الوحدة الوطنية لمواجهة سلام نتانياهو

بقلم: مصطفى إبراهيم


إقدام زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو على ضم تسيفي ليفني الى حكومته القادمة يؤشر على ان الاول يعمل على اعادة الاعتبار لحكومته القادمة من خلال الائتلاف معها لتجديد التفاوض، وتحسين صورته على المستوى الدولي، وان حراكا سياسياً يرغبه نتانياهو في تحريك ما يسمى العملية السياسية، وأننا سنكون على الاجندة الاسرائيلية القادمة بناء على رغبة نتانياهو، لتجديد المفاوضات مع الرئيس محمود عباس لتفادي الضغط الدولي وما يجري من غليان في الضفة الغربية، على الرغم من عدم تصدر الملف الفلسطيني حوارات تشكيل الحكومة الاسرائيلية القادمة وتركيز احزاب اليمين على الشأن الداخلي الاسرائيلي.
يتزامن هذا مع زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما للمنطقة الشهر القادم، في ظل تنامي المقاومة الشعبية في الضفة الغربية والمواجهات اليومية احتجاجاً وتضامنا مع الاسرى المضربين عن الطعام، وخوف نتانياهو من زعزعة الهدوء الذي ساد الضفة الغربية ستة سنوات واشتعال انتفاضة كبيرة تهدد ما تم انجازه في الفترة الماضية، لذا نراه يبذل جهدا كبيرا لضم زعيمة حزب العمل تشيلي يحموفتش لائتلافه الحكومي.
والسؤال هنا اين نحن من هذا التوجه الاسرائيلي في حال تم الاتفاق على تجدد المفاوضات، وعن ماذا سيتفاوضون و نتانياهو يزداد تطرفا وتعنتاً، وان مقولة الارض مقابل السلام لم تعد قائمة، وانه يعارض أي تخلي عن ارض بحجة ان كل ارض سيخليها ستتحول الى قاعدة "ارهاب ايرانية"، ويصر على ان يظل الجيش الاسرائيلي موجودا على في منطقة الاغوار وعلى الحدود مع الاردن ومسيطرا على حدود الدولة الفلسطينية، وان ما يجري من عدم استقرار في ما يسمى دول الربيع العربي تقلق اسرائيل، وخطر انهيار النظام في الاردن يعززان موقف نتانياهو ولا ينبغي عليه المخاطرة الآن.
كما ان قضية المستوطنات بالنسبة لنتانياهو ليست امرا سهلا في ظل ائتلاف ستكون غالبيته يمينية وسيعقد اموره وستعزز من تمرد اعضائه، ولديه في الليكود من هم اشد تطرفا من الاخرين، نتانياهو سيوافق في حال كان هناك امر امريكي وليس مجرد ضغط فقط. (كما حدث مع اريئيل شارون في 2003 فأدى به الى الانفصال عن غزة، وهذا ما اكده مستشار شارون دوف فايسغلاس).
نتانياهو يريد سلام على طريقته ودولة فلسطينية منزوعة السلاح ومكبلة بالقيود والشروط الامنية ولن ينفذ أي انسحابات من أي مستوطنة اسرائيلية، وهو يرغب في الاستمرار في المفاوضات وتثبيت وقائع جديدة على الارض، وسيتم البحث ربما في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها كدولة على الورق، وسيكون تضييع للوقت ومفاوضات من اجل المفاوضات والحديث عن كلمات وليس على ارض ودولة مستقلة بحدود معترف بها.
نتانياهو يسعى لتخليص اسرائيل من عزلتها الدولية و يريد الاستمرار في الهدوء، وهو سيؤكد مرة اخرى انه لا يرفض المفاوضات مع الرئيس عباس، وان معارضته لإعلان الدولة الفلسطينية كانت اجرائية وليست جوهرية، وهو اكد الاسبوع الماضي التزامه بخطاب جامعة بار ايلان في العام 2009، "دولتان للشعبين دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تعترف بالدولة اليهودية".
كما ان نتانياهو يسعى للضغط على اوباما بفعل ما ضد ايران تعوضه عن قبوله العودة للمفاوضات مع الرئيس عباس، كما انه سيطلب موافقة الرئيس محمود عباس على عدم الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية او حتى الادعاء على اسرائيل لارتكابها جرائم حرب ضد الفلسطينيين، فهذا يقلق نتانياهو بشكل كبير جداً.
وهنا يبرز السؤال الكبير هل الرئيس عباس جاهز للعودة الى المفاوضات وما يسعى اليه نتانياهو؟ او هل سيرفض الرئيس عباس العودة للمفاوضات وتأجيل ملفات الحدود والأرض والقدس واللاجئين ويعود للمفاوضات من اجل المفاوضات وإعادة 20 عاما من المفاوضات والتي كانت لحساب اسرائيل على حساب القضية الفلسطينية وسرقة الارض والتاريخ وفرض وقائع جديدة على الارض.
هذا يتطلب موقف فلسطيني واضح بسرعة اتمام المصالحة الفلسطينية والوحدة والعودة الى الشعب الفلسطيني وبلورة موقف جماعي يشارك في الكل الفلسطيني، فمن دون وحدة فلسطينية والاتفاق على تفاهمات مبنية على استراتيجية وطنية لمواجهة مخططات اسرائيل المتواصلة وفرضها وقائع جديدة على الارض، وإلا ستتواصل المفاوضات العبثية لخدمة اهداف اسرائيل واستمرار الاحتلال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت