فياض يؤكد حرص السلطة على النهوض بدور القطاع التعاوني

رام الله - وكالة قدس نت للأنباء
أكد رئيس الوزراء بالسلطة الفلسطينية سلام فياض حرص السلطة وإصرارها على القيام بدورها وبكامل مسؤولياتها إزاء تعزيز وتطوير القطاع التعاوني والنهوض بدوره في المجتمع الفلسطيني، وخاصة في الريف والمناطق المهددة من الاستيطان والجدار، سيما في القدس الشرقية، والأغوار وسائر المناطق المسماه (ج)، وذلك انطلاقا من رؤية واضحة تستند إلى واجب السلطة ومسؤوليتها في استنهاض طاقات الشعب الفلسطيني ودوره في حماية حقوقه الوطنية المشروعة، ورعاية مصالحه، وتسخير كامل طاقاتها لتعزيز مقومات صموده، وتأمين متطلبات الحياة الكريمة له.

جاء ذلك خلال كلمة فياض أمام المؤتمر التعاوني الثاني، والذي تنظمه وزارة العمل، بمناسبة 2012 السنة الدولية للتعاونيات، في مدينة البيرة، اليوم السبت، بحضور وزير العمل أحمد مجدلاني، وممثل المركز التعاوني السويدي، والمركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعدد واسع من ممثلي الاتحادات والمؤسسات والجمعيات التعاونية.

وشدد فياض على أن الركيزة الأساسية لتوجهات الحكومة لتعميق الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة وتوسيع نطاقها تشمل رؤيتها ومسؤوليتها للنهوض بالعمل التعاوني ودوره في استنهاض الطاقات والقدرات الفردية لمصلحة الجماعة.

وقال "هنا تكمن أهمية قطاع العمل التعاوني كونه على تماس مباشر مع القضايا الاجتماعية الأساسية كالفقر والبطالة، وقدرته على الإسهام في تعزيز صمود شعبنا، من ناحية، وفي تطوير درجة الاعتماد على الذات، من ناحية ثانية، إضافة إلى حيوية هذا القطاع وتداخلاته مع إنتاجية العمل ونوعية المنتج، وكل مكونات التحفيز الاستثماري في فلسطين"

وكان رئيس الوزراء قد استهل كلمته بتوجه الشكر والتقدير لجميع القائمين على هذا المؤتمر الهام، وخاصة وزارة العمل وكافة المؤسسات العاملة في هذا القطاع، ونقل تحيات الرئيس أبو مازن، ومباركته على الجهود الخيِّرة التي تقوم به هذه المؤسسات في تعزيز واستنهاض قطاع التعاون.

وتطرق فياض إلى نشأة العمل التعاوني في فلسطين الممتد منذ عام 1924، والذي بات يضم عشرات الآلاف من الأعضاء المنتسبين لمئات الجمعيات العاملة في مجال الإسكان والزراعة والحرف والاستهلاك والخدمات وغيرها من المجالات. وعبر عن ثقته بإمكانية وقدرة هذا القطاع الهام على تطوير دوره في خدمة المجتمع الفلسطيني وتعزيز صموده والتوسع في مجالات العمل التعاوني المختلفة لدمج المزيد من الأعضاء الفاعلين، وتكثيف جهود التنظيم والتفعيل والتوجيه وتوفير الدعم المعنوي والمادي لهم.

وأشار فياض إلى أن الفكر والعمل التعاونيين ليسا بغريبين عن تراث شعبنا وتقاليده. حيث لجأ أسلافنا في هذه البلاد، ومنذ القدم، إلى أشكال مختلفة من العمل التعاوني كوسيلة للتكافل والتعاضد ومد يد العون للفقراء وصغار المنتجين والمزارعين في تدبير شؤون حياتهم، وشكل نظاماً اقتصادياً في حينه للتغلب على محدودية الإمكانيات المتوفرة مقابل ما يوفره العمل التعاوني الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من موروثنا الاجتماعي والثقافي، لا بل والوطني.
واعتبر أن العمل التعاوني بات يحتل بعداً وطنياً خاصاً، منذ ما بعد النكبة، وقد ازدادت الحاجة إليه بعد الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس عام 1967، وذلك للتعويض عن غياب مؤسسات الدولة، والإسهام في حماية النسيج الاجتماعي، ومجابهة الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن سياسات الاحتلال وممارساته.

وقال "مما لا شك فيه أنه مع تصاعد النشاط الاستيطاني، واستمرار إسرائيل في تقطيع أوصال الوطن وفرض الحصار والخنق الاقتصادي، فإن العمل التعاوني، وتحديداً في الريف والمناطق المهمشة والمهددة من الاستيطان والجدار، بات يشكل عنصراً حيوياً ومدخلاً هاماً لتعزيز صمود أبناء شعبنا في هذه المناطق، وخاصة في القدس الشرقية، والأغوار وسائر المناطق المسماه (ج)، وغيرها".

واعتبر فياض أن إعادة تنظيم سوق العمل ومأسسته، وتحويل الجزء الحيوي من مؤسساته إلى مؤسسات تشاركيه فعالة، يشكل رافعة نوعية وقوية للارتقاء بمستوى الخدمات التي يتم تقديمها للمواطنين. وأشار إلى أن قطاع التعاون يحظى باهتمام الحكومة باتجاه تحويله إلى قطاع تنموي واقتصادي متميز، ليس فقط عبر زيادة فعالية نشاطه الاقتصادي والاجتماعي بصورة عامة، وإنما عبر دعم عملية تحويله إلى قطاع منتج ومُشَغل، وبما يساهم في الربط بين الأهداف التنموية وتلبية احتياجات المواطنين، وخاصة التعاونيين.

وأكد على أن السلطة الفلسطينية تنظر باهتمام بالغ إلى دور الحركة التعاونية والعمل التعاوني بصورة عامة في تطوير المشاركة الجادة في الجهود التنموية، وتوفير السبل العملية للتخفيف من حدة الفقر والبطالة، ودمج المرأة في سوق العمل. مشدداً على أن الحكومة ترى في هذه الحركة عملاً مكملاً لتوجهات عملها. وتطرق رئيس الوزراء إلى مشاريع التنمية ودعم الصمود التي نفذتها الحكومة بالتعاون مع هيئات الحكم المحلي ومؤسسات المجتمع المدني.

وقال " لقد شكلت مشاريع دعم الصمود والتنمية المجتمعية، والتي وصل عددها إلى حوالي ثلاثة آلاف مشروع، نُفذ العديد منها في المناطق الريفية والمهمشة والمهددة من خطر الاستيطان والجدار. ونحن نتطلع إلى وصول الحركة التعاونية إلى وضع يمكنها من إطلاق برنامج طموح يعزز ويكمل هذه الرؤية التنموية. ولا شك في أن هذا المؤتمر التعاوني الذي يعقد بمناسبة يوم التعاون العالمي، يشكل محطة إضافية للتوجه نحو المزيد من تنظيم هذا القطاع الحيوي عبر مجموعة متكاملة من البرامج المؤسسية"، أضاف "إن مجرد وجود حوالي ألف جمعية تعاونية مسجلة رسمياً يعطينا الأمل في أن تتوفر الظروف المواتية لتمكين كل جمعية من تنفيذ مشروع أو أكثر في مجال اختصاصها".

كما أشار رئيس الوزراء إلى ضرورة إعادة تنظيم الجمعيات التعاونية والنهوض بإمكانياتها، وقال "نعلم بالطبع أن عدداً ليس قليلاً من هذه الجمعيات غير فاعل، وغير قادر على الوفاء بتمثيل مصالح أعضائه، وأن هذه الجمعيات لن تتمكن من استئناف نشاطها بدون تدخل مباشر من جهات الاختصاص. إلا أننا مقتنعون بضرورة مساعدة هذه الجمعيات على تجاوز تعثرها، من خلال إدارة التعاون في وزارة العمل والجهات الأخرى المختصة بمراجعة موضوعية لأسباب هذا التعثر وطرق ومتطلبات إعادة تفعيلها".

وأضاف "إن استنهاض الأسرة التعاونية وتعزيز انخراطها في هذا النشاط سيعودان بالفائدة المباشرة على أعضاء الجمعيات وعلى المجتمع الفلسطيني برمته". ودعا فياض الجمعيات التعاونية لتكثيف جهودها من أجل تحديد الأولويات للمشاريع المفيدة للاقتصاد المحلي، والتي تساهم في توسيع العمل التعاوني، والنهوض به وتوسيع نطاقه في إطار الالتزام بمبادئ الإدارة الديمقراطية، وقواعد الإدارة الجيدة، ومبادىء الشفافية والمساءلة، والاهتمام بالعنصر الشاب والعنصر النسوي، وبما سيضيف بالتأكيد حيوية ملموسة للعمل التعاوني.

وأكد أن الحكومة، ممثلة بوزارة العمل، ستتحمل مسؤولياتها تجاه أية مقترحات أو مشاريع تمكن من تنشيط القطاع التعاوني وتطويره، وهي ملتزمة بمنح الأولوية لأية أفكار خلاقة لتطوير هذا القطاع، وتمكينه من المساهمة في الانتاج والتخفيف من الفقر والبطالة. كما انها مستمرة في بذل كل جهد ممكن من أجل تسريع إصدار قانون جمعيات التعاون، وبما يفضي إلى انشاء الهيئة العامة لتنظيم العمل التعاوني.

وعبر فياض عن ثقته بأن مسيرة إعادة بناء وتفعيل الحركة التعاونية رغم أنها مسيرة طويلة وشاقة، وتتطلب الكثير من الجهد والوقت والإخلاص لمبادئ الحركة التعاونية، ستحقق النجاح في إحداث تغيير نوعي في الفكر والممارسة، وبما يمكن هذا القطاع من المساهمة الفاعلة في تعزيز صمود شعبنا نحو تحقيق أهدافه الوطنية، والمتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال وتمكينه من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967.
كما عبر عن أمله في أن يشكل هذا المؤتمر محطة وفرصة حقيقية للنهوض بالحركة التعاونية، والتغلب على كافة العقبات التي تحول دون استنهاضها، وبما يحقق المكانة المرموقة لهذا القطاع في رفد الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الاجتماعية المرجوة