" زيارة بان كي مون لغزة: الــ "تيك أوي / مصطفى إبراهيم

بقلم: مصطفى إبراهيم

ربما لا يعلم كثيرون من الفلسطينيين في قطاع غزة أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم إلى قطاع غزة سبقتها زيارة كاثرين آشتون بأسبوع، والمفارقة أن زيارة بان مون في 22/3/2010، إلى القطاع سبقتها أيضاً زيارة آشتون بأسبوع وصرحت آشتون إن “الزيارة مهمة جداً بالنسبة إليّ للإطلاع على الأوضاع الإنسانية في غزة، والتحدث مع الناس من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية وتحسين أوضاع الأمن، وكررت ذات الحديث في زيارتها الأسبوع الماضي.


 


وهي ليست المرة الأولى التي تجرى فيها لقاءات مع وفود ومسؤولين دوليين وأجانب يزورن غزة خطفاً “التيك أوي” للاطلاع على معاناة السكان كما يدعون، وتثار حولها أسئلة وجدل ومدى الجدوى من تلك اللقاءات التي تجرى عادة مع عدد قليل جداً من ممثلي القطاع الخاص، والمجتمع المدني تتم دعوتهم من قبل الزائرين بشكل فردي، لا تراعي تمثيلهم للقطاعات المختلفة في القطاع.


 


زيارة بان كي مون إلى قطاع غزة سبقها جدلاً أثاره عدد من ممثلي المجتمع المدني الذين رفضوا قبول دعوة مقابلة بان مون لعدم توجيه دعوات لممثلي فطاعات مهمة في المجتمع كممثلين عن اللاجئين وقطاع الزراعة والصحة والأسرى، و أثارت ضجة إعلامية، حول آلية اختيار أولئك الممثلين بشكل انتقائي وبناء على علاقات شخصية واقتصادية.


 


و ما هي المعايير المتبعة وهل ذلك يحقق الغاية المرجوة من لقاءات من هذا النوع في نقل صوت الضحايا إليهم وإيصال رسائل سياسية وفق رؤية موحدة، ومطالبات محددة وليس اختزال الحديث حول تحسين الوضع الإنساني، والأوضاع الاقتصادية وتحسين أوضاع الأمن.


 


زيارة بان كي مون الماضية استمرت ساعتين، التقى خلالها عدد من ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني، اللقاء استمر نحو نصف ساعة تحدث مون خلال تلك الدقائق حول ضرورة إنهاء الحصار وإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة.


 


هذه الزيارة خاطفة كسابقتيها والتي أثارت ردود فعل متباينة وانتقادات حادة له، فالزيارة لم تلبِ الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين من رفع الحصار الذي وصفه غولدستون في تقريره بأنه عقاب جماعي من خلال سياسات توازي جريمة ضد الإنسانية.


 


مون مطالب كذلك الأخذ بتوصيات غولدستون خاصة وان الأمم المتحدة عضو في اللجنة الرباعية الدولية التي تشارك في فرض الحصار على قطاع غزة، وكذلك قضية الأسرى.


 


ويتساءل الفلسطينيون عن جدوى هذه الزيارة الخاطفة والسريعة “التيك أوي” كما الزيارتين السابقتين؟ ولماذا لم يدعَ إليها قطاعات أخرى؟ مثل المرأة والطفل والإعلام والأسرى والصحة والزراعة، وكل قطاع لديه من الهموم والمعاناة اليومية يستطيع نقلها مباشرة إلى مون، ومطالبته بذل المزيد من الجهد من خلال منصبه.


 


الاعتراض ليس على الزيارات واللقاءات التي يقوم بها بعض المسؤولين الدوليين والأجانب بوزن سياسي رفيع مثل مون وآشتون، بل على الآلية في اختيار بعض الشخصيات الذين يتم اختيارهم كل مرة وكل لقاء من دون التدقيق في القطاعات التي يمثلونها، فالناس يتساءلون هل هؤلاء هم ممثلو الشعب الفلسطيني؟ فهم لا يمثلون الكل الفلسطيني؟ وتوجه اتهامات لبعضهم من أنهم يطرحونِ خلال اللقاءات الأوضاع المعيشية، ويكون التركيز على الوضع الإنساني والاقتصادي فقط.


 


ويطرحون مشاكلهم الخاصة والبزنس الخاص بهم، ولم يقوموا بنقل معاناة الناس وفق رؤية موحدة، و أن ما يجري في القطاع من حصار وعدوان إسرائيلي متواصل، وحصره بالهموم والمشاكل وتحسين الوضع الإنساني، فالحديث يجب ان يكون من خلال توجيه رسائل سياسية وطنية تعبر عن رفض سياسة الاحتلال وسياساته وضرورة وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على القطاع وإعادة الاعمار.


 


المطلوب الخروج بوفد موحد يمثل كل قطاعات المجتمع المدني والقطاع الخاص بعيداً عن الصالونات المغلقة والحسابات الشخصية والخاصة، ويكون ممثل حقيقي للفلسطينيين، ويعبر عن رؤية سياسية وطنية للضغط والتأثير على الأمين العام والمجتمع الدولي ومطالبته بتطبيق القانون الدولي حيال ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب ضد الفلسطينيين وملاحقة إسرائيل وعدم إفلات قادتها من العقاب، والضغط عليها لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وإلا سيظل الأمين العام والمجتمع الدولي يلتقي من يريد بناء على مصالحه الخاصة.


 


الفلسطينيون بحاجة لتلك الزيارات فهي مصلحة لنا في القطاع خاصة من مسؤولين دوليين رفيعي المستوى بحجم مون وآشتون للإطلاع على معاناة الناس، ووضع قضية الحصار على أجندة المجتمع الدولي ونقل صوت الضحايا وطرحه بشكل سياسي وليس إنسانياً.


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت