تقرير: الاحتلال يوسع هجمته على القدس لصالح مشاريع استيطانية

أصدرت سلطات الاحتلال مؤخراً عدة قرارات بمصادرة المئات من الدونمات من أراضي قرى مدينة القدس لإقامة عدة مشاريع ومخططات استيطانية في المدينة، منها مصادرة 738 دونماً من أراضي العيسوية والطور لصالح إقامة "حديقة قومية"، و117 دونماً آخر من أراضي شعفاط وبين حنينا لإقامة ما يسمى "بالشارع 21" الموازي للشارع الرئيسي المعروف بشارع شعفاط - رام الله.


 


 وأودعت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في الثامن عشر من شهر تشرين ثاني من العام المنصرم المخطط رقم 11092 للاعتراض على إقامة "حديقة قومية"، حيث يمتد المخطط الرسمي للحديقة على مساحة تقدر ب738 دونما مصادرة  من أراضي قريتي العيسوية والطور.


 


وأنشئ المخطط الأولي في العام 2005، واقترح إقامة الحديقة على أراض بمساحة 738 دونما تمتد من القسم الجنوبي من قرية العيسوية حتى القسم الشمالي لقرية الطور، ولكن في العام 2009 تم إلغاء هذا المخطط وتمت صياغة المخطط 11092.


 


وفي شهر تموز من العام 2009، وبمبادرة مشتركة بين بلدية الاحتلال في القدس وسلطة تطوير القدس ودائرة الحدائق الطبيعية والقومية الإسرائيلية، تم الانتهاء من مخطط "الحديقة القومية" الذي قدم للجنة التخطيط. في النسخة النهائية من المخطط تم الإقرار بأن الأراضي المملوكة للجامعة العبرية لن تستخدم لهدف "الحديقة القومية"، مما يعني أن مزيداً من الأراضي المملوكة للفلسطينيين ستكون عرضة للمصادرة لتنفيذ المخطط. وفي الخامس من نيسان 2011 صادقت اللجنة المحلية للتنظيم والبناء على المشروع.


 


خلفية عامة عن القريتين:


قرية العيسوية:


 


تقع القرية شمال شرق البلدة القديمة على مقربة من مكان صعود المسيح. ترتفع 730-750 متر مربع عن سطح البحر. تبلغ مساحتها 10399 دونماً. وقعت ما بين عام 1948-1967 ضمن المنطقة الحرام التي تشرف عليها الأمم المتحدة. وبعد عام 1967 انقسمت أراضيها إلى قسمين، جزء بسيط ضمن حدود البلدية والأكبر في الضفة الغربية.


 


قرية الطور:


تبلغ مساحة أراضي الطور 8867 دونماً حسب المسح الإنجليزي، وجميع أراضي هذه القرية أقيمت عليها الأديرة والمساجد والبقية الباقية هي وقف إسلامي. تعتمد باقتصادها على السياحة والعمل في مدينة القدس، وتعتمد على مياه الأمطار ومياه عين فارة، وحتى العام 1967 كانت خارج حدود البلدية ولها مجلس قروي. يوجد على أراضيها أكبر المستشفيات الفلسطينية (المقاصد الخيرية والمطلع). ويوجد بها أهم القرى التي أنشئت بعد عام 1967 (قرية الزعيم) التي هي جزء من القرية. ويوجد بها أهم المقدسات المسيحية والإسلامية: كنيسة الصعود وقبر سليمان الفارسي ومقام رابعة العدوية.


 


الهدف من تنفيذ المخطط 11092


إن الهدف من تنفيذ المخطط 11092 هو أن يعرف المنحدر الشرقي من "التلة الفرنسية"، "كحديقة قومية" بناء على قانون 1988 للحدائق والاحتياطات والمحفوظات والتذكارات القومية، ووفقاً للمخطط الهيكلي 2030 يهدف المخطط 11092 لربط هذه الحديقة "بالحوض المقدس".


 


وتعتبر "الحديقة القومية" وكما أعلنت مؤسسات التخطيط الإسرائيلية، ذات أهمية  خاصة للسلطات الإسرائيلية لأنها تمثل البوابة الشرقية للقدس، ووفقاً للمخطط يجب أن يظهر الموقع كمنطقة مفتوحة وذلك لأهميته الأثرية والاستراتيجية، إضافة إلى الحاجة للحفاظ على الطبيعة. من ناحية أخرى تجادل سلطات الاحتلال بأن المنطقة التي ستقام عليها "الحديقة القومية"، تشكل جزءاً أساسيا من الموروث الحضاري الإسرائيلي، وتزعم بأن إقامة الحديقة يمثل طريقة للحفاظ على الأهمية الدينية والثقافية للموقع، بالإضافة إلى ذلك يمثل الموقع ككل منطقة أثرية، وأن أعمال البناء بحاجة إلى تنسيق مع سلطة الآثار التي تعمل وفقاً لقانون سلطة الآثار الإسرائيلية.


 


ووفقاً للمخطط لقد تم تغيير الحالة القانونية للأرض، من أراضي بناء للمصلحة العامة إلى "حدائق قومية"، وبالنالي يمنع البناء أو التخطيط للمصلحة العامة من أجل إفساح الطريق "للحديقة القومية". علاوة على ذلك تهدف الحديقة إلى ربط الجامعة العبرية في الغرب بالشارع الرئيسي لمستعمرة معاليه أدوميم في الشرق، وبلدة الطور في الجنوب إلى العيسوية شمالاً، من ناحية أخرى سيتم إنشاء مشاريع سياحية مستقبلية في المنطقة ضمن المخطط.


 


أثر مخطط "الحديقة القومية" على السكن الفلسطيني:


يعتبر الحفاظ على التوازن الديمغرافي لصالح اليهود في القدس من أبرز مخاوف سلطات الاحتلال، كجزء من مخطط القدس الهيكلي 2020، حيث يجب أن يشكل اليهود في المدينة الأغلبية، في حين يكون الفلسطينيين في القدس أقلية، حيث يتم إجبار الفلسطينيين على الخروج من أحياء تشكل أهمية استراتيجية في شرقي القدس، وفي المقابل المستعمرات الإسرائيلية في توسع مستمر!


 


كما إن مخطط "الحديقة القومية" جزء استراتيجي من حلقات تطبيق المخطط الهيكلي، حيث أن إقامة الحديقة تعمل على تطويق الأحياء الفلسطينية، وفي ذات السياق لا تعمل سلطات الاحتلال على وضع مخططات تلبي الحاجة الفلسطينية المتزايدة للسكن في هذه الأحياء. وبالتالي إقامة تلك الحديقة سيعمق من أزمة السكن للفلسطينيين في شرقي القدس التي تعاني من  نقص يقدر ب46000 وحدة سكنية.


 


وما تعمل عليه سلطات الاحتلال من زيادة النقص في الوحدات السكنية للفلسطينيين في القدس والرفض الروتيني لمنح تراخيص البناء، يخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية ونفسية في الممجتمعات المتضررة. ففي العام 2010 قامت سلطات الاحتلال بهدم 15 منشأة في قرية العيسوية بالإضافة إلى تسببها بعواقب ضارة لحوالي 46 فرد 18 منهم أطفال.


 


إضافة لذلك إن إقامة تلك الحديقة على أراضي قريتي الطور والعيسوية، يعتبر استمراراً لسياسة التمييز التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين، في الواقع إن المخطط 11092 هو جزء بسيط من مخطط شامل وواسع النطاق لإقامة تسع حدائق في تلال القدس المرتفعة وحول سور القدس، وضعتها دائرة الحدائق الطبيعية والقومية الإسرائيلية، حيث تم إنجاز جزء والجزء الآخر تحت الإنشاء. أن مثل هذه القرارات تسهل عملية تهويد وأسرلة القدس، وتنكر حق الفلسطينيين المقدسيين بالسكن الملائم المكفول بالقانون الدولي.


 


بعض أثار المخطط وتشمل:


·         إن مصادرة الأرض وبناء "الحديقة القومية" ( بالإضافة إلى بناء جدار الضم والتوسع) يقلل من احتمالية التوسع المستقبلي في القرى الفلسطينية في المنطقة. وهذا يعمق من مشكلة السكن للفلسطينيين في شرقي القدس، ويجبرهم للعيش في أوضاع تزداد صعوبة، وكنتيجة لتلك الظروف يضطر جزء من المواطنين للخروج من القدس.


 


·         أي بناء أو تواصل بين الطور والعيسوية هو بالتأكيد معرقل  بفعل توسع "الحديقة القومية"، والتي تعمل على فصل القريتين بشكل فعال.


 


·         وفقاً لأجندة الحركة الاستيطانية في القدس، ستعمل إقامة الحديقة على تسهيل الارتباط الاستراتيجي بين مستعمرة معالية أدوميم ومستعمرات E1.


 


من ناحية أخرى أصدرت بلدية القدس قراراُ بمصادرة أراضي مساحتها 117 دونماً من أراضي شعفاط وبيت حنينا، وذلك لمصلحة "الشارع رقم 21" بموجب المادتين 189 و190 الواردة في قانون البناء والتنظيم لعام 1965، وبناء عليه قامت اللجنة المحلية حسب المخطط ب م/3456 أ، وبموجب المادتين 5 و7 من قانون الاستملاك للمصلحة العامة.


 


وتقوم بلدية الاحتلال في القدس بالتسريع بعملية المصادرة للشارع المذكور للأسباب التالية:


·         تقدم مستعمرة "رمات شلومو" (ريخس شعفاط) بالطلب لتوسيع البناء في المستعمرة المذكورة، حيث أنه لا يوجد لهذه المستعمرة سوى شارع واحد للخروج والدخول إليها، فقد طالبت اللجنة اللوائية بإيجاد منافذ أخرى لهذه المستعمرة للموافقة على توسيع البناء.


 


·         إن الشارع المذكور يقوم بربط مستعمرة "بيسغات زئيف" بمستعمرة "رامات شلومو، وكذلك بالشارع المؤدي إلى راموت فهو بالشكل الرئيسي يخدم المستوطنات المحيطة بالمنطقة وربطها ببعضها البعض.


 


·         يعتبر الشارع المذكور شارع رئيسي، وهو بديل عن شارع شعفاط – رام الله الرئيس، والذي يعمل على ضرب الحركة التجارية على الشارع الحالي.


 


·         عدم إعطاء معابر من الشارع المذكور إلى قطع الأراضي المحاذية للشارع.


 


·         إن مشاريع إعادة التقسيم المحاذية "للشارع 21" لم تتم حتى الآن المصادقة عليها، وقد تمت المصادقة على المشاريع الهيكلية في بيت حنينا وشعفاط في سنوات 1997 و1999، وقد وعدت البلدية حينها بإنهاء مشاريع التقسيم خلال سنتين في أقصى حد، إلا أنها حتى الآن لم تنجز المصادقة على هذه المشاريع وتقوم بالتأجيل والتأخير لغاية في نفس يعقوب!!


 


وطالب الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس بتدخل الأمم المتحدة لتجبر إسرائيل بالتراجع عن قراراتها بمصادرة الأراضي الفلسطينية واوصت: إن القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ينبغي أن تكون الأطر المرجعية الأساسية، بالنظر إلى أن القدس مدينة تم احتلالها وضمها من قبل إسرائيل ينتهك القانون الدولي.


 


وقال: ينبغي على للأمم المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي أن تتحمل المسؤولية بالتمسك بالتزاماتها نحو "الأشخاص المحميين" تحت الاحتلال في مدينة القدس.


 


واضاف على إسرائيل أن تتوقف فورا عن توسيع المستوطنات في شرقي القدس المحتلة لأنها تنتهك بوضوح القانون الدولي الإنساني، على النحو المنصوص به في اتفاقية جنيف الرابعة.


 


وطالب الفلسطينيين المقيمين في مدينة القدس أن يكونوا أحرار في اتخاذ قراراتهم الخاصة، وأن يقوموا بوضع المخططات وقوانين التنظيم الخاصة بهم، وأن لا ينصاعوا للقوانين والمخططات والتشريعات التي تقررها سلطات الاحتلال الإسرائيلي