في الزراعة والبيئـة : الأرض لا تـُنبـت إلا ما يسـمح به مناخهـا ومـا يفعلـه العاملـون عليهـا !!!
وفي السـياسـة : هـل تحتـاج المصـالحـة الفلسـطينيـة إلى قمـة بعـد كـل الحوارات ومـا تـم الاتفـاق عليـه !!!
عـُقـدت وانقضـت وكـالعـادة ... لا غـرابـة في قرار ات القمـة العربيـة الرابعـة والعشـرين .... وكالعـادة لا جـديـد إلا ديكـورات قاعـة الاجتمـاعـات العلنيـة ومسـتجدات الدسـائـس والنميمـة في غـرف الاجتمـاعـات الجانبيـة ، وظهـور وجـوه بعيـون نائمـة لناعسـين جـدد مـن الثـوار الجـدد !!!
لكـن وللحقيقـة فقـد فـاحـت وبقـوة أثنـاء الإعـداد لهـذا المؤتمـر رائحـة تـجـديـد أو تـحـويـر أو تحريـف لمبـادرة سـبق طـرحهـا واحتاجـت إلى حروب أربعـة لإنضاجهـا ... حـربٌ مختلطـة مـا بـين أهليـة وعربيـة عربيـة في لبنـان انتهـت بمـا سـُمـي اتفـاق الطـائـف ، وحـرب صهيـونيـة علـى لبنـان ومنظمـة التحـريـر الفلسـطينيـة أدت إلى غـزو أول عاصمـة عربيـة ولكنهـا انتهـت بالخـروج العـزيـز لقـوات الثـورة الفلسـطينيـة مـن لبنـان أواخر 1982 م ... وبالخـروج الـذليـل لقـوات الغـزو الصهيـوني عـام 2000 م ، وحربي الخليـج الأولى والثانيـة ، والحرب الحاليـة الـدائـرة على امتـداد الأرض العربيـة تحـت عنـاويـن الربيـع العربي والدمقرطة والإصـلاح واختلـط فيهـا كـل شـيء بكـل شـيء ولـم يعـد أحـد يعـرف إن كانـت هـذه هي حـروب الفُجـّـار أم هي ثـورات الحشـّاشـين أيـام الإمـارات السـاسـانيـة ... كانـت تلـك المبـادرة هي مبادرة الأمير فهـد يرحمـه اللـه ولي العهـد السعـودي في ذلك الوقـت والـتي تـدحرجـت حتى أصبحـت مبـادرة السـلام العربيـة والتي لـم يعمـل العـرب لهـا و لا عليهـا أي شـيء سـوى ذكـرهـا ( فقـط مجرد ذكرهـا ) في بيـانـات المـؤتمـرات ، ومطالبـة البعـض على هامـش هـذه المؤتمـرات بالتخلـي عنهـا . واليـوم يتجـدد الحـديـث للعمل عليهـا ولكـن بشـكل جـديـد ووجـوه جـديـدة وأقـل مـا يـُقـال فيهـا بعـدمـا سـمعنـاه مـن الإنجليز والفرنسيين والأمريكـان بأنهـا للـتبريـد لمـا هـو محتمـل مـن عمـل عسـكري في المنطقـة وفاجـع للأمتين العربيـة والإسـلاميـة ... تمامـاً كمـا فعلـوا قبـل غـزو العـراق ، أو أنهـا لتجميـد الـوضـع الـراهـن المنتـج للـدولـة ذات الحدود المؤقتـه ( وهـذا هـو البرنامـج المعلـن لجماعـة الإخـوان منـذ أن بـدأت قطر والمصري الأمريكي سـعدالدين إيراهيـم رئيـس مركز ابـن خلـدون التمهيـد لاتفـاق الأمريكـان وجماعـة الإخـوان ) ... أو أنهـا سـتحمـل معـاني جـديـدة سـتمـس الثـوابـت الفلسـطينيـة في الأرض وحـق العـودة .
ولأن الفلسـطينيين لـم يعـودوا يثقـون بأيـة مبـادرة قبـل التـدقيـق والتمحيـص والتحليـل بأقصـى أدوات التشـكيـك حـتى أقصـى أدوات الثقـة بحكـم تـجاربهـم ولكـثـرة مـا تعـرّضوا لـه مـن محـاولات التضليـل وتحـريـف الأهـداف منـذ ثـورة 1936 فسـنبـدأ بالنظـر إلى هـذه القمـة المصغـرة المقترحـة بعـين الريبـة حـتى نـرى حقيقـة مـا سـتنتجـه على أرض الـوطـن ... ومصـدر الريبـة في الأمـر هـو :
ـــ هـذا الحمـاس المفاجـيء للمصـالحـة مـن أطـراف كـانـت هـي المحـرض والممـوّل والمسـتثمر في هـذا الإنقسـام العـار .
ـــ هـذا التبـاطـؤ في إسـتكمـال الانتخابـات الـداخليـة لفـرع جماعـة الإخـوان في فلسـطين أبطـال وأدوات الواجهـة للإنقسـام العـار .
ـــ هـذه المصالحـة الهاتفيـة المفـاجئـة بـين أردوجـان ونتنيـاهـو .
ـــ هـذه الحميميـة المملـوءة بالنفـاق والخـداع التي ظهـرت في زيـارة الرئيـس الأمريكـي للمنطقـة
ـــ هـذا الـتوسـل والتسـول ظاهـراً وباطنـاً لاسـتدراج الـتدخـل العسـكري الأجنبي ... هـذا الأجـنبي الـذي صنـع نكبتنـا ... وهـو الحامي والمـدافـع الشـرس عـن ممارسـات الاسـتيطان والتهـويـد لأرضنـا الفلسـطينيـة وفي قلبهـا القـدس والأقـصى .
ـــ ثـم هـذا الإنقـلاب عـلى كـل الشـعارات الـتي طالمـا نـادت بهـا التيـارات السـياسـية المتلبسـة والمتسـترة بالإسـلام هـذا الإنقـلاب المتمثـل في التحـول مـن شـعـار المـوت لأمـريكـا و لإسـرائيـل ... وخـيبـر خـيبـر يـا يهـود ... واسـتبدالهـا بشـعارات الرغبـة الجـادة في المطالبـة بالتحالـف الاسـتراتيجي مـع أمـريكـا ... ووصلـت درجـة التطـاول بالبعـض على رسـول اللـه عليه الصـلاة والسـلام عندمـا وصفوا التحالـف مـع الناتـو بأنـه كحلـف الفضـول ولو حضره الرسـول لباركـه وانضـم إليـه ... والخطـابـات الرسـميـة للصـديـق العـظيـم والعـزيـز ( المسـتجـد ) شـمعـون بيريـز والمليئـة بكلمـات الـود الطـارئ والتمنـي بـرغـد العيـش لشـعب إسـرائيل .
ـــ وأخـيراً هـذا الإصـرار الغريـب على على حـرف الصـراع العربي الصهيـوني والفظـائع الصهيـونيـة بحـق الفلسـطينيين عـن وجهتـه الحقيقيـة الجامعـة لأبنـاء الأمـتـين العربيـة والإسـلاميـة وتجاهلـه المطلـق ، والإصـرار بالـتركـيز على نشـر الصراعـات الإثنيـة والطائفيـة والمذهبيـة المفـرّقـة والمفتتـة ليـس للأمـتين فقـط ولكـن للأسـرة الـواحـدة . وفي هــذه الأجــواء :
مـاذا يـريـد الـداعـين والمـتزعمـين لهـذه القمـة ؟؟؟
ومـا الـذي يمكنهـا أن تنتجـه ؟؟؟
وهـل ســتحـقق المـصـالحـة ؟؟؟
أم سـتعمـق الإنقسـام وصـولاً إلى طمـس حقيقـة القضيـة والعـودة بهـا إلى مجـرد لاجـئين ومضطهـدين بحاجـة للعـون الإنسـاني ... فقـط الإنســانـي ؟؟؟
أم هـي محـاولـة أخـرى للتغلـب على فشـل أولـى المحـاولات والخطـوات لتمكـين جمـاعـة الإخـوان فيمـا يسـمى ثـورات الربيـع العربي عنـدمـا خـرجـوا علينـا بالحيلـة المفـبركـة والمـزورة لمـا يسـمى وثـائق المفـاوضـات الفلسـطينية الإسـرائيليـة والتنـازلات الفلسـطينيـة في أراضي القـدس والضفـة ... فخـرج الفلسـطينيـون يلتفـون حـول الرئيـس ، ويهتفـون ضـدهـم بـدلاً مـن أن يهتفـوا : الشـعـب يـريـد إسـقاط الرئيـس ؟؟؟
عندمـا نجـد أن صنـّـاع القـرار في هـذه القمـة يسـتبدلـون عبـارة : إن المجتمعـين في هـذه القمـة يقـررون مـا يلـي ... بعبـارة : إن المجتمعين في هـذه القمـة يـدعـون إلى ما يلي ... فيتحـول القــرار إلى مجـرد دعــوة أو تـوصيــة ... فلـن نسـتغرب أن يستتبدل دعـاة ومـتزعمـي القمـة المصغـرة لإنهـاء الإنقســام عبـارتهـا الشـهيرة يـوم طالبـت بسـحـب المبـادرة العربيـة وسـُئلـت عـن البـديـل عنـدمـا قـالـت : ليـس أمامنـا إلا الدعـوة لإنهـاء الاحـتـلال بالتوســل .... فهـل نسـتغرب أن تكـون أعمالهـا لتعميـق الانقسـام ، وتسـتبدال عبـارة الـدعـوة لإنهـاء الاحـتـلال بالتســوّل بـدلاً مـن الـتوســل ؟؟؟ وهـل سـنسـتغرب عنـدمـا ينتهـي الأمـر لإنهـاء هـذا الاحتـلال بعبـارة دارجـة هي : حسـبنـا اللـه ونعـم الوكيـل في هـذا الإحـتـلال ... فتصبـح الـدولـة ذات الحـدود المؤقتـة واقعـاً يضمنـه معـبر رفـح ومغـارة جماعـة الإخـوان في غـزة ( الضامـنين لـوقـف الأعمـال العـدائيـة ضـد الكيـان الصهيـونـي بعـد الاشـتباك الصـاروخي الأخير ) .... ولمـاذا الاسـتغـراب إذا علمنـا أن مـتزعمي هـذه القمـة هـم من كـان ولا يـزال من أهـم المخططين والروافـد لهـذا الإنقسـام ... والـذي نكتـشـف في مسـتجداتـه اليوميـة ، ومـن خـلال تراتـب إجـراءات الجماعـة في مصـر والتي تبـدو وكأنهـا تطبيقـاً متسلسـلاً لكتالـوج جماعـة الإخـوان في غـزة ... نكتشـف وكأنـه قـُدم للأمريكـان كـنمـوذج لقـدرة هـذه الجماعـة على ضبـط الأمـور في الأماكـن والأقاليـم التي يسـيطرون عليهـا ... غافلـين أو غـير مـدركـين عـن حقيقـة أن الـواقـع في غـزة مختلـف وأقـل تنـوعـاً وانفتاحـاً وتواصـلاً عـن الـواقـع في الأقاليـم المحيطـة بهـا !!!
الشـكوك كـبيـرة بإن مبـادرة الـدعـوة للقمـة المصـغـرة لـتحقيـق المصـالحـة الفلسـطينيـة لـن تكـون إلا غطـاءً لتعـديـل صفـة شـرعيـة التمثيـل لمنظمـة التحريـر الفلسـطينيـة ... أو تحـويـر وتطـويـر ... إن لـم تكـن تـحريـفاً لتلبيـة أغـراض تصـلـح لأي شـيء ... إلا لتحقيـق المصـالحـة ... وتفعيـل مبـادرة الســلام العربيـة !!!
حسـناً فعـل الرئيـس الفلسـطيني عندمـا رحـب بهـذه القمـة على أمـل أن يسـتطيـع الفلسـطينيـون تـدويـر زوايـاهـا ووضعهـا على المسـار المحـقق للثـوابـت الفلسـطينيـة ... تمـامـاً كمـا فعلـوا مـع مبـادرة المرحـوم الأمير فهـد وثابروا للعمـل عليهـا حتى صـارت بشـكلها الحالي .
اللهـم إن هـذه شــكوكـي وفقـاً لمـا عايشـته وشـاهـدتـه وسـمعـت عنـه فاجعـل لي أجـر المجتهــد !!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت