القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
يعتبر سوق "محني يهودا" في القدس المحتلة محطة ثابتة في طريق رجال السياسة الاسرائيليين. فقد جرت العادة منذ سنوات على أن يصل كل مرشح إلى السوق ليقوي الصورة الشعبية التي يتمتع بها في محاولة لجذب المزيد من الناخبين لصفه.
في السنوات الأخيرة يمر السوق بتغيرات جذرية، فخلال النهار من الصعب رؤية التغيير ولكن في الليل، عندما يطوي الباعة أكشاكهم ويحملون بضاعتهم، تفتح ما بين الأكشاك المغلقة مقاهي ويحل مكان النساء اللواتي يحضرن للسوق من أجل شراء الخضار، طلاب شباب وشابات يأتون للتمتع ونيل قسط من الراحة بعد يوم من العناء في التعليم.
قامت تسيبي ليفني، رئيسة حزب "الحركة" (هتنوعا) ووزيرة الخارجية سابقاً، التي تترشح للانتخابات في الكنيست بتخصيص يوم الاثنين الماضي للتوجه إلى هذا الجمهور الشاب. وبعد زيارة عدد من الجامعات وصلت إلى حانة "هشوكا" في سوق "محني يهودا" كي تجيب بجو غير رسمي على أسئلة الشباب.
قبل بدء اللقاء بنحو ساعة، كان المكان لا يزال خاوياً، باستثناء نادلين وشاب من طاقم ليفني يقومون بترتيب الطاولات، وبدا عليهم بعض القلق من قلة الحضور. في مطاعم الباستا والسمك في أسفل الشارع بدأ الناس يتجمهرون بالدور كي يتمكنوا من تناول بعض الطعام حتى تصل ليفني. بعد عشرين دقيقة من الموعد أصبح من الصعب العثور على طاولة فارغة، حتى أن أكشاك الخضار القريبة من الحانة أصبحت مكتظة بالطلاب وقد أتوا ليسمعوا ما سيدور من حديث.
نظرة سريعة على الحضور وتبين وجود العديد من الصحافيين الذين عكروا الجو الخاص الذي اكتنف اللقاء. بعد خطابات الافتتاحية الاعتيادية من قبل المنظمين والتي ترافقت بهمسات من الجمهور، انتقل الميكروفون إلى ليفني التي اختارت أن تبدأ أقوالها بقصة عن ابنها البكر، الذي قرر أن ينتقل للسكن في القدس، لكنه لم يأت هذا المساء لأن "لديه أمور أهم ليقوم بها". وسرعان ما تحسن الجو بعد أن أدرك الصحافيون والمصورون بأنهم لن يجدوا هنا عناوين رئيسية تستحق الاقتباس، إنما حوار عما يهم المواطن ، وأصبحت المنصة مفتوحة لجمهور الحانة الذين توجهوا بدورهم ليطرحوا الأسئلة على ليفني.
في تطرقها الوحيد إلى مسألة السلام في هذا المساء، اختارت ليفني أن تشدد في بداية حديثها بأن الخطر الأكبر على دولة إسرائيل والمنطقة حسب وجهة نظرها هو عدم وجود مفاوضات لأجل السلام مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن. كما أضافت ليفني بأن حماس هي أحد المخاطر الكبرى على أي مفاوضات مستقبلية من هذا النوع، وشرحت بأن الهدف الرئيسي هو مد يد السلام والتعاون مع الفلسطينيين والاحتماء من سعي حماس ضد هذه التسوية.حسب قولها
بعد الافتتاحية، شرحت ليفني بأنها قد قضت يوماً طويلاً جداً لم تتمكن خلاله من تناول الطعام، وقالت بأنها ستستغل الاستراحات ما بين الأسئلة لتناول بعض البطاطا المقلية التي وضعها صاحب المحل على الكرسي بجانبها، بينما تذكر المصورون بأنه من غير اللائق تصوير الناس وهم يأكلون.
في مرحلة الأسئلة، ربما لأن موقف ليفني السياسي من مسألة السلام معروف أو ربما لأن قضية السلام لم تعد القضية الأهم بالنسبة للشباب الذين يخشون غلاء المعيشة أكثر بكثير أو من تحول القدس شيئاً فشيئا إلى مدينة متدينة "متزمتة"، فقد احتلت الأسئلة حول القضايا الاجتماعية جل النقاش.
بين سؤال عن إمكانية الحصول على سكن رخيص للأزواج الشابة وبين نقاش عن مشاركة الجمهور المتزمت في سوق العمل، شددت ليفني على أن إحدى المشاكل الرئيسية في الدولة هي سيطرة جهات متدينة على مراكز القوة في الحكومة، وقالت بأن أحد الأهداف الرئيسية بالنسبة لها هو نقل الاحتكار على الدين في الدولة من أيدي المجموعات المتطرفة إلى الجمهور العريض.
قبيل الساعة الحادية عشر ليلاً، شكرت ليفني الجمهور الذي وصل للإصغاء ولطرح الأسئلة، وقالت بأنه سوف يكون من دواعي سرورها أن تجيب على الأسئلة في منتدى أصغر وتمنت للحضور قضاء ليلة ممتعة.
في تلك الأثناء انقض الصحافيون الذين كانوا يجلسون جانباً نحوها بهدف تخليص اقتباس آخر من ليفني يثير الاهتمام وبالمقابل عاد معظم جمهور الحانة إلى مزاولة أشغالهم وعاد الطلاب الشباب إلى التفكير بالدروس التي يجب أن يحضروها في صباح الغد