدادهم التي تتنامى يوما بعد يوم ، والوضع الاقليمي وتداعياته على الاردن بهذا اختتم اوباما جولته بدون خطة امريكية واضحة لحل الدولتين سوى التفاوض ، في حين ان جولته بالاساس تركزت في جانبين استراتيجيين الوضع الاسرائيلي – التركي والاعتذار المقدم من اسرائيل لتركيا ، والوضع السوري وتداعياته في الاقليم حيث هناك دور اردني يحتاج لدعم وتعزيز في الازمة السورية وتم إثر الزيارة الإعلان عن تقديم 200 مليون دولار دعماً للاردن وهو ما ترجمه البعض كعربون للتوطين القادم للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا.
القمة العربية ال 24 في الدوحة
بعد انتهاء زيارة الرئيس الامريكي اوباما للمنطقة انعقدت القمة العربية ال 24 في الدوحة، والتي انهت اعمالها في 27 مارس وفيها شغل الائتلاف لقوى المعارضة السورية مقعد الجمهورية العربية السورية في جامعة الدول العربية ومنظماتها ومجالسها الى حين اجراء انتخابات في سوريا ، وتقرر صندوق للقدس بمليار دولار دعما لصمودها ، كما اعلن عن قمة عربية مصغرة للمصالحة الفلسطينية في القاهرة لاقت ترحيبا من الرئيس ابو مازن ، وحركتي فتح وحماس .
وبعد ساعات امتد الحديث عن التمثيل الفلسطيني عبر وسائل الاعلام، وأصبحت التصريحات الصحفية مادة دسمة تطالب عبرها بعض قيادات حركة حماس بإعادة طرح موضوع بدائل لمنظمة التحرير بقولها: " بان لا تمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية في ظل المتغيرات الحالية "، وهو تجاهل ظهر في القمة العربية ، و بدعوة قيادتين للشعب الفلسطيني، وهذا ترجم أن حماس أصبحت لاعب رئيسي في النظام الشرق أوسطي ، و أن هذه الأحاديث الصحفية كما يراها البعض استكمال لما حدث في العام 2009 من محاولات قفز عن منظمة التحرير الفلسطينية ، وفي نظر البعض الآخر تمهيد لحركة حماس بجهود قطرية لانتزاع الصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني من منظمة التحرير الفلسطينية وإضعاف للمنظمة .
اتفاقية الدفاع عن المقدسات وردود الأفعال :
يوم 2013.3.31 وقعت في العاصمة عمان اتفاقية بين الملك عبد الله الثاني صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة ، والرئيس محمود عباس ، رئيس دولة فلسطين ، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية تلخصت في دور الملك في الحفاظ على المقدسات وحمايتها في القدس أسوة بمن سبقه من العائلة المالكة التي ترجع اصولها الى ( بيت النبوة ) ، بينما لحكومة دولة فلسطين باعتبارها المجسدة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ممارسة السيادة على جميع اجزاء اقليمها بما في ذلك القدس .
لقد ترك توقيع الاتفاقية اسئلة كثيرة ، وردات فعل متباينة خصوصا في توقيتها الذي جاء بعد زيارة اوباما للمنطقة واجتماع القمة العربية وقراراتها بخصوص القدس ودعمها، لذلك صرح الرئيس محمود عباس في معرض رده على تلك التساؤلات " ان اتفاقية الدفاع عن القدس والمقدسات مع الأردن ليس لها علاقة بزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أو الحديث عن المفاوضات ، و أكمل قائلا : نحن والاردن ننسق مواقفنا معا في ما يتعلق بالاوقاف ، واتفاقية الامس ( الاحد ) هي تجديد لما تم عام 1987 ، والسيادة لنا على كامل الأرض الفلسطينية، وهذا لا نقاش فيه، ففي العام 1988 عندما أعلن المرحوم حسين بن طلال فك الارتباط اتفقنا على ان مسئولية الاوقاف الاسلامية تتبع الاردن وهي في الاصل كذلك ، وان الاردن سيستمر في تحمل مسئولياته وهو مستمر في ذلك إلى الآن والاتفاقية تكريس لما هو قائم بيننا منذ عقود".
هذا في حين صرح يوسف رزقة المستشار السياسي لاسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس متسائلا : " هل ثمة في الافق قادم جديد للقدس يتبلور قدومه على نار هادئة بزيارة اوباما العزيزة الاخيرة ، والمشروعة في اعادة الاطراف الى مائدة المفاوضات والتسوية بمشاركة اردنية ، ويكمل ان الحملة السياسية والتوقيت ربما يثيران اسئلة استيضاحية لازمة ، وهذه دعوة لاصحاب المسئولية لتطميننا ".
هذا فيما اكد نبيل ابو ردينة الناطق باسم الرئاسة في رده على احتمالات ان يكون للاتفاقية علاقة بملف المفاوضات والكونفيدرالية قائلا " الكونفيدرالية ستقام فقط بعد اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والحاجة الى الاتفاقية جاءت عقب نيل فلسطين مكانة الدولة في الامم المتحدة وما ترتب على ذلك من نتائج سياسية وقانونية .
فيما اشار رئيس قسم المخطوطات في المسجد الاقصى ان حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف اعلنت انها تريد تغيير الواقع الموجود داخل الاماكن المقدسة ، وانها تسعى من وراء الاقتحامات للوصول الى مشروع بناء الهيكل المزعوم مشيرا ان التهديدات دفعت بالسلطة والاردن لتوقيع الاتفاقية .
في حين تحدث د. رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان صحفي حول تداعيات الاتفاقية والتوسع في الحديث عن كونفيدرالية قادمة بقوله " عندما يدور الحديث عن رمي غزة لمصر ، التي تؤكدها مواقف الاخوان ، وحركة حماس ، ومن ثم طرح كونفيدرالية مع الاردن يعاد للاذهان المشروع الصهيوني في القديم الذي يستهدف تفتيت مشروعنا الوطني الفلسطيني ، عن طريق دفع غزة باتجاه مصر ـ وما تبقى من الضفة نحو الاردن "، تصريحات القيادي في حركة الاخوان المسلمين في مصر ( عصام العريان ) عن عودة اليهود المصريين لمصر وتعويضهم يعزز هذا الاتجاه .
فيما عبر امين عام الجبهة الديمقراطية ( نايف حواتمة ) عن موقفه قائلا " لا يمكن اعادة التاريخ الى الخلف ، ذلك ان الشعب الفلسطيني تجاوز مثل هذه العمليات بعد اتصالات دامت نحو 45 عاما توجت لدى المجتمع الدولي بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في ان تكون له دولة مستقلة وعاصمتها القدس ، مشددا على ان صيغة العلاقة الفلسطينية بالجوار العربي ، ومنها صيغة العلاقات بين فلسطين والاردن يتعين ان يتم تحديد تخومها بعد قيام الدولة الفلسطينية وليس قبل ذلك وعليه يجب حشد كل الطاقات من اجل الحقوق المشروعة في مقدمتها حق تقرير المصير والدولة المستقلة ، وعودة اللاجئين .
كما نشرت صحيفة فلسطين التابعة لحركة حماس في عددها الصادر الاثنين 2013.4.1 مقالا بعنوان مدى تحقق فرضية استيعاب الاردن للاجئي سوريا للباحث د. عدنان ابو عامر جاء فيه : " تؤكد جميع التقديرات والتسريبات في الاسابيع الاخيرة ان الاردن سيكون الاكثر تفضيلا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا لاسيما ان هناك حوالي مليونين منهم يقيمون فيه من البداية ويشكلون ما يقرب من نصف عدد السكان الاردنيين ، ومما اكد ذلك ما قالته محافل في وزارة الخارجية الاسرائيلية اواخر فبراير الماضي بخصوص وجود توجه فرنسي بريطاني تحديدا لإلغاء ديون الأردن البالغة 22 مليار دولار مقابل توطين فلسطينيي سوريا ، وان مساعدات اوباما للاردن بقيمة 200 مليون دولار فهمت في عمان على انها مقدمة لتكفل المجتمع الدولي باعباء وتبعات تحمل الاردن لتوطين اللاجئين " والحديث الذي يدور في اروقة السياسة الاردنية منها ما ينفي ذلك ، ومنها من يتحدث عن رفض مبدئي رغم التطلع لالغاء الديون والحصول على المساعدات ، ورغم ذلك قد يحمل المقترح في طياته ابعادا اكبر مما تحتمله الاردن ، خصوصا وان الاردن مرشحة اثر ذلك لتغيرات ديمغرافية يغلب فيها الفلسطينيين عدديا في المملكة.
وفي اليوم الثاني أشارت نفس الصحيفة تعليقاً على الاتفاق إلى ان صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية في عددها يوم 2013.4.1 ذكرت " ان الاتفاق كان بموافقة امريكية وعلم اسرائيلي
هذا في حين صرح وزير الاتصال الاردني ( محمد المومني ) للقدس العربي " ان الاتفاقية لا علاقة لها باي مشاريع متصلة بالكونفيدرالية ، او بالبحث فيها بين الاردن ودولة فلسطين الجديدة ".
فيما اجتهدت الحكومة في عمان لاظهار اتفاقية رعاية المقدسات مؤخرا انها خطوة ليست رسمية وتخص العائلة الهاشمية المالكة في الاردن فقط .
في وقت تجنب رئيس الحكومة ( عبد الله النسور ) التعليق على ملف الكونفيدرالية ، وتحدث خلال مأدبة عشاء نظمت لعدد من الصحفيين انتهت حسب صحيفة القدس العربي الصادرة في 2013.4.5 بتسريبات ركزت على ملف اللاجئين السوريين الذين يتوقع ان يصل عددهم الى ثلاثة ملايين لاجئ مع احتمالات حصول حرب عالمية ثالثة وان الاردن سيتأذى وهو يواجه تحديات صعبة للغاية عندما توشك الحرب العالمية الثالثة على الاندلاع .
وقد فسر البعض عدم شرحه للصعوبات المذكورة بانه اسلوب تخويفي للاردنيين تمهيدا لاجندة اقتصادية قاسية في الاردن الى جانب حماية التحركات المستقبلية للاردن في الهامشين الفلسطيني والسوري .
فيما قدر اخرون ان عمان ورام الله تستبقان أي وقائع على الارض يمكن ان تصل بالمبادرات القطرية الى مدينة القدس على اساس ان هذه المبادرات ينبغي ان تمر عبر البوابة الاردنية الراعية للمقدسات حتى وان كانت اتفاقية القدس شخصية ولا تخص الدولة الاردنية وتتعلق حصريا بالملك .
هذا فيما صرح الامين العام لجبهة لعمل الاسلامي الشيخ ( حمزة منصور ) في مداخلة على هامش ندوة في تلفزيون اليرموك قائلا " ان الحركة الاسلامية ترفض أي مشاريع للكونفيدرالية معتبرا ان الاولوية للمقاومة وتحرير الارض ، ويفترض في حديثه ان يعقد خلال الايام المقبلة قادة الاخوان المسلمين اجتماعا خاصا للعصف الذهني يبحث في اتفاقية القدس الاخيرة ، وما يتردد بعنوان التسارع نحو الاندماج الكونفيدرالي .
في حين نشرت صحيفة الخليج الاماراتيه بتاريخ 2013.4.7 مقالا للكاتب الاماراتي محمد خليفة تعليقا على الاتفاقية يقول فيه :" كانت زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما في 2013.3.19 الى اسرائيل والضفة الغربية والاردن مقدمة لايجاد حل ينهي الصراع بشكل كامل ويقوم هذا الحل الذي اتفقت عليه مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية والحكومة الاردنية على اساس اقامة فيدرالية بين ضفتي نهر الاردن الغربية والشرقية ، بحيث تصبح هذه الفيدرالية دولة مشتركة فلسطينية وأما غزة فيتم ربطها بكونفيدرالية مع مصر بحيث تبقى مستقلة داخل اطار السيادة المصرية مثل امارة موناكو وفرنسا ، وتعد اتفاقية السلطة مع الاردن مقدمة هذا الحل الذي قد يتبلور في المستقبل القريب " وفي مكان اخر يقول " وتبقى الاشكالية في موافقة الفلسطينيين ، فان هم رضوا بالحل فان سائر العرب سيلتزمون الصمت ، ولن يكونوا ملكيين اكثر من الملك ، وقطعا سيلقى هذا الحل معارضة بعض الفصائل لكن ذلك لن يغير شيئا لان الفصائل الرئيسية مثل ( فتح وحماس ) ترضيان به ".
من كل ماسبق وذكرناه ، ورغم العديد من التحليلات التي لاقت بعضها ارضية معينة للانطلاق منها، الا ان هناك اشكاليات تتعلق بالسياسة الاردنية الداخلية والخارجية والتي توقيع الاتفاق لحماية المقدسات في القدس احدى مظاهرها وتتمثل تلك الاشكاليات في التغيرات الاقليمية ، والداخلية وانعكاساتها على استقرار الاردن ومجابهته للترتيبات القادمة واهم تلك التحديات :
اولا تحديات خارجية:
1- الوضع السوري : وهو وضع مازوم حيث تدور حرب طاحنة هناك ادت الى لجوء مئات الالاف من المواطنين الى الاردن ما بين سوريين وفلسطينيين ، يدفعهم لهذا اللجوء الموقف الرسمي الاردني المؤيد للثورة في سوريا وتساوق الاردن مع الاتجاهات الدولية لمعالجة الازمة السورية للحصول على الدعم اللازم حاليا ومستقبلا.
2-الوضع العراقي: فقد ترك الانسحاب الامريكي من العراق بؤرة ساخنة مجاورة للاردن تحمل في داخلها كل اسباب التفجر خصوصا مع الهيمنة الايرانية على اقليم العراق والسيطرة الشيعية الواضحة ، حيث هناك تخوفات من تدهور سني – شيعي يلقى بتبعاته على الاردن .
3-- الوضع الإسرائيلي : وقد تدهورت العلاقات بين الجانبين في العامين الأخيرين خصوصا مع الثورات العربية التي اندلعت في بلدان عربية عدة ، ورغم حدة النبرة العدائية التي كان لها أسبابها المعلنة حيث تتهم إسرائيل بعرقلة مشروع الأردن النووي والتشهير بالأردن لدى أوروبا والعالم إلا ان العداء المكشوف بالشكل الذي لم يعهده الأردن منذ وادي عربة مع إسرائيل جاء استثماراً في الوضع الداخلي بحيث يمكن تهدئة مجريات الأحداث نتيجة لإقحام التهديدات بالجيش والعنف اللفظي الذي يرقى لدرجة اقتراب الحرب .
ثانياً : تحديات داخلية
1- الوضع الاقتصادي : فالأردن يعاني اقتصاديا ، واتفاق وادي عربة لم يعطه الثمار التي كان موعودا بها ، كما ان البطالة في تزايد والاسعار تزداد ايضا هذا مع نشاط واضح للاخوا ن المسلمين الذين يلجأون للضغط المستمر على الحكومة الاردنية.
2- الوضع السياسي : أدت زيادة الأزمة الاقتصادية لاحتواء ملك الاردن للكثير من التيارات السياسية بما فيهم بعض الحمائم من الاخوان ، خصوصا وان الحركة الاسلامية في الاردن مرشحة اكثر من ذي قبل للتأثر بالاقليم وما يهب من ازمات خصوصا في فلسطين والعراق وسوريا .
هذه التحديات التي احاطت بالاردن، ومن المنطقي ان يتم التخفيف من حدتها على ملك الاردن خصوصا وانه حليف قوي للامريكان وله علاقات واسعة مع اوروبا وشريك قوي في قوات الامم المتحدة المتعددة الجنسيات المنتشرة في العالم .

لذلك يعتقد ان الاردن بحاجة لنوع من الطمأنة وعودته الى واجهة الاهتمام من جديد ، وهو ما تلاقى مع الحاجة الفلسطينية خصوصا مع تأزم الوضع في القدس كما ان هناك ترتيبات قانونية أملتها ظروف قبول فلسطين كدولة مراقبة في الأمم المتحدة لا يمكن فيها استبعاد الدور الأردني، حيث ان الجانب الاردني لا يزال وحسب اتفاق وادي عربة وصيا على المقدسات الاسلامية في القدس .
لذلك أي حديث عن فيدرالية او كونفيدرالية رغم انهما مشاريع موجودة ومن الممكن أن يجرى النقاش والتفاوض حولها هو حاليا الهاء وتضييع للوقت امام ازمة كبرى تتحضر.
من جانب اخر يجيء الحضور الاردني لاضعاف أي محاولات قد تهدف لتعزيز الانقسام الفلسطيني ، والذي ان خدم اطراف فلا يمكنه ان يخدم الاردن للعدد الكبير من الفلسطينيين الذي يعيش فيه ، بحيث لا يمكن للمملكة ان تتحمل أي تصعيد فلسطيني داخلها .كما أن المملكة الأردنية حتى اللحظة متحفظة في الحديث عن اللاجئين الفلسطينيين فيه ، ولا ترغب بالحديث عن حلول فيما يخصهم لئلا تقترب من موضوع التوطين ، كما تشير دوما للفلسطينيين بأنهم أردنيين نظرا للعلاقة التاريخية التي ربطت جنوب بلاد الشام ببعضها البعض ، و للاندماج الفلسطيني في الحياة السياسية والاقتصادية في الاردن .
وقد جاء تحرك الاردن الاخير بتوقيع الاتفاقية التي تضمنت في ديباجتها دلالات فلسطينية سيادية كدولة فلسطين ، والسيادة الفلسطينية للجم أي حديث عن الاردن كوطن بديل للفلسطينيين لذا وجدنا الاتفاقية تعزز دور الدولة الفلسطينية وبالتالي تؤكد على خيار حل الدولتين وهو ما يتماشى مع توجهات منظمة التحرير الفلسطينية ، وحركة حماس .
كما يجىء الدور الاردنى كلاعب سياسي في الملف الفلسطيني ، وملف المفاوضات لخلق حالة اكثر انفراجا في القضية الفلسطينية تمكن الامريكان من معالجة باقي الملفات الساخنة في المنطقة العربية .

بقلم / جمال ابو لاشين