غزة – وكالة قدس نت للأنباء
للألوان دائما ما تكون حكاية كما لفلسطين التي ُشغٍفتا بحبها فداء وتوأمها نداء "النشار" منذ أن كانتا طفلتين تنتظرا بفارغ الصبر حصة الرسم لترسما ما يدور في مخيلتهما البريئة البعيدة عن الحماقات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الطفولة الفلسطينية، وهو الذي كان سبباً في معاناة عائلتهما، وستروي الحكاية فيما بعد.
تجدهما تعودان فرِحتان إلى منزلهما لاستكمال ما رسمتاه في المدرسة، لتنمو تدريجياً هوايتهما عبر مراحل العمر، لتصبح واقعاً جميل تحاولان من خلاله التعبير عما يدور حولهما، وما تنويان أن تُوصٍلاه لكم من خلال اللوحات الفنية المصنوعة من الزجاج والألوان، والأخرى من الخيطان والقماش، وصولاً للهدف الأساسي بالمساهمة في حماية التراث الوطني الفلسطيني من الاندثار والضياع في ظل محاولات إسرائيل اليومية بسرقته ونسبه لها.
فهاتان التوأمان منذ أن كانتا طفلتان تمارسان الهواية المفضلة بالرسم والتطريز، لتعبران عن ما يدور في خاطرهما، حيث تقول فداء لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر "إنها تحب أن تحول أي شيء تجده حولها إلى لوحة فنية تعكس ما تفكر فيه"، بينما تؤكد نداء أنها "بدأت التطريز منذ صغرها وتفضل المطرزات الفلسطينية التي تعكس التراث الوطني".
تمسك بطرف...
وتقول فداء "مع مرور الوقت بدأت الهواية تكبر في داخلي وكان والدي يطلب مني دائما تطريز الخريطة الفلسطينية، فعملت مع أختي على تطريزها بعدما جهزنا لوحة تجسد العرس الفلسطيني"، مبينة أنها كانت تمسك بطرف الخريطة من جهة وأختها نداء من جهة أخرى لتنجزاها بأقل من الوقت المحدد لهما، لإثبات القدرة والإصرار المنبثق من حب فلسطين".
رفض التخلي المطلق عن الهوية والتراث ينعكس بوضوح في اللوحات الزجاجية والمطرزات التي شكلتها أنامل فداء وأختها نداء، وتؤكدان "أنهما رغم ما سببه الاحتلال الإسرائيلي لعائلتهما من مأساة كغيرها من العائلات الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة على غزة قبل ثلاثة أعوام، والتي تمثلت في هدم منزل العائلة، إلا أن مشهد خروج خارطة فلسطين سالمة من تحت أنقاض المنزل دفعهما لمواصلة المشوار وسط إصرار وعزيمة يعتبرانها جزءاً من طبيعة حياة الفلسطينيين.
وترى نداء التي تدرس الصحافة أن مجال التطريز بالنسبة لها هواية تعمل على تنميتها، بجانب المحافظة على دراستها الجامعية، بينما أولت فداء التي تدرس نفس التخصص الفن والرسم أهمية أوسع لأنها تجد نفسها فيه على الرغم من حبها لتخصصها.
هذه العتمة الجميلة التي أبصرت النور بحكاياتها وقصص ألوانها التي تعكس جمال وروعة الأشكال الفنية والتراثية الأصيلة الممتدة بجذورها التاريخية منذ زمن بعيد، تُظهر حضارة شعبٍ لا زال متمسكُ بتراثه الوطني ويورثه للأجيال– ليمحو المقولة الإسرائيلية بأن ( الكبار يموتون والصغار ينسون).
عقارب الساعة...
وتوضح نداء أن أجمل المطرزات التي أنتجتها تكمن في لوحة فنية لمدينة القدس كتبت عليها " القدس في عيوننا"، وضعت في قلبها ساعة على شكل عقارب، قائلة"عندما أنظر إلى عقارب الساعة في كل صباح أقول بأن الساعة القادمة ستتحرر القدس"، معبرةً عن شوقها الشديد للصلاة داخل المسجد الأقصى.
وتشير فداء إلى أنها شاركت في عدد من المعارض بمدينة غزة عرضت من خلالها لوحاتها ومطرزات أختها، مبينة أن أول معرض افتتح كان في "مهرجان الخيام" الذي أقيم في ساحة السرايا وسط مدينة غزة، موضحة بأنه شجعها بعد ذلك لإقامة عدد آخر من المعارض لإقبال الناس العاديين الغير متخصصين في المجال والذين أبدوا إعجابهم الشديد في المعروضات.
ناجي العلي...
تقول فداء" تأثرت كثير في شخصية ناجي العلي ورسمته وسألني الكثير لماذا دائما حنظلة في كل لواحتك، ودائما أجيبهم بأن ناجي لم يكن يحمل سلاحا يقاوم به، ولكنه تمكن من نصرة القضية الفلسطينية بشكل جيد، وأنا أتمنى أن أكون كناجي العلي أساهم في نشر التراث الفلسطيني والتعبير عن القضية من خلال لوحاتي".
ووافقت فداء أختها نداء بأنه من الضروري أن يكون التراث الفلسطيني موجود داخل كل بيت، والعمل على الحفاظ عليه وتوريثه إلى الأجيال الفلسطينية على مدار التاريخ، وتؤكدان بأنهما مستقبلاً وبعد الانتهاء من الدراسة الجامعية ستفتتحان محلا لعرض الأعمال التراثية التي تنتجانها.