الاخوان المسلمون وامتلاك الحقيقة

بقلم: مصطفى إبراهيم


في غزة اينما حللت تلاحظ النقاش والجدل حول الانتخابات الرئاسية المصرية التي يتابعها الناس باهتمام بالغ، ويبحثون في تفاصيل التفاصيل في الحياة السياسية المصرية، وما يدور بداخلها والأزمة التي تعيشها مصر والأحزاب السياسية والقوى الثورية.

ولم يخفي المتجادلين رغبتهم في تأييد مرشح على حساب مرشح اخر، وهناك فريقين في غزة فريق يؤيد مرشح الاخوان المسلمين، وفريق يؤيد الفريق احمد شفيق ويتمنى مؤيديه الفوز له في الانتخابات، الاصطفاف واضح والمفاضلة قائمة بين المرشحين من قبل الفريقين، لكن الغالبية تتمنى لمصر الخروج من ازمتها والتوافق على مرشح رئاسي يخرجها من ازمتها.

الاهتمام بما يدور في مصر ليس امر جديد او طارئ على الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، لما لمصر من مكانة خاصة في نفوسهم ودورها الكبير في رسم السياسية العربية وتأثير ذلك على القضية الفلسطينية، وهو ليس شأناً مصريا خاصاً بل شانا عربيا ايضاً.

الازمة السياسية التي تعيشها مصر هي نتاج عدم التوافق ويتحمل مسؤوليتها كل المصريين في ظل غياب القيادة السياسية الحكيمة التي تفتقد للخبرات السياسية والرؤية الواضحة للخروج من الازمة ومواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر.

وجماعة الاخوان المسلمين جزء رئيسي من الازمة كونها صاحبة خبرة وتجربة كبيرة، ولأنها ادارت الازمة لصالحها، وهي حتى الان لم تعترف بالأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها بعد فوزهم بانتخابات مجلس الشعب والشورى، لذا هي متهمة من قبل جميع القوى السياسية بأنها تسلطية وتريد الاستفراد بالحكم والدولة.

وتطالبهم القوى الثورية والأحزاب السياسية بان حكم البلاد في هذه المرحلة يتطلب الشراكة الوطنية، وهي السبيل امامهم لإنقاذ مصر والثورة وأنفسهم، سواء فازوا بالرئاسة او خسروها، وحتى لو فاز الاخوان بالرئاسة لن يتمكنوا من ادارة البلاد من دون التعاون مع الاجهزة الامنية القوية والقوات المسلحة التي ما زالت هي القوة التي تتحكم في مقاليد الامور ولن تتخلى عن دورها في حماية مصر بسهولة.

الاتهامات للإخوان المسلمين بأنهم ارتكبوا اخطاء جسيمة وخطايا بحق الثورة والناس تحدث عنها عدد من الكتاب والمفكرين المصريين المحسوبين على الجماعة والقريبين منها، امثال المفكر طارق البشري وفهمي هويدي والإعلامي احمد منصور وغيرهم، وامتلكوا جرأة في نقد تفكير وسلوك الجماعة في مع ما يجري في مصر وطريقة تعاطيها مع الازمة.

وربما كان النقد اللاذع في حديث المرشد السابق للجماعة محمد مهدي عاكف في المقابلة التلفزيونية مع فضائية العربية نهاية الشهر الماضي واعترافه بخسارة الاخوان في الجولة الاولى لانتخابات الرئاسة دليل اضافي على واقع الجماعة، وعدم تصرفها بحكمة وارتكابها جملة كبيرة من الاخطاء، حيث قال: ” الجماعة خسرت الكثير من قاعدتها الجماهيرية بحصول مرشحها على 5 ملايين صوت مقابل 10 ملايين حصلت عليها الجماعة فى الانتخابات البرلمانية”.

كما انتقد عاكف الأداء الإعلامى للإخوان المسلمين بالقول: “وجد فرق بين أسلوب إعلامى لجماعة تدافع عن نفسها وبين أسلوب إعلام ينوى قيادة الدولة أو صناعة وإدارة دولة، سواء كان ذلك من الإخوان أو من حزب الحرية والعدالة وحتى مجلس الشعب”.

ومع ذلك لا يزال الاخوان على مواقفهم مما يجري وعدم استجابتهم للمطالبات من الثوار والأحزاب السياسية بان ادارة البلاد تكون بالشراكة وليس بالتفرد والسيطرة، لا تزال الفرصة امام الاخوان للاعتراف بأخطائهم وتقديم التنازلات الكبرى لإنقاذ مصر، وإلا ستكون نهاية العملية الديمقراطية النامية في مصر نهاية دراماتيكية.

فالإخوان لم يخرجوا بعد من عقلية امتلاك الحقيقة واحتكارها، وانها جماعة لا تزال مضطهدة والتشكيك بالناس وعدم ثقتهم بهم، وعلاقتهم بوسائل الاعلام سيئة كما ذكر مهدي عاكف، فهم بحاجة الى عقول وقلوب مفتوحة تتقبل النقد والرأي الاخر والتصالح مع الذات والناس، والإيمان بالعمل المشترك والشراكة الوطنية مع الكل المصري، فالحكم مشاركة وليس مغالبة، والمعارك امام المصريين كبيرة وكثيرة، وعلى الاخوان ان لا يخذلوا المصريين والثوار ويستمروا في رؤيتهم التفردية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت