القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أنه بالرغم من أن إسرائيل الرسمية لم تبعد الخيار العسكري عن الطاولة، لا يزال قرارها بمهاجمة إيران بعيداً، وخصوصاً أن غالبية قادة المؤسسة الأمنية، مثل رئيس أركان الجيش بني غانتس، ورئيس الموساد تامير باردو، وقادة الشُعب في جهاز الأمن العام (الشاباك) يعارضون عملية عسكرية إسرائيلية، مشيرة إلى أن وزراء منتدى التسعة يميلون إلى معارضة الهجوم أيضاً.
وفي السياق ذاته، كشف المحلل للشؤون السياسية في الصحيفة، شيمعون شيفر، النقاب أمس الجمعة عن أن مواجهة حادة وقعت مؤخرا بين نتنياهو وبين السفير الأمريكي لدى إسرائيل دان شابيرو، على خلفية موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الملف النووي الإيراني. وقال شيفر، استنادًا إلى مصادر عليمة جدًا في تل أبيب، إن المواجهة بين الاثنين والتي تجاوزت أصول التعامل الدبلوماسي وقعت قبل عدة أيام مع وصول رئيس لجنة الكونغرس الأمريكي لشؤون الاستخبارات مايك روجرز. فقد طلب روجرز لقاء نتنياهو وانضم إليه في اللقاء السفير الأمريكي في تل أبيب، دان شابيرو، كما هو متبع في العرف الدبلوماسي. وخلال اللقاء بين نتنياهو والضيف الأمريكي، أضافت المصادر عينها، حمل نتنياهو بشدة على موقف الرئيس الأمريكي وعلى إدارة أوباما بادعاء أنها لا تعمل بما فيه الكفاية في الشأن الإيراني. ونُقل عن نتنياهو قوله في الجلسة المذكورة إن الرئيس الأمريكي أوباما، وبدلاً من ممارسة الضغوط الفعالة على إيران يمارس ضغوطا على إسرائيل لمنعها من ضرب المنشآت النووية، على حد تعبيره.
وبحسب ما نقلته "يديعوت أحرونوت"، التي نشرت النبأ على صدر صفحتها الأولى وبالبنط العريض، فقد طلب السفير الأمريكي في تل أبيب في خطوة غير مألوفة، حق الكلام ورد على تصريحات نتنياهو بأدب، على حد تعبير المصادر التي أكدت على أن أسلوب الكلام لم يترك مجالاً للشك، حيث اتهم نتنياهو في واقع الحال بتزييف موقف أوباما، واقتبس السفير شابيرو، وهو يهودي يُجيد العبرية بطلاقة، تصريحات أوباما المختلفة بشأن التزام الولايات المتحدة الأمريكية بمنع إيران من حيازة السلاح النووي، وأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، وقال المحلل شيفر إن السفير الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي تراشقا الاتهامات بلهجة شديدة وبحدة متصاعدة.
وعلى الصعيد نفسه أبرزت الصحيفة وعدد من وسائل الإعلام العبرية الأخرى، تصريحات رئيس أركان الجيش الأمريكي الأدميرال مارتن ديمبسي، الذي أعلن الخميس في لندن خلال لقاء مع الصحافيين، وفي مقابلة مع صحيفة "غارديان" البريطانية أنه لا يريد أن يكون شريكًا في هجوم إسرائيلي ضد إيران.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال الأمريكي تكراره لموقفه القائل إنه ليس بمقدور ضربة إسرائيلية القضاء كليًا على المنشآت الذرية في إيران، وأن الجيش الأمريكي لا يريد أن يكون شريكا في ذلك.
ونقلت الصحيفة عن مراسلتها في واشنطن أن تصريحات ديمبسي جاءت في الوقت الذي قالت فيه تقديرات إسرائيلية أن الولايات المتحدة ستكون مضطرة في نهاية المطاف للانضمام للحرب الإسرائيلية ضد إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن ديمبسي حذر في لندن من أن ضربة إسرائيلية لإيران ستؤدي إلى انهيار الائتلاف الدولي ضد إيران. ولفتت الصحيفة إلى أن موعد المواجهة القادم بين نتنياهو وأوباما سيكون في نيويورك عند انعقاد الهيئة العامة للأمم المتحدة حيث أعلن نتنياهو عن عزمه المشاركة في أعمال المؤتمر وإلقاء خطاب شديد اللهجة ضد إيران، ويتوقع أن يؤدي الخطاب إلى تصعيد في التوتر القائم بين نتنياهو وبين أوباما.
في موازاة ذلك، لفتت "يديعوت احرونوت" الى أن بعض المصادر السياسية ذات الصلة القوية بالقضية الإيرانية أبدت خشيتها من إمكان أن تعزز تصريحات كل من نتنياهو وباراك الأمل بعملية عسكرية. وعلى الرغم من أن هذه المصادر رأت أن هذه التصريحات قد تكون تتعلق باستعراضات، لكنها عادت ووصفتها بالإشكالية، وخصوصًا أن المشكلة الأساسية هي أن رئيس الوزراء نتنياهو ببساطة لا يصدق أوباما ولا يثق به، وهو يشعر بأن الرئيس ليس جدياً في ما يقول، على حد تعبيرها. علاوة على ذلك، نقلت الصحيفة عن مصدر أمريكي رفيع المستوى قوله إنه إذا نجح أوباما في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، فإنه يتحتم على نتنياهو أنْ يجد ملجأً يختبئ فيه، على حد تعبيره.
في سياق متصل، قالت الإذاعة العبرية الرسمية باللغة العبرية أن سفير تل أبيب، مايكل أورن، الذي مدد نتنياهو ولايته لسنة إضافية، ألمح إلى أن إسرائيل قد تقرر مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية حتى إذا أسفرت مثل هذه العملية عن إرجاء تطوير البرنامج النووي الإيراني ببضع سنوات فقط. وقال السفير اورن في مقابلة مع وكالة أنباء (بلومبرغ) الأمريكية، أن فترة زمنية تتراوح ما بين سنة وأربع سنوات تعد فترة طويلة في الشرق الأوسط، وأعرب عن اعتقاده بأن الجهود الدبلوماسية لوقف البرنامج النووي الإيراني لم تتكلل بالنجاح وان مفترق الطرق المصيري الذي نتواجد فيه يستوجب اتخاذ قرارات هامة، على حد تعبيره.
على صلة بما سلف، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الجمعة النقاب عن أن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركيل، اتصلت هاتفيًا بنتتنياهو وألحت عليه بعدم الإقدام على توجيه ضربة عسكرية لإيران، وقالت له إنه ملزم بمنح الفرصة للعقوبات الاقتصادية والأخرى المفروضة على إيران، وأيضا فسح المجال أمام استمرار المساعي الدبلوماسية لثني إيران عن مواصلة برنامجها النووي.
ولفتت الصحيفة إلى أن المكالمة تُعتبر خارجة عن السياق، خصوصا وأن العلاقات بين نتنياهو وميركيل في الشهرين الأخيرين شهدت توترًا كبيرا، إلا أن ميريكل قررت الاتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بهدف إيصال رسالة حازمة وصارمة له مفادها أن ألمانيا تُعارض الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران، على حد تعبير المحافل الرفيعة في تل أبيب، كما قالت المستشارة لنتنياهو إنها جدًا قلقة من التداعيات السلبية للضربة الإسرائيلية على الاتحاد الأوروبي وعلى الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، على حد تعبيرها.