أكد مصدر فلسطيني مطلع في العاصمة السورية دمشق على أن اختيار خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لقيادة الحركة مجدداً بهذا المنصب لسنوات أربع مقبلة مضمون 100%, وذلك على الرغم من البيان الصادر عن حركة حماس، عن رغبة مشعل، في عدم الترشح لدورة جديدة في الانتخابات المقررة في يونيو (حزيران) المقبل.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في عددها، اليوم الأحد، عن المصدر قوله إن مجلس شورى الحركة، الذي انعقد بأعضائه الـ59 في العاصمة السودانية الخرطوم قبل نحو 3 أسابيع رفض، بالإجماع، رغبة مشعل بعدم الترشح، لدورة جديدة في الانتخابات المقبلة، وأنه سيكون المرشح الوحيد لهذا المنصب .
وجاء طلب مشعل، حسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، وأكده بيان حماس في هذا الصدد في التقرير السياسي الذي قدمه مشعل إلى اجتماع مجلس الشورى حول مسار الحركة في السنوات الأخيرة.
وقال المصدر إن مشعل اختتم خطابه راجيا أعضاء المجلس النزول على رغبته بعدم الترشح لدورة جديدة لمنصب رئيس المكتب السياسي الذي يشغله منذ عام 1996، وهو العام الذي خلف فيه مشعل رئاسة المكتب من موسى أبو مرزوق، الذي اضطر للتخلي عن هذا المنصب بعد اعتقاله في نيويورك بتهمة زعامة تنظيم "إرهابي"، وأفرج عنه في صفقة تنازل فيها عن جنسيته الأميركية، وعاد ليعيش في عمان حتى ترحيله مع مشعل وقادة آخرين في حماس إلى سوريا عام 1999.
وحسب البيان، الذي جاء تحت عنوان لا يعني على الإطلاق أن أمر عدم الترشح محسوم، وهو "حماس: مشعل أبدى رغبة بعدم الترشح للدورة التنظيمية المقبلة"، فإن قيادات الحركة ورموزها تمنوا على خالد مشعل العدول عن ذلك، وترك الموضوع لمجلس الشورى وتقديره للمصلحة العليا، مع الاحترام والتقدير لرغبته، معتبرين ذلك شأنا عاما تقرر فيه مؤسسات الحركة وليس شأناً شخصياً خالصاً.
وقال المصدر إن طلب مشعل، الذي ترك بصمات واضحة على مسار حماس السياسي في السنوات الأخيرة، نزل على رؤوس أعضاء المجلس نزول الصاعقة فمنهم من تأثر تأثرا شديدا حتى البكاء، مثل الدكتور صلاح البردويل، ومنهم من أصيب بحالة من الوجوم والصمت المطبق. وانتهى اجتماع مجلس الشورى برفض طلب مشعل بالإجماع.حسب الصحيفة
يُذكر أن رئيس المكتب السياسي يرشحه فقط مجلس الشورى، ولا أحد يستطيع ترشيح نفسه بنفسه إلى هذا المنصب، كما هي العادة في الانتخابات العادية.
ويحظى مشعل، كما قال المصدر، باحترام جميع الأطراف في حركة حماس، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وفي أوساط العسكريين وقيادة الجناح العسكري للحركة، كتائب القسام، تحت قيادة أحمد الجعبري، أو حتى في صفوف المعتقلين.
وأضاف المصدر أن هناك إجماعا عليه داخل الحركة باستثناء بعض ما سماه "الفرقعات" التي يطلقها في قطاع غزة محمود الزهار، عضو المكتب السياسي للحركة، بغرض المناكفة، التي وصلت حد انتقاد توجهات مشعل بشأن المصالحة وإعطاء فرصة جديدة للمفاوضات والدولة الفلسطينية في حدود 1967، في حفل توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في مايو (أيار) الماضي، الأمر الذي دفع، على غير عادة المكتب السياسي، إلى إصدار بيان يرفض انتقادات، واتخاذ إجراءات عقابية ضد الزهار والتهديد بتجميد عضويته في المكتب السياسي.وفقاً للصحيفة.
وذكرت "الشرق الأوسط" أن ثمة إجماعاً في أوساط قيادات حماس، بمن فيهم الزهار، على أنه سيجرى انتخاب مشعل لدورة جديدة، وربما تكون الأخيرة لرئاسة المكتب السياسي. وهذا يتناقض مع ما قالته صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها حول ما سمته الخلفية وراء قرار مشعل بالتنحي.
وكانت "هآرتس" قد عزت نية مشعل عدم الترشح إلى ما سمته الشرخ المحتدم بين قيادة حماس في الخارج وقيادتها في غزة، التي تعارض التغييرات السياسية في الحركة، منها:" الموقف من إسرائيل، والمصالحة الفلسطينية الداخلية، والسعي إلى إقامة الدولة، وفوق كل شيء الموقف من سوريا وإيران".
وأوضحت الصحيفة أن "التوتر الشديد بين هنية ومشعل بدأ في أعقاب لقاء المصالحة بين مشعل والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في نوفمبر (تشرين الثاني) في القاهرة وقبل ذلك، في مايو , حيث دعم مشعل المقاومة الشعبية بينما قالت الاسوشيتد برس انه طالب حماس باتخاذ خطوات للتحول إلى حزب سياسي فحسب". وقالت إن "رد فعل هنية على هذا المذهب لم يتأخر. في البداية شرح أن الكفاح المسلح هو خيار استراتيجي، وعملياً هو الإمكانية الوحيدة لحماس لتحقيق أهدافها."
ولفتت الصحيفة إلى أن "المواجهة بين هنية ومشعل نالت الزخم أيضا في لقاء قيادة المنظمة في الخرطوم، حين انتقد هنية مشعل علنا، وهكذا، في غضون أسابيع معدودة فقط تحول رئيس حكومة حماس، من أحد الزعماء الذين يعتبرون الأكثر براغماتية في قيادة المنظمة، إلى صقر يحاول شق طريق مشعل إلى الخارج".
وتحدثت الصحيفة العبرية عن 4 مرشحين محتملين هم موسى ابو مرزوق نائب مشعل, واسماعيل هنية واسامة حمدان ومحمود الزهار.
غير أن المصدر الفلسطيني المطلع في دمشق قال إن ثمة خطأ وخلطا في معلومات "هآرتس"؛ لأن الخلاف نشب بين الزهار، وليس هنية، من جهة، وقيادة حماس داخليا وخارجيا من جهة أخرى. وهو، أي الزهار، الذي انتقد موقف مشعل، وليس هنية. ولم يصدر عن هنية، حتى الآن، ما يبين أنه على خلاف مع مشعل.