أزمة حركة فتح في قطاع غزة مستمرة منذ أشهر ، فمع تشكيل الهيئة القيادية الأخيرة ، ظهرت بوادر الفشل ، نتيجة التشكيل الشخصي والإصطفافات المناطقية والمحسوبيات في عملية التعيين ، وهذا ما جعل صمودها لأسابيع قليلة ، حيث بدأت الاستقالات والانسحابات الواحدة تلو الأخرى ، في إشارة على أن هناك خلل كبير في طريقة إعادة ترتيب أوضاع الحركة في مرحلة غاية في الخطورة .
منذ اللحظة الأولى للحديث عن إعادة ترتيب حركة فتح بالقطاع ، كانت هناك اجتهادات عديدة ، إضافة إلى مطالبات لم تؤخذ بعين الاعتبار ، وكان أهمها العمل على تجنيب الحركة الخلافات الداخلية برأس الهرم للحركة ، وإبقاء القاعدة الفتحاوية متماسكة نظراً لأهمية ذلك في مواجهة ما تتعرض له الحركة من حالة اجتثاث الهدف منها الكُل الفتحاوي وليس شخص أو فئة بعينها .
إن أي محاولة لتقسيم العمل التنظيمي وفق فئات ومناطق وشخصيات ، سيكون وبالاً على أداء الحركة بشكل عام ، وان استثناء كوادر كما يحلو للبعض تسميتهم ( جماعة دحلان ) وتعيين آخرين على أساس الولاءات الشخصية سيكون أحد أهم عوامل الفشل ، فطريقة تصفية الحسابات يجب أن تنتهي بشكل قاطع حتى نستطيع أن نُخرج الحركة من حالة الجمود التي تعيشها ، وحالة التراجع الملموس لأدائها طيلة السنوات الماضية .
كان من الأفضل لنا البحث عن حلول جذرية للمشاكل الداخلية في فتح ، بحيث يبدأ الإصلاح من خلال تعيين لجان المناطق والأقاليم بشكل يرضي الجماهير ، ويعطي انطباع بأن قيادة الحركة تبحث عن التجديد وضخ دماء جديدة لقيادة الحركة وبحثا عن وحدة الحركة وكوادرها ورموزها ككل ، وصولاً إلى إغلاق ملف الخلاف في اللجنة المركزية وعلى رأسه ملف الخلاف بين الأخ الرئيس أبو مازن والأخ محمد دحلان ، لما له من انعكاس سلبي على أداء الحركة وتماسكها ووجودها على الأرض .
سياسة تصفية الحسابات في الواقع التنظيمي ستكون نهاية الحركة ، لأنها ببساطة لن تستطيع تغيير قناعات الكوادر بقيادات الحركة الذين تركوا بصمات ولهم ايجابيات ، أو تغيير الواقع بدون مشاركتهم ، لأن تغييبهم عن الواقع سيكون سلبياً على الحركة ، ومشاركتهم في صنع القرار وتحقيق البرامج سيؤدي بالنهاية لنجاح العمل التنظيمي الذي من المفترض أن يكون معبراً عن طموح وآمال جماهير الحركة .
آن الأوان للم الشمل وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين رموز الحركة ، لأن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية تتعرض لمشروع تصفية ، بموافقة أمريكية إسرائيلية ، وبدعم من بعض الدول العربية ، التي تتمنى إغلاق ملف القضية الفلسطينية من خلال استمرار حالة الانقسام الداخلي ، وتفتيت الوطن إلى شمال وجنوب والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بحركة فتح .
نتمنى أن يتم تعيين قيادة حركية في قطاع غزة ، قادرة على استجماع الجماهير من حولها ، وقادرة عن النهوض بالعمل التنظيمي الجاد ، ليكون بداية لإعادة الإعتبار للحركة ، وإعادة ثقة الجماهير بها ، هذه الحركة التي قادت المشروع الوطني لسنوات طولية ، وقدمت خلال هذه المسيرة عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى ، وعلى رأسهم قائد المسيرة الشهيد الرمز / ياسر عرفات .
&&&&&&&&&
* إعلامي وكاتب صحفي – غــزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت