سعيد اليوسف اسم يكتب في صفحات التاريخ

بقلم: عباس الجمعة


يطوي الزمن سنة جديدة على غياب القائد المناضل سعيد اليوسف عضو المكتب السياسي والقائد العسكري لجبهة التحرير الفلسطينية الذي فقد اثناء تصديه للغزو الصهيوني للبنان صيف عام 1982 في جبل لبنان الاشم اثناء تصديه لتقدم قوات العدو ، حيث كان وقائدا وانسانا وقبل كل ذلك مناضلا وطنياً كبيراً لجبهته وشعبه ووطنه ولكل اخوته ورفاقه ولمناضلي الحرية في العالم.
لقد استحق سعيد اليوسف وسام التميز في مسيرته الكفاحية، فكان قائدا عسكريا متميزا في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية حيث تمسك بنهج المقاومة باعتباره الحلقة المركزية في النضال ، فقد كان مدرسة في سلوكه واخلاقه ومواقفه تعكس وعيا قياديا شاملا.
في ذكرى مرور ثلاثون عاما على غيابه نؤكد ان هؤلاء القادة ومدى الوفاء لهم تتجسد في مسيرتهم لتمتد في روح وقلب الاجيال القادمة ، لأن مسيرة هذا القائد الفذ والاستثنائي ، يجب ان لا تغيب عن ساحات وميادين فلسطين التي عاش من اجلها، لتبقى مسيرته وتجربته ماثلة وملهمة لكل المناضلين ، باعتبارها تجربة للشعب وللتاريخ والمستقبل.
فالقائد سعيد اليوسف يعجز القلم عن وصف خصاله، وتجف الكلمات، حينما تسرد سيرته، وتنحني القامات تقديرا، حينما تتحدث عن بطولاته ومواقفه، وخاصة بعد أن قدم نفسه، وفكره ، فداءاً لشعبه ووطنه،من اجل تحرير ارضه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي شقت طريقها أرواح شهداء فلسطين.
سعيد اليوسف " ابو شادي" الفلسطيني العربي المعروف، وأحد صانعي صمود القوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية ، فتمتع بحب الناس، والمناضلين في صفحات النضال المشرق،من خلال وقوفه واشرافه مع رفيق دربه الامين العام فارس فلسطين الشهيد القائد الكبير ابو العباس ، على العديد من العمليات البطولية التي نفذتها جبهة التحرير الفلسطينية وابرزها عملية الزيب ونابلس ونهاريا وبرختا والطيران الشراعي والمنطاد الهوائي، حيث زرع في رفاقه قوة المثال، وحكمة في السياسة وصلابة في المبدأ وارادة تعانق السماء رفعة وشموخا وكبرياء.
مرت سنوات ولم يعرف مصيره اسيرا او شهيدا، وهو أكثر حضورا فينا، نرى ابتسامته حاضرة دائما بين رفاقه، لانه اولا انسان متواضع، كان يتحسس قضايا رفاقه ويتفاعل معها دون تبجح.
سعيد القائد، والمناضل، والسياسي، والعسكري، تأتي هذه الذكرى علينا وشعبنا الفلسطيني تتزايد عليه المؤامرات والمشاريع الامريكية الصهيونية المعادية يوما بعد يوم، والهدف من وراء ذلك كسر شوكة هذا الشعب وكيانه وتغييب معالم القضية الفلسطينية عن الوجود.
غياب الرجال مثلك بكل تأكيد يترك فراغا، وخاصة كنت نموذجا ومثالا في جبهتك، وحدويا وغيورا على شعبك، ومدافعا عن حقوقه، صلبا في مواجهة العدو، حازما ومبدئيا في التعبير عن قناعاتك، باحثا عن خطوط التجميع للجهد الوطني، ديموقراطيا ومصغ لاراء الاخرين، ونحن اليوم نتطلع الى تلك المبادئ التي رسمتها انت ورفيق دربك القائد الكبير الامين العام الشهيد ابو العباس حتى تتشربها الاجيال.
ان شجاعة سعيد اليوسف في المضي بمشروعه النضالي يؤكد ان شعب فلسطين وتاريخه يدرك ويفهم سر هذه الشجاعة، لأن هذا الشعب لم يعرف يوماً تعصباً دينياً، كما أنه من أكثر شعوب الأمة قومية وعروبة، ويشهد تاريخنا النضالي المعاصر على صدق هذه الشهادة، ولم تزعزع الأيام عزائمهم وإصرارهم على متابعة النضال حتى النصر الحاسم، وبقي "سعيد "مع شعار تحرير الارض والانسان.
إن الوفاء للقائد المناضل سعيد اليوسف يكون عبر تواصل النضال وتعزيزه وصيانته وتصعيده واستمراره بكل قوة وعدم انتظار العون من أحد، فسواعد أبناء فلسطين التي تقبض على الجمر والحجر والبنادق هي السواعد التي ستطرد الاحتلال والمستوطنين وستفك أسر الأبطال في المعتقلات الصهيونية.
سعيد اليوسف باق معنا وفينا وأن غابت طلته وطلعته باق في حجارة فلسطين ومع أزهار السمرية باق للمقاومة والعطاء، فلقد أعطى الدرس الذي لا يرد، الدرس الذي لا يمكنك إلا أن تقف أمامه لتلتقطه و تقتدي به، قائد ذهب إلى دائرة البطولة ليتحول درساً في أخلاق القادة ومثالاً لشجاعة الشجعان.
ونحن نؤكد اليوم في ذكراك اذا كان البعض يريد حرف البوصلة نقول له لقد حرقنا المراكب من ورائنا , وليس أمامنا سوى النضال وخوض معركة المصير والكرامة، سيبقى الأمل يحدونا، بالعودة إلى فلسطين كل فلسطين التاريخية، أرض الأباء والأجداد مهما طال الزمن، عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها.
ختاما : ان مسيرة هذا القائد الذي أنكر ذاته، واختار طريق الكفاح والنضال يؤازر به جموع شعبه وأهله ، لا زالت تتلألأ متوهجة في أحداق عيون الملايين من أبناء أمتك، تحميها سواعد وبنادق أبناء شعبك من أجل تحرير الأرض والإنسان.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت