المصالحة بوابة إعادة إعمار غزة وليبيا ../ د.مازن صافي

 


تشرفت بتلبية دعوة من مكتب الرازي للخدمات العامة بصفته الوكيل الحصرى المعتمد فى فلسطين لحضور ومتابعة ورشة عمل وذلك في قاعة المؤتمرات بجامعة غزة بعنوان (آليات العمل المطلوبة للمشاركة في معرض إعادة اعمار ليبيا الأول لعام 2012م )


ومن أهم ما جاء في ورشة العمل أن العقل الفلسطيني أثبت بما لا يدع مجالا للشك وعلى مدار عقود من الزمن قدرته على تعمير الصحراء ، وخير دليل على ذلك تجربته السابقة في البناء في الدول العربية الخليجية الشقيقة ومختلف بلدان العالم .. ومن الأهمية إعادة اعمار ليبيا الشقيقة ، والاستفادة من حركة البناء والاعمار بعد الثورة والقضاء على شبح البطالة في فلسطين ، والتي وصلت لنسب كبيرة جدا أثرت في الاقتصاد الفلسطيني وشلت حركته منذ سنوات عديدة .. وأيضا مما ورد أن الأخوة في قيادة الثورة الليبية أكدوا على أهمية إنجاز المصالحة كحافز أقوى لتحسين الحضور الفلسطيني في إعمار ليبيا " توحيد برامج وقوى الاستثمار الفلسطيني " وأن لا يكون هناك تفاوت في الفرص بين الضفة وغزة ، بل أن تكون الفرصة للكل الفلسطيني وأن المصالحة الفلسطينية عامل إيجابي  في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي الفلسطيني الذي سيستفيد جدا من دخوله في مجالات إعادة البناء في ليبيا .. هكذا إذن تؤثر حالة الانقسام في برامج الآخرين لنا .. وبالتالي فإن استقرار الحالة الفلسطينية بما يتمثل في إنجاز وتطبيق المصالحة وسيادة الدستور الفلسطيني سوف يكون له الحضور الفاعل والمؤثر على كافة  المستويات المحلية والعربية والإقليمية والدولية ، ولقد حدثني صديق قد عاد مؤخرا من دولة الإمارات أن سنوات الانقسام أثرت كثيرا على نسبة استيعاب التوظيف الفلسطيني في الإمارات سواء في القطاع العام أو الخاص وأن الاستثمار الإماراتي الذي يسير بخطوات سريعة جدا يهمه في المقام الأول أن يكون الوافد أو من هو على رأس عمله تتمتع بلاده بالاستقرار السياسي والمجتمعي ، وبالتالي فالفرصة كبيرة جدا لنا نحن الفلسطينيون لدعم حضورنا بالسوق الخليجية في حال أن توحدت أفكارنا وبرامجنا واستثماراتنا وأن ندعم مشاركة وحضور الاستثمار الخليجي على كافة المستويات في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة كوحدة واحدة لا تعترف بالانقسام .



وفي ورشة العمل تم الحديث عن أن إعمار ليبيا يحتاج إلى 485 مليار دولار تقريبا بينما يحتاج إعمار غزة الى 5 مليار دولار .. ليبيا قد أنهت كافة الاستعدادات والموازنة والدعم المالي واللوجستي لبدء الإعمار ، أما نحن في غزة فلم يوضع في صندوق الاعمار إلا القليل مما تم تخصيصه ، هذا إذا علمنا أن النفط الليبي يعتبر عامل هام وحاسم لقوة الاقتصاد والانفتاح الليبي القادم ، أما نحن في غزة فإننا بحاجة ماسة لإعادة قراءة واقعنا الفلسطيني ، والأهم هو أن نحصل على دولة فلسطينية مستقلة ومستقلة عن كل التبعات والاتفاقيات الاقتصادية الإسرائيلية التي ترهق كاهل المستهلك والمستثمر الفلسطيني وتشكل عائق حقيقي أمام التنمية الاقتصادية والبشرية في الضفة والقطاع .


إن الربيع العربي بنتائجه يدفعنا أن نلتحق به إيجابيا بحيث نكون مؤثرين في الخارطة السياسية العربية والإقليمية القادمة وأن نستثمر أهمية إعادة بناء الذات العربية وبناء ما تآثر بفعل الوصول الى الحالة الثورية الحالية في بعض البلاد العربية ..  وهذا الربيع العربي يجب أن يخص فلسطين بالأولوية في كافة المشاريع الاستثمارية والتنموية ، وهذا أيضا نابع من أن فلسطين هي مركز الاستقرار في المنطقة وبالتالي فلا معنى لأي ثورة أو عملية إصلاح تتخطى الواقع والوضع الفلسطيني ، وفي المقابل لا معنى لأن نتغنى بالربيع العربي ونتائجه الايجابية علينا ونحن لازلنا نعاني من بطء تطبيق المصالحة وأحيانا خروجها عن مسارها ، المطلوب اليوم الدعم الحقيقي لكافة لجان المصالحة بكافة إشكال الدعم الذي يوفر لها النجاح وفرص التحرك الجدي والفاعل والمؤثر على الأرض وفي بنيان المجتمع الفلسطيني وربما هذا يمكن أن نطلق عليه " إعادة إعمار المجتمع الفلسطيني " ..


إن من الأهمية أن تشكل ثقافة المصالحة عامل وحافز هام ودافع في حياتنا الفلسطينية ، وتنعكس ثقافة المصالحة في سلسلة من الإجراءات والخطوات التصويبية التي تخرجنا من الانقسام وتداعياته ، هذه الثقافة وحزم الإجراءات تشمل كيفية تلاقي المجتمع مع بعضه البعض في كل المجالات ، وهنا نطرق أبواب العمل الوظيفي ونقول أنه لابد من قراءة إيجابية وسريعة لهذا الملف وإنهاء تبعات الانقسام الذي ألقى بظلاله الكئيبة على حياة الموظفين الذين هم أيضا ضحايا للوضع السياسي الاستثنائي الذي مر بنا وحين نتحدث عن الموظفين فإننا نتحدث عن الكينونة الاجتماعية لأسر الموظفين والموظفين أنفسهم ، وبالتالي ونحن نتحدث عن المصالحة وتطبيقها ودعم كافة اللجان المختلفة والاستعداد القيادي لتقديم كل ما يمكن لهذا الشعب الذي يحتاج منا الكثير ، نقول لننهي ملف الموظفين في قطاع غزة والضفة الغربية بما يضمن المصالحة المجتمعية الوظيفية ، وهذا سوف يكون رافعة إضافية وهامة للمصالحة وتساعد في تذليل الكثير من العقبات والمنغصات . ونعود لنقول أننا أمام مشروع إعادة ما دمره الاحتلال و الانقسام .. لهذا لننطلق معا ونقول لا للاحتلال ولا للانقسام .. نعم للحرية وزوال الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وإعادة الاعمار والمصالحة الفلسطينية والتقاء الكل الفلسطيني تحت مظلة دستورية جامعة تبني مجتمعنا ومؤسساتنا وتعيد نور الحياة الذي تأثر كثيرا في السنوات القادمة .. المصالحة بوابتنا الداخلية وبوابتنا نحو الخارج ، فلنستعد لندخل عالم أفضل وجديد .


 


ملاحظة : لندعم جميعنا إنهاء الانقسام وتطبيق المصالحة الفلسطينية من اجل إعادة اعمار فلسطين وخصوصا قطاع غزة لاسيما في قطاع الإسكان الذي يحتاج في الضفة والقطاع إلى 120 ألف شقة، إضافة إلى إعادة اعمار البنية التحتية في القطاع التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت