المؤتمر الثاني لأتحاد المؤسسات والجاليات الفلسطينية بأوروبا - مسؤوليات وتحديات

بقلم: جادالله صفا


قبل ايام انتهى انعقاد المؤتمر الثاني لاتحاد المؤسسات والجاليات الفلسطينية باوروبا، وتكللت نتائجه بالنجاح، وقد شاركت اطراف وشخصيات فلسطينية امثال تيسير قبعة والاب عطالله حنا وعبلة الريماوي زوجة الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والعديد من الشخصيات الفلسطينية الاخرى باعمال المؤتمر كضيوف، وان انعقاد المؤتمر بهذه المرحلة والبيان الختامي الذي صدر عنه يؤكد بلا ادنى شك الى المسؤولية الوطنية العالية التي يتمتع بها القائمون والمشاركون بهذا المؤتمر اتجاه الوطن والقضية والمؤسسات الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وان ما لفت انتباهي هو صراحة البيان الختامي ووضوحه والذي يزيد من مصداقية وطنية القائمين على المؤتمر اتجاه القضايا المصيرية التي تخص الشعب الفلسطيني.

وما لفت انتباهي ايضا ما صدر عن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الاخ جمال محيسن قبل انعقاد المؤتمر، حيث وزع تعميم داخلي افهم منه بأنه تعميم تحريضي بدل ان يكون تعميما وحدويا وداعيا للحوار من اجل وحدة الجالية الفلسطينية باوروبا ومؤسساتها التمثيلية، وبتعميمه يدعي بان الموتمرين لا يمثلوا الا انفسهم، عندما ياتي هذا الموقف من شخص قيادي وعضو لجنة مركزية بحركة فتح يضع علامات استغهام عدة حول الهدف من هذا الموقف، لان هذا الخط هو المسؤول عن هذه الازمة وهذا الواقع الذي تعيشه جالياتنا، وان عصر الهيمنة والسيطرة والتصرف والتحكم بقرارات الجالية واقصاء نشطائها قد ولى، والبديل هو الوحدة الوطنية والمشاركة الجماعية للدفاع عن الثوابت الوطنية، والذي يعيد الجالية الى ممارسة خقها النضالي والوطني.

كان من المفترض على محيسن ان يجيب على سؤال عن اسباب الازمة التي تمر بها الجالية الفلسطينية ومؤسساتها باوروبا، والدعوة الى معالجة الازمة من خلال حوار جاد ومسؤول بين اطراف الجالية مع مراقبة واشراف فصائل العمل ومنظمة التحرير الفلسطينية، فانعقاد المؤتمر جاء امتداد لتحرك استمر لمدة ما يزيد على عشرة سنوات من بعض نشطاء الجالية باوروبا، فالمبادرات يجب ان تلاقي الدعم والتأييد والتشجيع من من يدعي حرصه على المصلحة الوطنية، كذلك بحاجة الى دعم كافة القوى الوطنية التي يهمها اعادة الفعل الى الجالية الفلسطينية وتجمعاتها من خلال اعادة تنظيمها والنهوض باوضاعها النضالية والوطنية، دفاعا عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية بهذه المسيرة النضالية الصعبة.

لقد انعقد مؤتمرا اخرا قبل اشهر باوروبا وهو معروف بالميول السياسية للمشرفين والقائمين على عقده، ولم نسمع اطلاقا من يشكك بانعقاده وحقية تمثيله وتمثيل من شاركوا فيه، وبالاخص من قبل المسؤولين الفلسطينين، كما اصدر هذا الاتحاد بيانا يهاجم به عضو لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للقائه ممثلين للجالية الفلسطينية ببعض المدن الايطالية، فالشرعية لن يحددها هذا الفصيل او ذاك، ولا يحق لاي فصيل او طرف او اكبر راس مهما كان ان يحدد الممثلين للجاليات الفلسطينية وتجمعاتها، وان المؤتمر الذي عقد بمدينة دورتمند يأخذ شرعيته من الجالية الفلسطينية باوروبا، حيث انه لم يأتي وليد اللحظة وانما استمرارا لجهود العديد من نشطاء الجالية على مدار ما يزيد على عشرة سنوات من العمل.

عصر فرض المواقف واتخاذ القرارات بطريقة فردية قد ولى الى غير رجعة، اليوم توجد معادلة جديدة بالساحة الفلسطينية وموازين قوى فلسطينية اخرى كانت غير موجودة بالماضي، وهنا يجب الاعتراف بهذا الواقع والتعامل معه حفاظا على المصلحة الوطنية، والمصلحة الوطنية لا تفهم من خلال رؤية ضيقة وفئوية، وانما تفهم من خلال الحوار ومشاركة الكل بكافة اطيافه وارائه لمعالجة الازمة بمسؤولية عالية وروح وطنية، وان ما جرى من انشقاق باتحاد المؤسسات والجاليات باوروبا من قام به هو طرفا فلسطينيا عرف بهيمنته وسيطرته وفرض ارائه على الساحة الفلسطينية وتجمعاتها بقارة اوروبا.

يجب الاعتراف خبان الوضع الفلسطيني العام يمر بازمة ومأزق وان معالجته لن تتم من خلال انكار وجود الاخرين، وانما من خلال التعامل مع كافة الاراء والقوى التي تتشكل منها التجمعات الفلسطينية، ان عدم الاعتراف بوجود الاخرين يعبر عن عقلية فاشية لا تقود الا الى المزيد من الدمار والخراب على كافة الانجازات الوطنية، ان التعامل مع القوى الاخرى على قاعدة الاحتواء ايضا هي سياسة تقود الى مزيد من النتائج السلبية على كافة القضايا الوطنية، والمشاركة من كافة القوى من خلال فرض رأيا عليها او عدم اهتمام ومبالاة بمواقفها يقود الى مزيد من التفكك بالساحة الفلسطينية، وأن مهمة تجاوزه هي من مسؤولية الكل وعلى راسها حركة فتح وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما تنتظره التجمعات الفلسطينية اما غير ذلك لا يحق لاحد توزيع شهادات تمثيل لاحد، لان التجمعات الفلسطينية قادرة على اختيار ممثليها بعيدة عن هذا المواقف التي اثبت عقمها على مدار عقود من التعامل، سياسة اوصلت الساحة الفلسطينية وتجمعاتها الى ما وصلت اليه الان، وان الثقة بالجالية ووعيها اليوم يفوق نتيجة شعورها اليوم بانها تحررت من قيودا فرضت عليها بالماضي.

جادالله صفا – البرازيل
01/10/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت